ثقافةصحيفة البعث

الشـــــباب ودورهـــــم الثقافـــــي في لقـــــاء “شــــآم والقلـــــم”

ربما يكون استهداف الثقافة أشد عنفاً وهمجية من غيره لأن الثقافة هي الحصن الأخير الذي يبقى للأمة، وعندما تهدم وتتهالك فإن المجتمع يصاب بمقتل حقيقي وبالتالي يتم استهداف الشباب بل يكون المستهدف الأساسي، وفي حوار مفتوح مع بعض المعنيين بالشأن الثقافي لمناقشة هموم الشباب والثقافة قدم “شآم والقلم” لقاءه بعنوان “للثّقافة نداء.. هل تشرَّع الأبواب؟!” أداره الأديب محمد الحوراني الذي قال:

لأن الحرب كانت بجزء كبير منها على الشباب، ولأننا نحاول العمل معاً لنكون يداً واحدة في العمل والبناء، فقد اخترنا لهذا اللقاء أن يكون مشتركاً بين قطاعي النشر الخاص ممثلة بــ ـد.نبيل طعمة مدير دار الشرق للطباعة والنشر، والحكومي الممثلة برئيس اتحاد الكتاب العرب الأديب مالك صقور، لأن الاتحاد يجب أن يكون قد أخذ مكانة متقدمة عن غيره من المؤسسات، ويمكن للشباب أن يجد ملجأه فيه وربما يكون المؤسسة الأقرب إلى مؤسسات المجتمع المدني بمعناه الحضاري، وبالتالي يعوّل الشباب عليه، وعندما نتحدث عن دور النشر الخاصة يتم تسليط الضوء على نقاطها الإيجابية، وبالتأكيد هناك البعض من أصحابها توجهوا إلى الشباب محاولين احتضان مواهبهم والإضاءة عليها وتبني هذه الأعمال بالطباعة. واليوم لسنا أمام استعراض بقدر ما هو نقاش بين القائمين على هاتين المؤسستين وبين هموم الشباب المثقف.

بلا مضمون

ما جرى في سورية يستحق أن نتدارسه وأن نفرد صفحات أدبية لمعالجة المشاكل والبحث عن حلول، وعن هموم وشجون العمل الثقافي، وما الذي فعله مدير دار الشرق للطباعة والنشر بالشأن الشبابي قال د. طعمة:

نحن بحاجة ماسة إلى هذه اللقاءات وأخرى فكرية وثقافية، لا يكفي القول أن هناك مشكلة بل يجب المبادرة لإيجاد الحلول التي تكون بتضافر جميع الجهود، رأي الشباب اليوم مهم جداً ودورهم فعال وحاسم في التقدم، لا ضير في النظر إلى الماضي، ولكن يجب الاستفادة من خيره. والفرق بيننا وبين الغرب أنهم يستخدمون “السين” التأكيدية بمعنى يقولون “سنعمل”، أما نحن نقول “سوف نعمل، سوف نبني”، هذا التطور مسؤولية من؟ وعلى من يقع عاتق إحداثه؟ وأستطيع القول أننا مازلنا نستعين ببدائية تقدمية لم تتقدم إلى مستوى التقدم، وأنا أقول الحقيقة لأننا نريد مناقشة المشكلة من جذرها.

أما بخصوص النشر وما يُقدم للدور من إبداعات الشباب قال د.طعمة: لقد اطلعت عبر سنوات طويلة على مؤلفات الشباب وهم في الحقيقة بطيئون جداً في عملية التقدم والحماس، والخبرات تواكب الحاضر بأبعاده الضيقة لا بأبعاده المفتوحة التي تولد للأجيال القادمة الرؤى التي تبدأ من الكلمة، والإنسان روحها.

إن بقينا ننظر إليها من وجهة نظر واحدة لا يمكن إحداث أي تطور، أحياناً تقدم لنا روايات شبابية أقرأها لا أجد فيها أي فعل فكري حقيقي مؤثر، لا نريد أن نبقى كما هو حال درامانا 90% منها ترجمات تحوّل إلى نص عربي دون أي فكر، نريد فعلاً ثقافياً حقيقياً وفعلاً منتجاً مؤثراً نصل به إلى الرقي والتطور والتقدم، وأتمنى من جيل الشباب النشاط والاجتهاد أكثر، والاستفادة من المشروع الثقافي النهضوي وليس التقليدي، ونحن جاهزون لطباعة ونشر وتوزيع أي منشور يقدم لنا من كافة الأجناس الأدبية.

