الصفحة الاولىصحيفة البعث

موسكو: ممارسات “قسد” الاستبدادية ضد السوريين تتصاعد سورية تدعو مجلس حقوق الإنسان للخروج من حالة الارتهان للضغوط الغربية

 

توالت حالات وفاة المهجّرين في مخيم الهول، ولا سيما بين الأطفال، جراء نقص الرعاية الصحية في المخيم، الذي تسيطر عليه ميليشيا “قسد”، وتتحكّم بعمليات وصول المواد الإغاثية إليه، فيما دعا السفير حسام الدين آلا، المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في جنيف، آليات مجلس حقوق الإنسان إلى الخروج من حالة الارتهان لضغوط الدول الغربية الداعمة لفرض الإجراءات القسرية الأحادية على الدول، وكسر حلقة الصمت غير المقبول في بياناتها وتقاريرها تجاه ذلك. فقد تزايدت الممارسات القمعية والتعسفية لميليشيا “قسد” الانفصالية، حيث كُثرت عمليات القتل والمداهمات والاختطاف من قبل عناصر هذه الميليشيا المدعومة أمريكياً بحق الأهالي، وذلك استمراراً في محاولاتها لفرض سطوتها على السكان لتمرير مخططاتها الانفصالية، بما يخدم مصالح داعمها الأمريكي في المنطقة.
وذكرت مصادر أهلية أن ميليشيا “قسد” اختطفت أحد المدنيين، بعد مداهمتها منزله في قرية المشيرفة بريف الرقة الشمالي واقتادته إلى جهة مجهولة، فيما قامت باختطاف 6 شبان من حي الحزاونة وسط مدينة منبج بريف حلب الشمالي الشرقي بقصد تجنيدهم بشكل قسري في صفوفها. وأشارت المصادر إلى العثور على جثة شاب قتله مسلحون مجهولون في شارع الوسط بمدينة الطبقة بريف الرقة الغربي، في حادثة تتكرّر كثيراً جراء حالة الفوضى وانتشار الجريمة وترويج وتعاطي المخدرات في المناطق التي تنتشر فيها ميليشيا “قسد”، المدعومة من قوات الاحتلال الأمريكية، ناهيك عن التضييق على الأهالي، وابتزازهم عبر فرض الأتاوات والضرائب على أملاكهم، وسوق أبنائهم إلى ما يسمى “التجنيد الإجباري” في صفوف تلك الميليشيا.
وعلى الصعيد الإنساني توالت حالات وفاة قاطنين في مخيم الهول، حيث لفتت المصادر إلى وفاة طفل جراء نقص الرعاية الصحية في المخيم، الذي تسيطر عليه ميليشيا “قسد”، وتتحكّم بعمليات وصول المواد الإغاثية إليه، ما ينذر بحدوث كارثة إنسانية نتيجة التدهور المستمر لأوضاع القاطنين في المخيم والنقص الحاد في المياه والمواد الغذائية والظروف غير الصحية، التي أدت إلى انتشار الأمراض بينهم وخاصة الأطفال، حيث يؤدي كل يوم تأخير في إزالة المخيم إلى وفاة المزيد من قاطنيه.
إلى ذلك، أعلنت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن ممارسات ميليشيا “قسد” الاستبدادية ضد السوريين مستمرة، وبدأت تأخذ منحاً تصاعدياً، وقالت في مؤتمرها الصحفي الأسبوعي: “الاحتجاجات ضد مسلحي “قسد” من قبل الأهالي الذين يرفضون الأنظمة الاستبدادية لإدارتها وخاصة الخدمة القسرية في صفوفها لا تتوقف أيضاً”، لافتة إلى وقوع العديد من الاحتجاجات في آب الماضي وقبله.
بالتوازي، دعا السفير حسام الدين آلا المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في جنيف آليات مجلس حقوق الإنسان إلى الخروج من حالة الارتهان لضغوط الدول الغربية الداعمة لفرض الإجراءات القسرية الأحادية على الدول وكسر حلقة الصمت غير المقبول في بياناتها وتقاريرها تجاه ذلك، وأوضح، خلال الحلقة النقاشية رفيعة المستوى حول التأثيرات السلبية للإجراءات القسرية الأحادية على التمتع بجميع حقوق الإنسان بما فيها الحق بالتنمية، أن سورية تتعرض منذ العام 2011 لطيف واسع من التدابير القسرية الأحادية التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلفاؤهما، والتي طالت قطاعات اقتصادية وخدمية ومعيشية حيوية، وأضرّت بالأوضاع المعيشية للشعب السوري.
