دراساتصحيفة البعث

القدس ليست بحاجة لمزايدات أردوغان

البعث – تقارير 

من الصفاقة أن يتنطّح العثماني أردوغان للدفاع عن القدس، فهو في الحقيقة لا يريد حماية الفلسطينيين والقدس، بل يريد أن ينصّب نفسه خليفة على المسلمين ويعيد أمجاد أجداده من أجل إحياء الإمبراطورية العثمانية التي عفا عليها الزمن وباتت من الماضي.

المضحك في تصريحاته هي دعوته مجلس الأمن الدولي لاتخاذ خطوات سريعة لضمان السلام والهدوء في القدس، تماشياً مع القرار المتخذ في الجمعية العامة، وأن بلاده على استعداد لتحمّل المسؤولية والتضحية من أجل إحلال السلام، لكن السؤال عن أي سلام يتحدّث، وعن أي تضحية؟!.

هذا النفاق بات مكشوفاً للجميع، وخاصة الفلسطينيين، الذين يعرفون حجم العلاقة القوية بين تركيا والكيان الصهيوني، وأنهما شريكان في المؤامرة على قضية العرب المركزية، كلّ حسب مصالحه، والدليل على ذلك أن حجم التجارة بين نظام أردوغان والكيان الصهيوني واصل الزيادة بنسب ملحوظة، إذ صدّرت “تركيا أردوغان” 4.7 مليارات دولار إلى العدو الصهيوني، في عام 2020، ليحتل الكيان المرتبة التاسعة في قائمة مستهلكي الصادرات التركية، وفي الأشهر الأربعة الأولى من عام 2021، زادت صادرات تركيا إلى الكيان بنسبة 35٪ لتصل إلى 1.8 مليار دولار، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وأصبحت “إسرائيل” الدولة الثامنة بالنسبة لحجم صادرات تركيا للخارج، وفقاً للبيانات الرسمية التركية.

وفي عام 2002، عندما وصل حزب أردوغان إلى السلطة، فقد كانت صادرات تركيا إلى “إسرائيل” 850 مليون دولار سنوياً. أي أن هذ الرقم زاد 4.5 مرات على مدار 18 عاماً من حكم أردوغان، ما جعل المعارضة تتساءل: “تركيا لديها علاقات تجارية مع “إسرائيل” تتجاوز 6 مليارات دولار، فهل تمّ تعليق هذه العلاقات رداً على الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، ولماذا لا توقف الحكومة علاقاتها التجارية مع “إسرائيل”؟!، مؤكدة، وعلى لسان ميرال أكشينار رئيسة الحزب الصالح، أن “بنيامين نتنياهو هو النسخة الإسرائيلية من أردوغان”، فيما أكد مراقبون أن أردوغان، ومنذ عشرين عاماً يخدع الناس في العلاقة مع “إسرائيل”، التي يهدّدها ويتوعدها، ثم يعود ليتعامل معها، وأن تصريحاته بخصوص ما يجري في فلسطين المحتلة تأتي ضمن هذا الخداع.

والدليل على ذلك أن أردوغان كان منذ أسابيع يتلمس الطريق نحو إعادة “الود” مع “تل أبيب”، وقال حرفياً: “إن قلوبنا ترغب بأن نتمكن من نقل العلاقات مع “إسرائيل” إلى مستوى أفضل”، ولكن ثمن الصداقة التي يطلبها أردوغان مرتفع الثمن، بحسب سيلين ناسي، الباحث التركي في العلاقات الدولية، ولذلك عاد اليوم لتوظيف ملف القدس خدمة لأجنداته السياسية، ومحاولة تقديم نفسه على أنه “حامي المسلمين” خارجياً، وتصفية حساباته مع معارضيه في الداخل، الذين يقفون حجر عثرة أمام أجنداته الداعمة لتنظيمات الإسلام السياسي، وهو ما ردّت عليه اكشينار بقولها: إنه في مواجهة العار الإنساني وما يجري في الأراضي الفلسطينية للأسف لم نشهد من رجب طيب أردوغان أية خطوة ملموسة من شأنها ردع “إسرائيل” وتحسين حياة الفلسطينيين، مضيفة: “تصريحات أردوغان الحماسية باتت لا تؤتي ثمارها مع الناس لأنها غير صادقة ولا تثمر عن أية خطوة على أرض الواقع”.