رأيصحيفة البعث

لا تنازلات في القاموس السوري

علي اليوسف

أعلن الاتحاد الأوروبي، قبل أيام، تمديد عقوباته اللاشرعية  المفروضة على سورية منذ العام 2011، لسنة جديدة، في قرار لا يخفى على أحد أنه يستهدف الدولة السورية وشعبها الذي عبر عن عمق وطنيته في يوم الاستحقاق الرئاسي، كما يستهدف مباشرة عملية إعادة الاعمار التي رفع شعارها السيد الرئيس بشار الأسد “الأمل بالعمل”. وما يدلل على أن الهدف من العقوبات هو عرقلة أية رؤى لإعادة الاعمار وعودة المهجرين هو كلام  مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، الذي قال في كلمة ألقاها خلال الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي أن الاتحاد لن يتخلى عن تطبيق العقوبات المفروضة على سورية.

وكما يبدو، فإن منظمة الاتحاد الأوروبي لم تدرك حتى الآن أن استقلال القرار السياسي الوطني متأصل لدى الحكومة والشعب السوري، وما حققته الدولة السورية خلال فترة العدوان الإرهابي عليها هو انتصار حقيقي في مواجهة الفكر الغربي المنضوي تحت النزعة الانتهازية. ولعل شروط “بوريل” بربط رفع “العقوبات” باشتراطات سياسية مجافاة فاضحة للمواثيق التي أقرتها الأمم المتحدة بخصوص استقلال القرار السياسي للدول، وتعرية حقيقية للديمقراطية التي تتشدق بها دول الاتحاد الأوروبي التي انكشفت جميعها منذ إطلاق ما يسمى “الربيع العربي”.

واليوم بات الجميع يعلم أن الدول الغربية تلعب لعبة الديمقراطية بما يلبي المصالح الغربية وقياساتها الخاصة وأجنداتها، ولهذا نجدها تستخدم الشعارات الرنانة في الوقت الذي تمارس عكسها على المستوى الدولي، وتقوم باحتلال أراضي الآخرين وسرقة مقدراتهم الوطنية. وعليه، فالإجراءات القسرية أحادية الجانب التي تفرضها بعض الدول الغربية ضد الحكومة والشعب السوريين غير شرعية، لا بل تستخدمها تلك الدول كسلاح ضغط سياسي بحجة نشر “ديمقراطية” فشلت في العديد من الدول الغربية باعتراف نخبها المحلية التي تقول أن العالم الغربي يعيش أزمة ديمقراطية.

إذاً، لماذا يصر الاتحاد الأوروبي على تمديد عقوباته تزامناً مع العقوبات التي لا تزال تفرضها الإدارة الأمريكية؟ من المؤكد أن هذا الإصرار ينبع من رغبة دول الاتحاد في عدم الاعتراف بانتصارات الدولة السورية على الإرهاب الذي صدره هذا الغرب، وأن يكون رفع العقوبات مقابل تنازلات من سورية. لذلك تصر دول الاتحاد الأوروبي من حين لآخر على إرسال رسائل محددة عبر وسائل ناعمة مثل فرض ضغوط وعقوبات على أمل إرغام الحكومة السورية في نهاية المطاف على تقديم التنازلات.

لكن، وكما صمد الشعب السوري في وجه آلة الحرب الأطلسية، هو بلا شك سيصمد أمام العقوبات الاقتصادية، ولن تقبل الدولة السورية بأي شكل من أشكال التنازل عن مواقفها سواء في محاربة الإرهاب أو دعم المقاومة. ولأن التنازلات غير موجودة في القاموس السوري، فإن المواطنين الذين قالوا كلمتهم يوم الانتخابات مصممون على الوقوف إلى جانب دولتهم وجيشهم وقائدهم في إطار هذه الخيارات.