ثقافةصحيفة البعث

على الخدين من وَلَهٍ.. يكادُ الشِّعرُ يندلق

 

تستمر فعاليات الأسبوع الثقافي لفرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب بمختلف أنواع الفن والأدب، وتحت عنوان “على الخدين من وَلَهٍ.. يكادُ الشِّعرُ يندلق” قدم ثمانية من الشعراء ينتمون لأجيال مختلفة قصائدهم الخاصة، وأدار الفعالية الشاعر خضر مجر.
بدأ الشاعر جابر سلمان بقصيدة عبر فيها عن حبه لسورية وعراقة دمشق بعنوان “بنت الأبجدية” قال فيها: “بأحداقِها تغفو محبّاً متيَّما.. بِأعتابها تجثو عشيقاً ومُغرَما هي السّحر تاهت في مفاتنه الرؤى… هي الوجه تغريه المفاتن بلسما… أجلُّ من النُّعمى وأنقى طلاقةً… وأنضرُ من ثغرِ الصّباح تبسُّما… وينسلُّ وهجُ الشّمس في جنباتِها… ويحضنها الشّطُّ الوريفُ مُسلِّما… وفي كلِّ حيٍّ للأحبةِ لفتةٌ… يطيرُ إليها من لها الوجدَ أسلما… على شطِّها ترسو، وتبحر موغلاً بعيداً… وتمضي حيثُ شئتَ وكيفما”.
وللتغني بحب الوطن وبأهمية تكريس العدالة جمع الشاعر جهاد بكفلوني بين الأصالة والمعاصرة، فقال: يا زورقي كم ذبْتَ للشطّآنِ!.. فارقْتها قسْراً فليْتكَ كانِ.. هل كان زادُك غصَّةً مكلومةً.. ترجمتها دمعاً على الأجفانِ.. ما يسرُّ حزنِكِ ما خبتْ نيرانُهُ.. يوماً وتشكو جفوةَ النّيرانِ؟!.. ينداحُ حولَكَ غابةً ممتدّةً.. وتراه قفْراً عامراً بالجانِّ.. والإنس تقرؤهم رسائلَ مزّقتْ.. من قبل مضِّكَ مطْلَعَ العنوانِ.. ماذا تريدُ؟ هجْرتَ دُنياكَ اكتوتْ.. بشرورها ملعونةَ البركان.. واخترت وحدكَ في الفناءِ جزيرةً.. مهجورةً منسيّةَ السكانِ.. تخلو لذاتك تستعيد مرارةً.
وتغنت الشاعرة أحلام بناوي بدمشق وحضارتها وجمالها بعفوية صادقة وعاطفة أنثوية، وقدمت قصيدة قالت فيها: “الوردُ أصدقُ إنباءً.. كم من بيانٍ عسكريٍّ ليس يحفظُهُ أحد.. كم من قصيدة عاشقٍ راحت تُغنَّى للأبد.. كم من حضاراتٍ سَرَتْ.. وجذورها هذا البلد.. تأتي القصيدة بلسماً لِتُرَابيّ المعنى الذي يمضي بنا نحو الطريق.. تأتي الرصاصة بغتةً لتربي الحزن العميق.. في الحرب ننسى أننا بشر ونهزم رغم هول الانتصار.. في الحب ندخل حربنا متجرّدين من السلاح.. فلا سلاحَ سوى الحوارْ.. تغدو هزائمنا انتصاراً.
وللتعبير عن حالات اجتماعية ونفسية عكست صوراً من الواقع ألقى الشاعر محمود الخطيب قصيدة “احبك”: “أحببتك ولهاً في ولهٍ كصغيرٍ يعشق عصفورا.. إن غرد حيناً أسعده أو طار فيبكي محسورا.. أحببتك قبلاً في حلمي وبحبك كنت المشهورا.. أحببتك قطراً من مقلٍ دمعاً لا يقبلُ تصويرا.. أحببتك كالمدمن خمراً وخمور عيونكِ مسحورة
وقرأت الشاعرة أسمهان حلواني قصائد بعنوان “إيقاظ المكامن” و”تجريد” و”ومضات”: “عند زاوية الوحشة.. أهدهد بشاشة الظل.. وأبسمل.. على ملح الوسادة.. أفنّد الغفوات.. يعبرني النعاس.. وأنت الشاخص بالفكرة.. تدلل الوقت والحلم نوم”.
وتحت عنوان “موطني الشمس” وبحس انتمائي وعاطفة قوية قالت أمل مناور: موطني الشمس.. يا موطناً سبق انبلاج الفجر.. في بثِّ الضياء.. ومضى يغني.. أغنيات النصر.. يشدوها بأعلى صوته.. حتى تطاول.. في معانيها السماء.. ومضى ليعلنها مدوية.. على كلِّ الوجود.. بأنني باقٍ.. بقاء البدر.. ليس يمرُّ بي.. مادمتِ الدنيا.. الفناء..”.
وكان لشعر التفعيلة حضوره من خلال نصوص ألقتها الشاعرة عبير الديب: لعطرك في المعطف الأسود.. ضجيج يقض رؤى مرقدي.. ضجيج كأن الحياة تحن.. لضوع التراب بصبح ندي.. لعطرك بصمة كف نبي.. يداوي حنيني بوعد الغد.. يسير على ماء روحي خفيفا.. ويعلن بشراه في معبدي.. لعطرك سحر حليب الأمومة.. واليتم فيّ طغى سيدي.
وفي ختام الفعالية كرم رئيس الفرع محمد الحوراني فريق مئة كاتب وكاتب الذي يضم أكثر من 564 مبدعاً ومبدعة من جميع محافظات سورية، وقال مسؤول الفريق الشاب جود الدمشقي: كنا بانتظار هذه اللحظة التاريخية بعمر الفريق الذي جمع مئات المبدعين على المحبة والأدب والموهبة، وبانتظار هذا التكريم الذي يمس كل شخص وكل موهبة منهم، فكل فرد من أفراد هذه العائلة، تم تكريمه اليوم لأننا مؤمنون بأننا جميعنا بكل ما لدينا من أدب وفن وتمثيل ورسم وغناء ننصهر تحت مسمى فريق المئة.
حضر جسد الفريق كاملاً، وسافر الكثير من أماكن بعيدة ليشهدوا ولادة نصر جديد بعد الكثير من النكسات التي أعثرت تقدم الفريق، وعجز الكثير عن وصف الفرحة التي كانت تنتاب كل عضو من أعضاء الفريق الذي ناضل ليصل إلى المنبر ووصل، واليوم حصد ثمرة تعبه، ولذة نجاحه. آمن الفريق بأن لكل مجتهد نصيب، ولم ينسحب من بداية المعركة بل قاوم كل أنواع الإحباط والحرب والموت والضياع وصعوبات الحياة ليكون له هذا الاسم اللامع بين النجوم، وكان.
جمان بركات