بناء العقول

لقد كشفت هذه الحرب أموراً كثيرة منها المعاناة من احتلال العقل وغسيل الأدمغة الذي تعرض له الشباب في هذه الأزمة، ونحن اليوم نتكلم عن أزمة بناء جيل الشباب حيث قال رئيس اتحاد الكتاب العرب الأديب مالك صقور:

لقد اجترح الجيش العربي السوري الأساطير والمعجزات والممثل الحقيقي له هو الشباب الذي سيّج الوطن بدمه وأضلاعه، ومن هنا نأتي إلى مسالة الثقافة بمفهومها، فقد قدمنا أكثر من ندوة ومؤتمر ثقافي عن معنى “الثقافة” ولكن اليوم من أين نبدأ بالتحدث عن الشباب: هل نبدأ من العطالة والبطالة حيث سيشتكي الكثيرون من قلة العمل وخاصة بعد التخرج من الجامعة، هل نتحدث عن الفجوة بين اتحاد الكتاب وجامعة دمشق مابين الكاتب والطالب، مشكلة الشباب –برأيي- هي مسألة الانزياحات الكبرى وليس الانقلابات التي تمنع التقدم والتطور، والسؤال الذي يحضر: كيف نستطيع بناء منظومة وعي معرفية وثقافية للتخلص من هذا الجحيم، كيف نعيد بناء عقول الشباب؟ وكيف نفتح المراكز الثقافية للشباب؟ وهناك مشكلة كبيرة أن الحضور لمثل هذا اللقاء يمثل الشباب ربعها فقط لا غير، وفي الحقيقة هي معاناتنا مع الشباب منذ ربع قرن بين الشباب والمراكز الثقافية.

مبادرة

وأضاف: في مبادرة نوعية من وزارة الإعلام أدعو إلى تشكيل ورشة ثقافية مؤلفة من وزارت الثقافة والإعلام والتربية واتحاد الكتاب العرب، للبحث بكيفية تطوير أدوات النشر، والعمل على رد الهجمة الظلامية على سورية وخاصة لجيل الشباب؟ أما من الملام والمذنب لترك جيل الشباب القراءة والكتابة؟ بالتأكيد هناك أسباب كثيرة ولكن لا يمكن الاستسلام لهذه الأسباب، فالإبداع بالنسبة للشباب وغيرهم هو عمل فردي أما الثقافة فهي عمل جماعي، ويد واحدة لا تصفق لذلك يجب التعامل مع جميع الجهات والمؤسسات الثقافية ودور النشر، بالإضافة إلى نقل نشاطات اتحاد الكتاب العرب إلى الجامعات والطلاب لأنهم جيل الشباب وجيل المستقبل.

مشكلات

وتناوبت الاقتراحات والمشاكل ما بين الشباب والمعنيين بالشؤون الثقافية ومن بينها عدم الدخول إلى روح المشكلة وإيجاد الحلول المباشرة لها وإذا أوجدنا حلولاً هل نستطيع أن نفسح لها المجال لتتحرك إلى الأمام وترى النور وهذا ما يجب مناقشته للأجيال القادمة.

ورأى الإعلامي ديب علي حسن أن اللقاء لم يلامس العمق تماماً، واتحاد الكتاب العرب شبه نائم ولا يتواصل مع الإعلام، وقد أصدر منذ فترة لا تتجاوز الشهرين مجموعة شعرية لشاعرة تجاوزت الـ 55، وليست عضواً في الاتحاد وطبعت ووزعت بإصدار 2018، مازالت الإصدارات قديمة فكيف سيتم التواصل مع الشباب نحن نحتاج في الأسبوع الأدبي لصفحة تعنى بأدب الشباب وفي مجلة الموقف الأدبي أيضاً.

ويمتلك شرف الدين رمضان -طالب لغة عربية- موهبة أدبية شعرية نثرية والمشكلة التي يواجهها علاقة الناقد بالشاعر، وعندما لجأ إلى المراكز الثقافية بدعوة وجهت له نسف الناقد قصيدته بسبب خطأ نحوي، ومن خلال مواكبته للوسط الثقافي يصنف النقاد لنوعين: الإيجابي الذي يمتلك أدوات وصفات الناقد، والنوع الثاني من يمتلك أدوات النقد دون امتلاكه للأسلوب، وبالتالي نصل إلى السؤال أين دور وزارة الثقافة؟ وعلى أي أساس تقدم هذه الألقاب؟ بالإضافة إلى قضية هامة جداً وهي عدم الإيمان بمواهب وطاقات الشباب وبكل بساطة يقولون “لا تكتبوا”.

بدوره عرف جود الدمشقي عن فريق مئة كاتب وكاتب المؤلف من 450 شخصاً من كل المحافظات، وجاءت مشكلته على الشكل الآتي: قبل رد الهجمة الظلامية الخارجية لا بد من رد الهجمة الجهنمية الداخلية التي نعاني منها، بمعنى رد السوري الذي يحاربني وأخرجني من المراكز الثقافية، والمشكلة الأساسية التي نعاني منها عدم الاعتراف بنا أننا قادرون على عمل شيء من أنواع الأدب.

وقدم عضو اتحاد كتاب العرب الأرقم الزعبي بعض الحلول حيث قال: ضمن احتفالية العيد الذهبي للاتحاد هناك استهداف للشباب في كل المحافظات عبر  مسابقات في القصة والشعر، وسيتم اختيار ثلاثة أعمال فائزة من كل محافظة لتتويج الأعمال على مستوى القطر وهناك جوائز قيمة وطباعة للمجموعات الفائزة، وضمن فروع الاتحاد سيتواجد نادي القراءة، بالإضافة إلى وضع مكتبات صغيرة تكون بمتناول اليد في كل مكان، ولكن يبقى السؤال هل بالضرورة أن ينجح مثل هذا الفعل؟.

جمان بركات