ثقافةصحيفة البعث

مشــــاريع تخـــرج الأكاديميـــة الســــــورية للفنــــون

 

 

مشاريع التخرج في الأكاديمية السورية للفنون-المعهد العالي للفنون المسرحية-، هي من العروض المسرحية الثقيلة عموما، والتي ينتظرها محبو المسرح وجمهوره، لاعتبارات عديدة، منها على سبيل المثال لا الحصر، الفرجة المسرحية الممتعة التي اعتاد القيمون على تلك المشاريع الحرص عليها واشتغالها بماء العين كما يًقال، أيضا هي من أداء الطلاب الذين درسوا لسنوات هذا الفن، وفي تلك العروض المسرحية التي تجيء كاختبار حقيقي لهم ولما اكتسبوه خلال سني دراستهم، وما امتلكوه من مهارات بارعة في أصول تقديم العرض المسرحي، فسوف يكون الأداء الذي هو جوهر فن التمثيل، أيضا مشغولا بعناية وحرفية، خصوصا أن تلك المشاريع أو العروض غالبا ما يحرص المخرجون على حضورها، بقصد رفد أعمالهم التلفزيونية منها بشكل خاص، بمن يروه مؤهلا لذلك وصاحب موهبة بارعة في التمثيل، تستحق أن تُمنح ومنذ البداية فرصتها في الظهور للجمهور الأوسع، لذا فإن الأداء الذي يقدمه أولئك الطلاب، هو من سيكون صاحب الكلمة الفصل في هذا الشأن، في حال استبعدنا أمراض هذا المجال كالشللية والواسطة وغيرها.
الهام في الموضوع أن تلك المشاريع، لا تقتصر على طلاب قسم التمثيل فقط، بل إن الطلاب من مختلف أقسام الأكاديمية، يساهمون في ذلك العمل، فتلك العروض تجيء أيضا كمشروع تخرج واختبار لهم، سواء كانوا في قسم “السينوغرافيا”، أو “الموسيقى” أو “الرقص” وغيرها.
ما سبق يعني تكاملا بين أشغال طلاب أقسام الأكاديمية، لتقديم أفضل ما لديهم، كل حسب دراسته وما اكتسبه من خبرة فترة الدراسة في مضماره، وهذا من الأمور الإيجابية بل والضرورية، فمن الطبيعي أن تجيء تلك المشاريع بتشارك وتنسيق فعّال بين مختلف تلك الأقسام باختلاف مهامها، وهذا الأمر ليس وليد اليوم، بل إنه قائم وبشكل دوري مع تخريج كل دفعة، سيكون عليها أن ترفد المجال الفني الدرامي وما يرتبط به، بدماء جديدة، حماسية، قادمة من عوالم الفن الأكثر صعوبة، -فالفرق واسع بين الممثل المسرحي، الذي تعلم أصول هذا الفن على خشبة المسرح، وبين الممثل التلفزيوني- يجتهد كل فيها لتكوين المنجز الإبداعي النهائي، الحال الذي يمكن تشبيهه بقطعة “بزل”، يتم تجميعها بعناية لتكتمل اللوحة، وهذا أيضا ما تحرص عليه رئيسة قسم التمثيل، الدكتورة “ميسون علي”، لإدراكها أهمية هذا العمل الجماعي، وما سينعكس عليه من جودة فنية بالضرورة، فروح تلك العروض المسرحية، وشكلها النهائي الذي ستخرج به للجمهور المسرحي، هو ناتج مجموعة من الجهود الإبداعية لطلاب الأكاديمية، ما يعني تحقيق الانسجام المرجو بين عناصر العرض المسرحي وتكاملها.
إلا أن هذا الجهد المحمود، يبقى ناقصا، لأنه ولكي يكتمل فهو بحاجة لطلاب الأكاديمية أيضا للتصدي لكل من كتابة أو إعداد حكاية العرض وإخراجه، الأمر الذي لم يزل للأسف غير محققا في تلك المشاريع! بالتأكيد وجود إشراف عام من قبل مخرج مخضرم، هو بمثابة ضمان الجودة الفنية والارتقاء بالمستوى العام لتلك العروض المسرحية، لكن مهمة كتابة قصة العرض وإخراجه، يجب أن تكون أيضا من مهام الطلاب، فقسم الدراسات المسرحية، هو من يجب أن يضطلع بمهمة كتابة الحكاية المسرحية، أو إعدادها في حال كان العمل مأخوذا عن حكاية ما، والاخراج كذلك الأمر، وهذا ما يحقق انسجاما تاما بين مختلف مكونات العرض، عدا عن كونه اختبارا حقيقيا لما درسوه وتعلموه نظريا وعمليا خلال سنوات الدراسة.
نأمل أن ينتبه القائمون على الاكاديمية السورية للفنون لهذه النقطة المهمة، فوجود كاتب ومخرج لمشروع التخرج هذا أو غيره، هو ما يجعل هذه العملية الإبداعية والتعليمية مكتملة الأركان، ويؤمل منها أن ترفد الحياة الدرامية في البلاد، بكتّاب ومخرجين مؤهلين وأكاديميين، في الوقت الذي تعاني منه درامانا عموما، من نقص حاد في هذين المجالين الأكثر أهمية، على عكس الممثلين الموجودين وبوفرة لم تقدر السوق الدرامية المحلية على استيعابها حتى اللحظة، وحالة التذمر من قلة العمل بل من انعدامه في الاعمال الدرامية المحلية، والتي لم تعد تقتصر على بضعة ممثلين فقط، بل إن القسم الأكبر منهم يعاني ما يعاني من هذا الحال.
تمّام علي بركات