تحقيقات

المخدرات آفة تعطل قدرات الشباب .. وتدمر المجتمع !!

آفة المخدرات تفوق في خطرها أهوال الحروب والكوارث لأن من شأنها تدمير الإنسان الذي هو اللبنة الأساسية الذي تُبنى بها المجتمعات وتقوم على أساسها الدول الأمر الذي يستدعي ضرورة تحفيز كل الجهود لمواجهة هذه الظاهرة والحد من من أضرارها الصحية والاجتماعية والاقتصادية التي تلحق بالفرد والمجتمع .وخطر هذه الآفة يتزايد رغم الجهود الدولية المبذولة في هذا المجال والتي لم تستطع كبح جماح هذه الظاهرة التي تجتاح بلدان العالم كل يوم أكثر فأكثر .ذلك أن انتشار المخدرات يعد تهديداً للأجيال وظاهرة خطيرة لاتقيم للأخلاق الفاضلة وزناً الأمر الذي يستدعي بذل المزيد من الجهود واتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لحماية مجتمعنا من مخاطرها.فقد أضحت مشكلة المخدرات ترتقي إلى مستوى الكارثة.
والمخدرات في كل مادة خام مصدرها طبيعي أو مصنّعة كيميائياً تحتوي على مواد مثبطة أو منشطة إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية فإنها تُسببّ خللاً في عمليات العقل وتؤدي إلى حالة من التعود أو الإدمان عليها ما يضر بصحة الشخص ونفسياً واجتماعياً ، وكما هو معروف فإن أزمة المخدرات لاتقف عند آثارها المباشرة على المدمنيين وأسرهم ، وإنما تمتد تداعياتها إلى المجتمعات والدول.فهي تُكلّف الحكومات أكثر من 130 مليار دولار و يرتبط بها جرائم كثيرة ، كما تلحق أضرارأً بالغة باقتصاديات العديد من الدول مثل تخفيض الانتاج ، وهدر أوقات العمل ، وخسارة في القوى العاملة سببها المدمنون أنفسهم والمشتغلون بتجارة المخدرات وإنتاجها وضحايا لاعلاقة لهم مباشرة بالمخدرات ، وانحسار الرقعة الزراعية المخصصة للغذاء،وتراجع التنمية وتحقيق الاحتياجات الاساسية، وهكذا فإن الانفاق على تعاطي المخدرات يعتبر هدراً اقتصادياً مباشراً لميزانية الفرد والعائلة ، فالخسائر الاقتصادية الناشئة من المخدرات سواء أكانت خسائر ظاهرة كالإنفاق الظاهر ،ومكافحة العرض وخفض الطلب مثل الادارة العامة للمكافحة والسجون وخفر الحدود ، وبرامج التوعية والتشخيص وإعادة التأهيل والاستيعاب والانفاق المستتر مثل التهريب والاتجار والزراعة والتصنيع وتناقص الانتاج واضطراب العمل ، وأيضاً خسائر بشرية مثل العاملين في المخدرات والمدمنين والمتعاطين والضحايا الأبرياء ، وهذه كلها خسائر بشرية يصعب تقديرها أو حصرها بدقة ، ولكن يمكن القول إنها متوالية من الخسائر والاستنزاف ترهق كاهل المجتمعات وترهق الدول وتُدمّر الأفراد والأسر.
غير مقبول
وعلى الصعيد الاجتماعي يعتبر المتعاطي للمخدرات في المجتمعات فرداً غير مقبول اجتماعياً وعبئاً في سلوكه الاجتماعي وينظر إليه كمخلوق منبوذ لايقبل مجتمعه التعامل معه كباقي الأفراد الأسوياء .إن تعاطي المخدرات يُحطّم إرادة الفرد المتعاطي وذلك لأن تعاطي المخرات يجعل الفرد يفقد كل القيم الدينية والاخلاقية ويتّعطل عن عمله الوظيفي ما يُقلّل إنتاجيته ونشاطه و يحجب عنه بالتالي ثقة الناس به ، ويتحول بفعل المخدرات إلى شخص كسول سطحي غير موثوق به ومهمل ومنحرف في المزاج والتعامل مع الآخرين .إن متعاطي المخدرات عندما يلح على تعاطي مخدر ما و لايتوافر لديه دخل ليحصل به على الجرعة الاعتيادية ، يلجأ إلى الاستدانة وربما إلى أعمال منحرفة وغير مشروعة مثل الرشوة والسرقة والبغاء ، وهو بهذه الحالة قد يبيع نفسه وأسرته ومجتمعه .إن الفرد المتعاطي لايتمكن من إقامة علاقة طيبة مع الآخرين وكل من يعرفهم فتسوء العلاقة الزوجية والأسرية ما يدفع إلى تزايد احتمالات وقوع حالات الطلاق وانحراف الأطفال وتزايد أعداد الأحداث المشردين ،وتردي الاخلاق وفعل كل منكر وقبيح وبذلك نرى ما للمخدرات من آثار وخيمة على الفرد والمجتمع الامر الذي يدفع بالمتعاطي للانتحار كخلاص من واقعه المؤلم ، فهناك علاقة وطيدة بين متعاطي المخدرات والانتحار.وفي المنظور العام فإن المتعاطي والمدمن ليس المواطن المنتج السوي والصالح أو المكافح في سبيل قضايا بلده .
