ثقافةصحيفة البعث

أيام الفن التشكيلي

 

أكسم طلاع

تنطلق بعد منتصف الشهر القادم فعاليات أيام الفن التشكيلي السوري وتبدأ بافتتاح معرض الخريف السنوي الذي يعتبر مهرجانا للفنون التشكيلية، وقد بدأت التحضيرات لإقامة أنشطة موازية ورديفة لهذه الاحتفالية إذ تشكلت لجان متخصصة في تحكيم الأعمال وتحديد المقبول منها للعرض والاقتناء، كما شكلت لجان ستعمل على إقامة الندوات الثقافية الحوارية بين الفنانين والمهتمين من نقاد وإعلاميين، بغية تطوير الواقع التشكيلي ومناقشة آفاقه ومعوقات تقدمه، وقد شهدت فعاليات العام الماضي مثل هذا الأمر حيث أقيم عدد من الندوات والمعارض الجانبية في بعض صالات العاصمة ضمن برنامج أيام تشكيلية، كما واكب القائمون في وزارة الثقافة هذه الأنشطة، وفي حصيلة ذلك تحقق تحسن ملموس على مستوى التنظيم وسوية العرض، لكن الطموح يبقى كبيرا قياسا إلى مكانة الفنون التشكيلية في سورية وأهمية حضورها على المستوى العربي والدولي، مما يقتضي مراجعة هذه البرامج وتوسيع دائرة تأثيرها ونقلها من الموسمية إلى حالة عمل دائمة تتعدى تلك الملتقيات التي نعرف كواليس انتقاء المشاركين فيها وبيئة العمل، وتواضع الدعم المتوقع من قبل الجهات الخاصة وانعدام مشاركة الفعاليات الاقتصادية، في حين نجد في بعض الدول المجاورة أن البنوك والمؤسسات الخاصة تقدم نفسها كشريك في بناء الثقافة ودعم الفنون، كما تستثمر في هذا الاتجاه وتستغل أي نشاط في تأليف حملة دعائية تتوخى تأثير منتجاتها وحضورها الاقتصادي المنافس، كذلك تساهم في اقتناء عدد من الأعمال الفنية.
من جهة أخرى هناك أمور تتعلق بالفنان التشكيلي السوري، إذ لا بد من طرح عدد من الأسئلة أولها عن نوعية المنتج وقيمته وحدود المعاصرة فيه والالتزام، وهل هذا المنتج لا زال يمتلك تلك العافية التي كانت متوفرة فيه خلال عقود الثمانينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وأين حدود تأثير التجارب الحديثة فيه كما يجب أن نسأل أنفسنا كمعنيين بالشأن الثقافي والتشكيلي تحديدا عن دور هذا المنتج في مواكبة الأحداث الكبيرة والتي أثرت عميقا في النفس الإنسانية، مثلما أثرت في الهويات الوطنية لبعض الثقافات، ولننظر إلى ماتنتجه الشعوب الأخرى والنظم الثقافية صاحبة المشاريع التي تتعدى حدودها الوطنية، وهل نستطيع إثبات الذات الإبداعية في هذا الخضم العالمي القائم على الفوضى ومسخ الثقافات تلبية لمتطلبات الهيمنة ونهب الحقوق.