صحيفة البعثمحليات

خطوط الأخلاق

بات افتعال الأزمات في السوق سلوكاً ألفه المواطن “مستهلكاً” وخبر مواسمه وتداعياته ومسبباته “مواطناً”، ليغدو فقدان تلك السلعة أو المنتج وحتى الخدمة في ليلة وضحاها أمراً متوقعاً في أي لحظة يرغب فيها أرباب السوق وأمراء التجارة وحيتان الاحتكار بتحقيق مكاسب ومرابح طائلة ولو كان على حساب القانون وقدرات الناس، وقبل هذا وذاك تجاوزاً لخطوط الأخلاق الحمراء.
قد تكون الحروب والحوادث والضغوط الاقتصادية وصفحات الحصار بيئة خصبة لاستفحال التأزيم وتفشي الاختلال في عرض السوق وطلبه، لكن ثمة محصنات يعول عليها الكثير في التصدي لمعارك التلاعب بمتطلبات التجارة الداخلية وحتى الخارجية، أهمها “الثقة” بالدولة ومؤسساتها، وثانيها الوعي المجتمعي ضد الشائعات وحملات الترويج والادعاء.. وصراحة تتجلى المشكلة في الرافعة الأخيرة التي تنساق مباشرة وراء ما يلفقه البعض ويسوق له في وقت يدرك الكثيرون أن قناعة ثابتة مفادها أن للدولة أدواتها وأذرعها وحلولها القوية أي أسلحتها “الناجعة” في معالجة اعتلالات السوق الموضوعية والظرفية وحتى المقصودة منها.؟
نعرف أن ظروفاً ما تساهم برفع نسب الاختناقات، منها ما هو مرتبط بتوفر المادة وتكاليفها، ومنها يتعلق بعوامل النقل والشحن، وبعضها مرتبط بالسوق الخارجي وفنيات وإداريات التوريد وتعهدات القطع، أما المختلف في الخصوصية السورية انتشار الفاعلين الذين ينشطون تحت أي مسمى وبمناسبة ودونها، وللأسف لا تكون الأجهزة دائماً موفقة في المعالجة وقطع الطريق، إما لأنها مخترقة وفاسدة ومترهلة أو أن المتاجرين والمحتكرين أقوى وأكثر وزناً في إثبات اليد على الأرض.؟
جديد الأزمات المفتعلة والمتكررة يتجلى في “الغاز والسكر والمحروقات والمواد الأساسية والدواء… و…و” التي يضج بها السوق وبلمح البصر يحصل الزحام ويتراكض الناس ويتاجر المتاجرون، وتكبر وتتعقد مسافة الوفرة، حيث للمؤسسات مسؤولياتها واستحقاقاتها تجاه المواطن والسوق.وللعنصر البشري فعله غير السليم واللا أخلاقي، أما الأسباب التي تشيع فجلها شماعات وبعضها حقيقة، فبحكم التجربة أن لجاجة المواطن وضيق خلقه ونقه وضوجانه وغريزة قطيعة تدفعه لخلق زحمة وصنع أزمة، وهو وحيد على باب الفرن أو عند البقال يشتري “علكة” ويجتر إساءاته.؟
علي بلال قاسم