ثقافةصحيفة البعث

قاف قاف جيم

باب البيت بلا مقبض والنوافذ خلعت حياءها.. الريح تسرح وتمرح في كل الزوايا..

الهاتف يرن

– ألووو.. أريد التكلم مع ليلى..

– أهلا بك سيدتي.. أنا الذئب.. للأسف، ليلى ذهبت إلى مقبرة البلدة لدفن جدتها التي ماتت قهراً.. من يتكلم كي أخبرها..!

– يا إلهي…! لروحها ألف سلام.. قل لها اتصلت معك الحكاية..!

***

مدَّ يده إلى جيب الليل، سحبَ رزمة ضوء..

فاكتشف أنَّ ذاكرة العشاق مثقوبة..!

عاد حزيناً واتكأ على كتف نجمة كي تغفو السماء

يا له من قمر..!

***

كان يمسك الريشة، يحدّق في عالم الخيال، ثم يخطّ من معين وجده وجوهاً تشبهه..

وكلما أنهى عمله عانقته لوحته.

***

في كل صباح، يسير مبتسماً بقرب الشاطئ

ويجرّ بيده حوضاً مليئاً بالأسماك الملونة..!

***

وقفتُ مشدوهاً عندما نزل تمثال أحد القادة العظام من أعلى النُصب التذكاري المشيّد في ساحة المدينة ليلتقط صورة معي..

ربما اعتقد أنّي سائح أجنبي..!

***

لم تكن امرأة عادية، فقد اعتادت في أصباح الحرب

أنْ تشهر قلم الحمرة وتعلن مواجهة المرآة.

***

استوقفته شارة البداية العطشى..

تأملَ الرملَ المتناثر على أطراف الأغنية،

أدركَ وقتئذ أنَّ مسلسل (في الطريق إلى الواحة)

مجرد سراب..!

***

كان مولعاً بالحياة.. ولكن الحرب أفقدته يديه..

قرأ في صحيفة الصباح زاوية بعنوان على قدم وساق..

احتضن ذاكرته وبكى..!

***

الكلّ، يخاف الطبيب النفسي.. اليوم زرته، جلسنا.. كان المكان هادئاً..

قال لي بدأت الجلسة

قلتُ له تفضل..

بدأ يحكي لي عن أوجاعه.. أصغيتُ له بكل حواسي..آه.. كم كان يتألم.

قبل أن أودعه، كتبتُ له مجموعة نصائح وألا يتردد في طلبي وقت يشاء…!

***

أعجبتها بلاد الغربة كثيراً.. وفي كل مدة كانت تنظر إلى صور طفولتها وتعيد شريط الذكريات.. ولكنّ صوتَ الثروة الذي استبد بها كان يأمرها بالبقاء..

فكرت كثيراً، وأخيراً قررت أنْ تفتح معملاً لصناعة الحنين.

***

في ليلة تشرينية باردة، استغل الدلو غفوة البئر، سار على رؤوس أصابعه لينتقل إلى بئرٍ أخرى كانت قد وعدته بمزايا أفضل.. وقبل أن يهمّ بالهروب، فتحت البئر عينيها وقالت له: خذ الحبل معك.. وكنْ على يقين أنني لن أفشي سرّك.

***

بعدما اصفرت أوراق اللقاء، جاء العتاب بنكهة سوريالية.. فاشتد صهيل المطر..! وقبل أن يغادرا، ارتجف المكان، نظرا معاً إلى السماء.. شاهدا البرق يمارس غوايته.. فأدركا حينئذ أنَّ الرجوع قد ذاب..!

***

كان متعلقاً بكلمة الأمل، ولم يدرِ أن الآتي سيعاكسه..

تخلّى عنه أولاده ورموه عُرضة لنهش الكلام.. مرّت الأيام متثاقلة.. سأل أصدقاؤه عنه..

قالوا لهم: استقر في دار الأمل للمسنين…!

***

قرأ لها بعض قصائده على ضوء الحكاية..

فأسدلت الشمعة عينيها وغفتْ.

***

خيانة موصوفة..!

قبل موعد القهوة، كان يرصّع حروف اللقاء بحبات “الهيل”.. ولم يكنْ يدري أنها في كل نهار تشرب من فنجانين.

***

ختم مسيرته الشعرية بقصيدة المطر..

امتنعت كل الصحف عن نشرها بسبب البرق المنهمر فيها..

اقترح عليه أحد باعة الكتب أن ينشرها على حبال الرعد..!

***

منذ طفولته كان يحب مراقبة الناس، ولم يمت هماً كما يقولون.. وعندما كبر، وضع جمرتين في المنقل.. راقبهما كيف كانتا تتجاذبان أطراف الاشتعال.. أخذته غفوة.. فوجدوه رماداً..!

***

في أغلب الأيام كان يرى في منامه أنه يطير ويحلّق عالياً دون أجنحة.

وخوفاً من سقوط مفاجئ، رسمَ على الأرض بجانب السرير مدرج هبوط..!

***

قال قبل رحيله..”كثيرون حول السلطة.. قليلون حول الوطن”..!

ووفاء لطيب ذكراه، قرروا أن ينظموا مسيرة ليلية..

وأنْ يشعلوا أصابع الفقراء شموعاً..!

رائد خليل