دراساتصحيفة البعث

خـــــان شـــــيخون.. انتصــــار ســـــوري آخـــــر

ترجمة: البعث

عن موقع إستراتيجيك كلتشر 30/8/2019

يمثّل تحرير خان شيخون من قبل الجيش السوري انتصاراً مهماً آخر نحو إنهاء الحرب التي استمرت ثماني سنوات في سورية، حيث شهدت الأيام الماضية العودة إلى الحياة الطبيعية النسبية في المدينة التي كانت محاصرة من قبل إرهابيي “تنظيم القاعدة” لأكثر من خمس سنوات.

شهد الصحفيون الدوليون من إيطاليا وبلغاريا واليونان وروسيا عودة السكان والجهود المبذولة لاستئناف خدمات الكهرباء وإعادة فتح المدارس بعد أن تعرّضت خان شيخون للنهب من قبل الجماعات الإرهابية المهزومة، وعلى الرغم من الدمار، شعر السكان بالارتياح لبدء مهمة ترميم ما كان في السابق لبلدة تشتهر بثقافتها وجمالها قبل اندلاع الحرب في آذار 2011.

إن ما خلّفه الإرهابيون المهزومون، إضافة إلى هوية المقاتلين القتلى، هو دليل كبير على انتمائهم الإرهابي، فقد كان الكثير منهم مرتزقة أجانب. ما يعني أنه خلال السنوات الماضية تحوّلت خان شيخون إلى معقل لمجموعة “هيئة تحرير الشام” التي كانت تُعرف سابقاً باسم “جبهة النصرة” المحظورة دولياً والتي تعارضها الحكومات الغربية رسمياً.

ويُظهر الاستيلاء على البلدة مرة أخرى الطبيعة البغيضة للحرب السورية باعتبارها عدواناً برعاية أجنبية لتغيير النظام المنتخب ديمقراطياً، وبات من المعروف الآن أن حكومة الولايات المتحدة وحلفاءها في الناتو وبريطانيا وفرنسا وتركيا وآخرين، متواطئون تماماً برعاية سرية لهؤلاء الإرهابيين.

بعد تحرير المدينة، كان من الواضح أنها كانت وكراً للجماعات الإرهابية. ومع ذلك، ولسنوات أعلنت وسائل الإعلام الغربية أن هؤلاء الإرهابيين كانوا “متمردين” يستحقون الدعم من خلال التدخل الغربي. على الرغم من أن القوات السورية كانت تشنّ هجومها على محافظة إدلب في الأشهر الأخيرة، إلا أن وسائل الإعلام الغربية كانت منشغلة بالتقارير الصارخة عن “الإرهابيين” الذين قتلوا في الغارات الجوية للجيش العربي السوري.

وبشكل ملموس، قوبل النصر الكبير في خان شيخون بصمت مذهل بين الحكومات الغربية ووسائل الإعلام، وقد شوهد النمط المزدوج نفسه من قبل عندما قام الجيش العربي السوري بتحرير دوما والغوطة ودرعا وحلب ومعلولا والعديد من المناطق الأخرى التي يحاصرها “الإرهابيون” المزعومون الذين تمّ تغطيتهم في الإعلام الغربي. لقد كان السكان السوريون مرتاحين وسعداء دائماً لاستعادة الجيش السوري والقوات الحليفة حريتهم وكرامتهم، وكانت قصصهم عن الرعب والتعذيب والقسوة التي تعرضوا لها على أيدي الإرهابيين المدعومين من الغرب في الأسر مروعة.

هذا هو السبب في أن تحرير خان شيخون، كما هي الحال مع المناطق الأخرى في سورية، كان لا بد من تجاهله من قبل وسائل الإعلام الغربية، لأنهم إذا أدّوا واجباً صحافياً عادياً، فإن ما يتعلمه الجمهور الغربي هو أن حكوماتهم كانت متواطئة في جرائم حرب ضخمة ضد الأمة السورية.

ومما يدعو إلى مزيد من الاشمئزاز أن تحول الولايات المتحدة جهودها لمنع إعادة إعمار سورية التي مزقتها الحرب. هذا الأسبوع تشهد سورية مهرجاناً كبيراً تحت اسم معرض دمشق الدولي السنوي بحضور وفود من نحو 40 دولة لاستكشاف طرق تجديد الاقتصاد السوري ومواجهة تحدي إعادة الإعمار التي وضعت بعض التقديرات الحدّ الأدنى من إصلاح البنية التحتية بتكلفة 388 مليار دولار، هذه التكلفة يجب أن تتحملها كل من واشنطن ولندن وباريس وأنقرة والرياض والدوحة وتل أبيب للعدوان الإجرامي الذي مارسوه جماعياً على سورية.

قبل معرض دمشق الدولي، حذّرت الولايات المتحدة المستثمرين الأجانب المحتملين من أنهم قد يواجهون عقوبات إذا وقعوا اتفاقيات اقتصادية مع سورية، وهو ما دفع وزارة الخارجية الروسية لإدانة الجهد الأمريكي لتخريب إعادة إعمار سورية. وكما قال المشرّع الروسي فاليري راشكين، الذي كان في سورية الأسبوع الماضي، فإن الولايات المتحدة تحاول تدمير سورية من خلال الحرب الاقتصادية بعد أن فقدت أجندة الحرب العسكرية القذرة، وليست أمريكا وحدها المدانة، فالاتحاد الأوروبي يقف مداناً أيضاً لاستمراره في فرض عقوبات اقتصادية على سورية.

الآن شارفت الحرب على الانتهاء بعد أن تعرّضت الدولة السورية للعدوان الإجرامي المدعوم من الغرب، وباتت كل الاتهامات السابقة ضد الدولة السورية باطلة ولاغية باعتبارها دعاية خبيثة. وبالتالي، فإن العقوبات المفروضة على سورية هي هجوم على البلاد من قبل دول يجب أن يكون تورطها الإجرامي في الواقع مسألة مقاضاة. وأخيراً يمكننا فقط أن نتمنى للشعب السوري الخير، وبالتضامن الدولي من روسيا والصين وإيران وغيرها، سوف تستعيد سورية قوتها وفخرها السابقين. لقد حقّقت سورية انتصاراً هائلاً، والخاسرون هم الغربيون الفاسدون من إعلام وحكومات.