تحقيقاتصحيفة البعث

زخارف شبابية!

لم يترك أية مساحة في جسمه إلا واستثمرها لصناعة تلك اللوحات المتعددة التي تعبّر، كما يقول، عن شخصيته الحقيقية المخبأة وراء قناع اجتماعي متخم بالكثير من القيم، والمفاهيم، وثقافة العيب، وغيرها من المنظومات التربوية التي خضع لها دون قناعة، وبضغط من أهله، أما اليوم فهو في مرحلة الشباب والحرية التي يؤمن بها ليفعل ما يشاء، وليكون حر التصرف بجسده، وبما يريد أن يفعله على دراجته النارية وحياته بأكملها.
طبعاً الأفاعي والحيوانات المفترسة والعبارات التي ترمز إلى فتاة الأحلام، وغيرها من الأشكال التي ترسم على الجسد، تشكّل قاسماً مشتركاً بين آلاف الشباب الذين يتسابقون إلى تلك الغرف المظلمة ليطلقوا العنان لأفكارهم وقناعاتهم المتمردة على الواقع من خلال العلامات الغامضة، والزخارف، والرسومات التي توضع على أجسامهم للخروج أولاً عن المظهر المألوف للجسم، وبالتالي حصد المزيد من المعجبين والمعجبات، والتتويج على منصة الإثارة، وثانياً للتعبير عن حريتهم الشخصية، وأفكارهم العصرية التي جعلت من أجسامهم مسرحاً للتقليد والتأثر بالمشاهير والنجوم، وخاصة نجوم كرة القدم والغناء.
لا شك أن لغة الوشم التي لاقت وتلاقي إقبالاً كبيراً من الشباب دفعت الكثيرين إلى امتهان هذه المهنة من قبل أشخاص ليست لهم علاقة بالعمل الطبي، وفي أحيان كثيرة يفعلون ذلك بطريقة مقززة ومقرفة وشاذة، كما تقوم صالونات ومراكز التجميل بإجراء الوشم دون أي ترخيص قانوني، حيث يتفنن هؤلاء برسم الأشكال على الأجساد مقابل مبالغ مالية كبيرة، حسب طبيعة الوشم وحجمه، وذلك بإحداث ثقوب صغيرة بالجلد تضاف إليها بعد حصول النزيف، مواد أو أصباغ تكسب الوشم لوناً معيناً يصبح ثابتاً ويدوم لفترة طويلة، وتصعب إزالته دون الانتباه إلى أن أغلب المواد الكيميائية المستخدمة في الحبر هي صبغات صناعية صنعت لأغراض أخرى مثل دهان السيارات، وتؤدي إلى تلوث دم الإنسان عند ثقب الجلد فيصبح عرضة للإصابة بأمراض خطيرة، عدا عن الأخطار الصحية الناجمة عن تلوث الأبر المستخدمة في الوشم نظراً لاستخدامها أكثر من مرة، ولأكثر من شخص، ولا يقف الأمر عند هذا الحد فعملية إزالة الوشم بحد ذاتها عملية بالغة الخطورة.
نحن، من خلال طرح هذه القضية، لا نريد مصادرة الحرية الشخصية للشباب، أو كبح جموح الأفكار الشبابية الدارجة في مضمار الموضة والعصرنة، بل نعمل على تكثيف وتوحيد جهود الجميع، سواء الأهل أو الجهات التربوية والأهلية لوقف هذا المد الفكري الشبابي بأشكاله المرضية البعيدة عن عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا وموروثنا الثقافي والاجتماعي والحضاري، والأقرب إلى الشذوذ والانحراف منه إلى شكل من أشكال الموضة وصرعات العصر، كما ندعو إلى تفعيل وتشديد الرقابة على الأشخاص أو المحال وصالونات الحلاقة ومراكز التجميل التي تجري الوشم، ووضع عقوبات رادعة كالسجن، إضافة إلى فرض الغرامات المالية لكل من يزاول هذه المهنة بطريقة غير شرعية، فهل من مجيب؟!.
basherf72@gmail.com