وأشار السفير آلا إلى أن المقرر الخاص إدريس جزائري وصف في تقريره إلى المجلس في أيلول 2018 التدابير القسرية المفروضة على الجمهورية العربية السورية بأنها تنتهك ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني والحقوق الأساسية للمواطن السوري بما في ذلك حقه بالغذاء والصحة وتفاقم من معاناته الإنسانية، وبيّن أن التقرير أوضح أن الأضرار الإنسانية الواسعة التي خلّفتها التدابير القسرية تنفي كافة المزاعم التي تم التذرع بها لفرضها، ومع فشل الحرب على سورية بلغت التدابير القسرية الغربية مؤخراً مستوى الحرب الاقتصادية والحصار لحرمان الشعب السوري من أساسيات الحياة، بما في ذلك وقود التدفئة والأدوية المنقذة للحياة وحليب الأطفال، ووصلت إلى حد ممارسة الإرهاب الاقتصادي عبر التهديد بإدراج الأفراد والشركات المشاركة في معرض دمشق الدولي على قوائم العقوبات.
وعبّر السفير آلا عن ترحيب سورية بالعمل الذي يضطلع به المقرر الخاص جزائري لتحديد وتطوير عناصر لإعلان يصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة حول التأثير السلبي للإجراءات القسرية الأحادية على التمتع بجميع حقوق الإنسان بما فيها الحق بالتنمية، مشدداً على أن التوافق حول اعتماده يمكن أن يشكّل مدخلاً نحو إعادة التوازن الدولي والتصدي للمخاطر التي تستهدف التعددية في العلاقات الدولية، وصولاً إلى إلغاء هذه التدابير التي تنتهك ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، وأشار إلى أن التزايد المضطرد في عدد الدول المستهدفة بالإجراءات القسرية الأحادية التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلفاؤهما واتساع نطاق التدابير إلى خارج الحدود الوطنية للدول وصولاً لتهديد أطراف ثالثة بالعقوبات لإجبارها على الانصياع لتلك التدابير غير القانونية، والخضوع لمصالح الدول المتبنية لها ولسياساتها الخارجية يثير الكثير من التساؤلات القانونية والمشاغل السياسية والأخلاقية التي يتوجب على مختلف هيئات الأمم المتحدة تناولها، والمساهمة في الحد من تأثيراتها السلبية على مجموعة واسعة من حقوق الإنسان بما في ذلك الحق بالحياة.
وأضاف السفير آلا: إن فرض تدابير اقتصادية قسرية تضر بمعيشة المواطنين في البلدان المستهدفة هو ممارسة تتناقض مع نص وروح ميثاق الأمم المتحدة ومع التزامات حقوق الإنسان للدول بسبب تجاوز تداعياتها حدود بلد المصدر وإضرارها بحقوق الإنسان الأساسية لمواطني البلد المستهدف، واعتبر أن من المثير للسخرية أن يتم تبرير فرض التدابير القسرية بذرائع حماية حقوق الإنسان عندما يكون تجويع شعوب الدول المستهدفة وسيلة لتركيعها.
وفي السياق نفسه، أكد نائب رئيس مجلس الدبلوماسيين الروس السفير السابق أندريه باكلانوف أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين يحاولون عبر تشديد إجراءاتهم الاقتصادية القسرية أحادية الجانب على سورية تحقيق ما لم يتمكنوا من إحرازه باستخدام الإرهاب ضدها، وأضاف: إن العاملين في العديد من المحافل الدولية بعيدون جداً عن الواقع السوري وعما يجري في سورية، وهم تحت تأثير الدول الغربية، ويأتمرون ببرامجها، ولذلك لا نسمع لهم صوتاً في إدانة ما يتعرّض له الشعب السوري من حصار، فيما قالت كبيرة الباحثين في مركز دراسات بلدان الشرق الأدنى والأوسط في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية إيرينا فيودوروفا: إن الهدف الرئيس من السياسة الغربية تجاه سورية هو إسقاطها لأنها تنتهج سياسات مستقلة تخدم مصالح شعبها ومستقبله، لذا يحاول الغرب بكل السبل والاتجاهات السياسية والعسكرية والدبلوماسية والاقتصادية محاصرتها والتضييق عليها.
وأضافت الخبيرة الروسية: إننا نشاهد أن الدول والشخصيات وحتى الشركات التي تحاول إقامة علاقات اقتصادية تجارية مع سورية تتعرّض لعقوبات، وتضم إلى قائمة العقوبات الأمريكية والغربية لعزل سورية ومحاصرتها اقتصادياً، ومنعها من التخلص من آثار الحرب الإرهابية المدمّرة التي فرضت عليها، ولكن أصدقاء الشعب السوري، وفي مقدمتهم روسيا وإيران والصين وغيرها، لم ترهبهم العقوبات الغربية، التي اعتادوا عليها، ويواصلون تعاونهم مع الحكومة السورية لإعادة إعمار البلاد وإنعاش اقتصادها، وأكدت أن الحرب الإرهابية على سورية لم تكن وليدة أوضاع داخلية، وإنما كان الدور الأكبر للاعبين الخارجيين، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة والعديد من الدول الإقليمية والخليجية في إشعال نار هذه الأزمة وتأجيجها.