أخبارزواياصحيفة البعث

الحركة العروبية على مفترق طرق النقد الذاتي أول الإصلاح

د. مهدي دخل الله

تنعقد على مدى يومين (25-26 الجاري) في دمشق الدورة الثانية والستون للأمانة العامة للمؤتمر العام للأحزاب العربية. يضم هذا الاجتماع ممثلين لأحزاب من تونس ولبنان واليمن وفلسطين ومصر والبحرين والأردن والسودان إضافة إلى البلد المضيف سورية.

الدورة السابقة انعقدت أيضاً في سورية ( شباط 2017 ) تحت عنوان (دورة الوفاء لسورية).

الدورة الحالية تركز على قضيتي القدس والجولان في إطار أكبر وأخطر مشروع لتصفية العرب وقضيتهم المركزية، تحاول فرضه اليوم واشنطن على أنظمة عربية تابعة وخانعة بشكل غير مسبوق في التاريخ المعاصر..

التطورات الحاصلة في منطقتنا تؤكد أمراً واحداً، إن حركة التحرر القومي العربي تضاءل تأثيرها في الرأي العام وفي السياسة العربية بشكل واضح وخطير. فبعد عنفوان الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي بدأ التراجع واضحاً مع كامب دايفد واختراق العلم الصهيوني

لِوَعْينا على مبنى بجانب نهر النيل.

ثم توالت بعد ذلك المصائب على العروبة وحركتها، من حرب لبنان إلى احتلال الكويت إلى احتلال العراق، وأخيراً محاولات وتدمير وإخضاع أخر ضوء في النفق المظلم.. سورية..

خطابنا التحليلي يركز دائماً على الوصف ويقف عنده دون تخطيه إلى المعالجة. فالتشخيص ليس له معنى إن لم يكن مقدمة نحو العلاج. لقد برعنا في التحليل التوصيفي لدرجة أن خطابنا يعرف الخفايا كلها، أسبابها ومضامينها، لكنه يقف عاجزاً حائراً عند المعالجة فيلجأ إلى الشعارات والتمنيات والقصائد، مزيداً بذلك الطين بلة.

لكن أي توجه نحو تصور المعالجة ينبغي أن يبدأ بالنقد الذاتي. كفانا إلقاء كل همومنا على الغير. المشكلة الحقيقية هي فينا، والعيب فينا وليس في زماننا.

أكبر خطأ بنيوي ووظيفي ارتكبناه، هو الخلاف الدائم بين فصائل حركة التحرر القومي العربية .لا أذكر أن هناك فصيلين في هذه الحركة متفقان استراتيجياً سوى في امبراطورية الشعارات..

حكم القوميون سورية ومصر والعراق والجزائر ولبنان ودولاً عربية أخرى ، لكن لم يتفق هؤلاء على شيء. بالعكس، العلاقات في الثلاثي القومي الكبير مصر وسورية والعراق كانت دائماً سيئة على الرغم من أن خطابهم الشعاراتي واحد، لدرجة أنهم يمكن أن يكتبوا بياناً واحداً دون توقيع ويتلوه كل منهم بتوقيعه الخاص.

لم ينجح القوميون في تشكيل ما يشبه (مجلس التعاون الخليجي) ولم ينجحوا – على الأقل – في وقف الحروب الإعلامية بينهم أو السماح لمواطنيهم بالتعاون مع أشقائهم في بلد أخر يحكمه أيضاً القوميون..

أما الثورة الفلسطينية فحدث ولا حرج.. أي ثورة تلك التي يتصارع في داخلها أكثر من ستة عشر فصيلاً. هذا يساري وذلك يميني، هذا إسلامي وذلك علماني، والأصعب من ذلك، أن التيار اليساري  نفسه فيه فصائل مختلفة ومتنازعة، وكذلك التيار الإسلامي وغيره!..

ثم هناك من يتساءل: كيف أصبحت الدوحة والمنامة والرياض العواصم الفاعلة في الكل العربي؟ أين القاهرة وبغداد ودمشق؟؟… إن كفاح الشعب العربي السوري اليوم هو لإيقاف هذا الانهيار، فالحلقة الأخيرة في السلسلة القومية ينبغي أن تتماسك وتنتصر لتعيد إحياء الأمل…

mahdidakhlala@gmail.com