اقتصادصحيفة البعث

تعداد المنشآت يحمل نتائج غريبة جزئياً.. والمؤشرات توجّه بوصلة سياسات الدعم

دمشق – فاتن شنان

غلبت على نتائج المرحلة الأولى لمشروع تعداد المنشآت الصناعية الخاص في هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مؤشرات إيجابية عدة، بالتوازي مع بعض المؤشرات القادرة على تصحيح مسار دور قطاع المشروعات فيما لو تمت دراستها ومعالجة جزئياتها، تمهيداً لدعم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة “اللاعب الأساسي” في تحمّل عبء المرحلة القادمة المعنونة باستعادة القدرة الاقتصادية، لاسيما أنه يشكّل نحو 60% من الناتج الإجمالي المحلي- قبل الأزمة – ويشغل 57% من القوى العاملة، وذلك من خلال تمكينه وتعزيز أدواته بتشريعات قانونية وإدارية من شأنها النهوض بواقعه، باعتباره قطاعاً حيوياً لتطوير مختلف المؤشرات الاقتصادية، وحل جملة من المشكلات التي تواجه الاقتصاد الوطني.

بداية المسار

يشكّل التعداد نقطة البداية لبناء قاعدة بيانات عن مختلف المنشآت الصناعية، وفهم ظروف عملها وتوزعها وأحجامها ونشاطاتها، ليتم خلال المرحلة المقبلة استهدافها سواء على المستوى الجزئي أو الكلي ببرامج تمكنها من القيام بدورها الاقتصادي والاجتماعي الممكن لها، فالتعداد من حيث المبدأ مكوّن من مرحلتين أساسيتين منذ انطلاقه: المرحلة الأولى ضمن خمس محافظات: /دمشق وريفها- اللاذقية- طرطوس- السويداء/، تم الانتهاء منها، وتشمل المرحلة الثانية كلاً من: حمص وحماة وحلب، التي ستنطلق خلال الأيام القليلة المقبلة، إذ تم البدء بدورة المشرفين ومساعدي المشرفين، ومن المتوقع أن تنتهي المرحلة الثانية في كانون الأول من العام الحالي.

إحصائيات

بلغ العدد الإجمالي للمشروعات الممسوحة 441 ألف منشأة، تصدرت محافظة ريف دمشق بقائمة أكثر المحافظات انتشاراً للمشروعات بنسبة 31%، بالمقابل سجلت أدنى نسبة للمشروعات التي تعمل بشكل طبيعي إذ بلغت نحو 53% فقط، تليها تباعاً محافظات: طرطوس- اللاذقية- دمشق بنسبة 20% لكل منها من حيث الانتشار، وتصدرت محافظة دمشق بنسبة 70% للمنشآت العاملة بشكل طبيعي، و56% لكل من طرطوس واللاذقية، و9% لمحافظة السويداء لجهة الانتشار، وبنسبة 62% عاملة بشكل طبيعي.

نسب مقبولة

ورصد التعداد الوضع التشغيلي للمنشآت، حيث تعمل 58% من المنشآت الممسوحة بشكل طبيعي، ونحو 1% مغلقة لأسباب مؤقتة، و16% خارجة عن الخدمة ومتوقفة نهائياً، و6% من المنشآت قيد التجهيز، و17% خالية تماماً، كما تم رصد وضع المنشآت من حيث استقلال البناء أو تشاركها مع منشآت أخرى، حيث سجلت نسبة 70% منها غير مستقلة، وهي جزء من مبنى آخر، و19% مستقلة بمبنى خاص لها، و6% من منشآت داخل منازل، وبيّن ايهاب اسمندر مدير عام الهيئة أن عدم استقلال المنشآت بمبان خاصة لا يؤثر على تطورها، بل تستفيد من البنى التحتية الجاهزة مسبقاً، إلا في حالة عدم توافق نشاطاتها مع طبيعة المبنى أو تقييد تطورها، واعتبر أن نسبة وجود المنشآت في المنازل مقبولة قياساً ببيانات الدول العربية التي سجلت نحو 10% من مشروعاتها الصغيرة ومتناهية الصغر ضمن المنازل، على الرغم من أنها تحد من نمو هذه المشروعات، وتستلزم الانتقال إلى مبان أخرى، أو تستقل تماماً لتأخذ صفات المشروعات المتوسطة أو الكبيرة، وتحظى بمزاياها.

جيدة قانونياً

يهيمن القطاع الخاص على ملكية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر بنسبة 90 إلى 95% منها، وهي نتيجة طبيعية لكونها مشروعات شخصية فردية، لكن الجانب القانوني بدا جيداً بحسب اسمندر، إذ سجل التعداد نسبة 76% للمنشآت المرخصة بشكل قانوني العاملة مقابل 24% غير مرخصة، وهي نسبة منخفضة برأيه بسبب ظروف الأزمة، بالتوازي مع وجود بعض الاشتراطات غير المتوافرة في تلك المشروعات، وبالتالي تعثر عملية الترخيص لأصحابها، مشيراً إلى جملة حلول لمعالجتها، منها إقامة مخصصة لعمل هذه المنشآت، وتأمين التراخيص سواء الإدارية أو الفنية المؤقتة لحين استيفاء كافة الشروط، أو إصدار تشريع قانوني يمنح المرونة في الحصول عليه لما له من مزايا تساهم في تطور قطاع المشروعات، منها الخدمات الاستشارية، أو المشاركة في المهرجانات أو المعارض والنشاطات التدريبية، إلى جانب التمويل الذي يشكّل عاملاً هاماً لنموها وتطورها.

وظهرت نسبة أقل من 1% لبند عدم الاستجابة من أصحاب المنشآت لإجراء المسح خوفاً من تسريب معلومات منشآتهم، بالرغم من التأكيد بأن عمليات المسح سرية وتستخدم لأغراض إحصائية بحتة، ولكن قد يكون التهرب الضريبي أهم أسبابه.

بالإمكان

وبيّن اسمندر أن نتائج التعداد كانت متوقعة للهيئة، وكان جزء منها غير متوقع، وغريباً نوعاً ما، ولكن بالمجمل فإن المؤشرات والبيانات التفصيلية يمكنها توجيه بوصلة السياسات لدعم هذا القطاع، كما أنه بالإمكان الحصول على قطاع متطور جداً في سورية، ومترابط مع بعضه البعض، وقابل أن يكون فاعلاً ومهماً جداً في نشاط الاقتصاد السوري بموجب سياسات وبرامج غير معقدة، لاسيما أنه قطاع حيوي ومشغل القوى العاملة بشكل أساسي بنسبة 57% منه، بالتوازي مع أهمية مساهمته في الناتج الإجمالي المحلي، إذ سجل نحو 60% قبل الأزمة، وحالياً رغم ظروف الأزمة ما نسبته 41%، و98% من مجمل الصادرات السورية تأتي من هذا القطاع.