دراساتصحيفة البعث

ترويكــــــا الشـــــر

 

ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع غلوبل ريسيرتش 28/6/2019
كل يوم نقرأ عن “خطة” أمريكية إما لغزو مكان جديد أو إلحاق الأذى بطريقة أخرى لإقناع حكومة أجنبية “لا تمتثل لها” بكيفية التصرف. في الأسبوع الماضي كانت إيران، لكن في الأسبوع المقبل يمكن أن تكون دولة أخرى مثل لبنان، سورية، فنزويلا، أو حتى روسيا أو الصين اللتان تعتبرهما “تهديداً لها”.
ربما تكون الولايات المتحدة فريدة من نوعها في تاريخ العالم التي ترى تهديدات في كل مكان، على الرغم من أنها ليست في الواقع مهدّدة من قبل أي شخص، وإلى جانبها إسرائيل التي ترتكب أعمالاً وحشية كل يوم بحق العرب العزل. فقد أطلق الجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي النار وقتل أربعة متظاهرين عزل وجرح 300 آخرين، بينما قامت الشرطة الإسرائيلية بغزو مدرسة فلسطينية للأيتام في القدس المحتلة وأغلقتها لأن الطلاب كانوا ينظمون مهرجاناً شعرياً “نعم للسلام.. لا للحرب”!.
وهناك أيضاً السعوديون، الذين يقطعون علناً رؤوس 37 من “المعارضين” في مشهد وحشيّ ناهيك عن القصف والتجويع المتعمّد لمئات الآلاف من المدنيين الأبرياء في اليمن.
إنهم حقاً ترويكا الشر، وهو التعبير الذي استعمله مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، على الرغم من أنه كان يقصد تطبيقه على كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا، وجميع الدول “الاشتراكية” الموجودة حالياً على “قائمة أهداف” واشنطن.
تشكّل أمريكا، السعودية وإسرائيل محور الشر بنظر الرأي العام العالمي، حيث تشترك الدول الثلاث في شعور غير نزيه بأحقيتها، الأمر الذي يدعم خرافتها بأن سلوكها القمعي وغير الشرعي قانوني في كثير من الأحيان.
من المؤكد أن هذا الأمر لا ينطبق على كل الأميركيين أو السعوديين أو الإسرائيليين، فالكثير منهم يشعرون بالفزع مما تقوم به حكوماتهم، حيث يرزخ السعوديون تحت أنظمة متسلّطة وليس لديهم الكثير ليقولوه عن حكومتهم، وفي الولايات المتحدة هناك شعور متزايد مناهض للحرب، ولعلّ الدافع لقلق الأمريكيين هو شعورهم بأن صراعات ما بعد 11 أيلول جرّت البلاد بشكل أعمق إلى الحروب التي ليس لها مخرج ولا نهاية، ولسوء الحظ، ليس لدى النشطاء المناهضين للحرب في أمريكا قيادة وهم غير منظمين.
تدور المناقشات المتعلقة بالسياسة الخارجية حول ما يمكن أن تكون عليه المرحلة القادمة لواشنطن في الشرق الأوسط، وستشمل عملية صنع القرار حتماً الولايات المتحدة و”حليفتيها المقربتين” إسرائيل والسعودية، والتي ينبغي ألا تفاجئ أحداً. في حين أنه من الواضح أن الرئيس دونالد ترامب أمر بشنّ هجوم على إيران قبل إلغاء الإجراءات المتخذة في اللحظة الأخيرة. ولعلّ إحدى النظريات التي روّج لها ترامب نفسه، هي أن الهجوم كان غير متناسب مما أسفر عن مقتل المئات من الأفراد العسكريين الإيرانيين مقابل طائرة استطلاع من دون طيار. كان من الممكن لمقتل الإيرانيين أن يضمن تصعيداً فورياً من جانب إيران التي تملك القدرة على ضرب أهداف بالغة الأهمية في منطقة الخليج وحولها، وهو عامل ربما يكون قد تمّ إدراجه أيضاً في حساب التفاضل والتكامل الرئاسي.
أدى إلغاء ترامب للهجوم إلى إطلاق صيحات غضب فورية من حشد الصقور في واشنطن، إضافة إلى تكرار المطالب الإسرائيلية والسعودية بمعاقبة إيران على نحو أكثر حدة، رغم أن كلاهما يشعران بالقلق أيضاً من أن الردّ الإيراني الشامل سيكون قاسياً، ويأملان في أن تنجح أسلحة واشنطن بشكل كبير في ضرب إيران بسرعة.
والحقيقة أنه سوف يتمّ تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية خلال السنة المقبلة لإرضاء بعض الدوائر الانتخابية التي سيكون لها دور حاسم في الانتخابات الرئاسية لعام 2020. يمكن للمرء أن يعتمد على المزيد من الامتيازات الممنوحة لإسرائيل ورئيس وزرائها القاتل بنيامين نتنياهو للحصول على الأصوات اليهودية، والأهم من ذلك المال. كان جون بولتون موجوداً بالفعل في إسرائيل لتلقي أوامره من نتنياهو في الأيام القليلة الماضية، وبالتالي فإن اللعبة قد بدأت بالفعل وسيكون ترامب متساهلاً مع السعودية لأنه يريد بيع أسلحة تُقدّر قيمتها بمليارات الدولارات مما يجعل الدوائر الانتخابية الرئيسية للمجمع الصناعي العسكري محظوظة.