ثقافةصحيفة البعث

الأدب والفن لكتابة التاريخ

 

جلال نديم صالح

“في الأعمال الفنية من حقائق التاريخ أكثر مما في كتب التاريخ منها” هذه مقولة للفنان تشارلي تشابلن لو توقفنا عندها قليلاً وطرحنا السؤال: هل يصلح الأدب والفن ليكونا أحد مراجع التاريخ؟ سيكون جواب الكثيرين خصوصاً الباحثين في التاريخ هو النفي القاطع انطلاقاً من أن المرجع الوحيد والصادق للمعلومة التاريخية هو كتب التاريخ فقط، وهي من يمكن الركون إليها والوثوق بمصداقيتها عند البحث في هذا الجانب من العلوم الإنسانية.
لو بحثنا قليلاً لوجدنا أنفسنا نقرأ تاريخ أقدم الحضارات من خلال فنونها عبر الرسوم التي تغطي جدران الكهوف واللوحات الفنية التي أنجزتها تلك الحضارات، حتى الأدوات التي كانت تستخدم في البناء وتسهيل سبل المعيشة يمكن أن تقدم لنا الكثير عن تلك الحضارات وتعكس مستوى تطورها وتخبرنا عن تاريخها الشيء الكثير، ولو وقفنا اليوم عند بعض الكتب التي وصلتنا على شكل قصص أو روايات أو أخبار والتي لم يكن الهدف الأساسي منها نقل التاريخ سنجدها تقدم لنا الكثير من جوانب التاريخ بعفوية وصدق من خلال وصف حياة الناس وأساليب معيشتهم وعاداتهم، وسنجد في بعضها توثيقاً لأهم الحروب والأحداث البارزة التي حدثت في فترات زمنية قد تكون موغلة في القدم، كما سنجد الكثير من القصص الحقيقية لأشخاص كانت حياتهم وإنجازاتهم وما أحاط بها مادة فنية دسمة تناولتها المؤلفات المختلفة، وهذه في أحد جوانبها تمثل أيضاً جانباً تاريخياً هاماً عن تلك المرحلة، وكذلك الحال عندما نتحدث عن الأفلام التي وثقت للحرب العالمية وكذلك اللوحات الفنية عن تلك الحرب رغم أن الكثير منها اتخذ الشكل الرمزي في أحيان كثيرة للتعبير عن قسوة الحرب، وحتى لانذهب بعيداً يمكننا أن نتحدث عن بعض الأفلام السينمائية والأعمال الدرامية وحتى بعض الروايات واللوحات التشكيلية التي أنجزت في فترة الحرب على بلدنا، والتي لو عدنا إليها بعد فترة زمنية سنجدها تحمل في طياتها تاريخ مرحلة عاشتها سورية باختصار شديد.
إن الأدب بأشكاله من قصة ورواية وحتى الفنون من مسرح وسينما وفن تشكيلي، وبالرغم مما قد تحمله من عناصر التشويق والإثارة وتدخل خيال صناعها كفنون ناجحة، إلا أنها قد تكون من مصادر التاريخ المهمة إذا ما أحسنت قراءتها بشكل صحيح .