هدم القدرات
إن تعاطي المخدرات يُمزّق كل التوازنات الداخلية والخارجية للفرد المتعاطي ويعمل على هدم كل القدرات الخاصة والعامة له ، وبالتالي يضحي بمثابة حجر متصدع في بناء يهدد وأمثاله البنيان بكامله ويدفعه إلى حافة الانهيار ،وهكذا فإن المخدرات تعمل على قتل المواهب وتضييع الجهود وتعطيل المجتمع المكافح ليكون خاملاً منزوياً في أدنى الدرجات. لقد تعامل العالم مع آفة المخدرات على انها نار تلتهم البشرية وخطر داهم ينخر بنيان المجتمعات ويهددها بالسقوط ،وأمام هذا الخطر والقلق باتت مشكلة المخدرات همّاً عالمياً يقع في سلّم أولويات المجتمع الدولي قاطبة سواء أكان بلد المنشأ ام المصنّع أم بلد العبور ، ومن هنا كانت دعوة دول العالم عبر منظمة الأمم المتحدة إلى تضافر الجهود لمجابهة أهم مشكلات العصر والتي لاتعرف حداً لتأثيرها ولاحدوداً لانتشارها .فكان قرار المنظمة في 26 حزيران عام 1987 أن يكون هذا اليوم عالمياً تتلاقى فيه جهود العالم وتتسابق فيه الدول سنوياً إلى إنجازات رائدة لشعبها وللعالم على طريق إنهاء هذه الآفة.كما يسعى عالم اليوم لتنظيم أسس عمل مشتركة في المكافحة من خلال تعزيز أجهزتها وتطبيق أحدث الوسائل وأنجعها بشكل يتوافق مع طبيعة كل بلد وحجم المشكلة فيه ،واتخاذ تدابير تشريعية وإدارية تشدد العقوبات الرادعة بحق تجار المخدرات والمؤثرات العقلية مع تعامل خاص مع أولئك المرضى الذين سقطوا في مهاوي الادمان وتخليصهم من هذه المأساة والعودة بهم ليكونوا منتجين في بناء مجتمعهم .
نظيفة ..لازراعة
لقد كانت سورية سبّاقة في وضع التشريعات الخاصة بالمخدرات مع العلم أن سورية نظيفة لازراعة ولاتصنيع ولاإنتاج ،والمشكلة تنحصر في كون سورية بلد عبور طبيعي للتجارة.بحكم موقعها الجغرافي.وزيادة في حماية المجتمع من آثار المخدرات السلبية الاجتماعية فقد شددّت سورية العقوبات على مرتكبي أفعال التهريب والزراعة والصناعة للمخدرات وصلت إلى حد الاعدام في قانون المخدرات الذي صدر عام عام 1993 .كما أن سورية طرف في الاتفاقات الدولية وتربطها بروتوكولات تعاون مع دول المنطقة لمكافحة المخدرات ، وانضمت أيضاً في عام 1991 إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات .الإدمان كارثة اجتماعية تحتاج إلى عمل دؤوب من الأخيار في هذا المجتمع لسد كل باب يأتيها منه هذا المرض الخطير ، فيبدأ العلاج بتخفيف الطلب على المخدرات بالتوعية بطريقة شبكية تستهدف المجتمعات ، وإقامة مشاريع تنموية واقتصادية بديلة في المناطق التي تعتمد حياة الناس فيها على المخدرات0
إبراهيم أحمد