ثقافةصحيفة البعث

معرض رولا نويلاتي.. الموشور الملون

شهدت صالة المركز الثقافي العربي بدمشق قبل أيام معرض الفنانة رولا نويلاتي، والذي يحمل عنوان “فضاءات”، ويضمّ أكثر من 25 لوحة منفذة بألوان الأكرليك تدور حول عناوين متعدّدة بالمستوى الأدبي الذي يتضح أن للفنانة محاولات في الكتابة الأدبية تحاول أن تسحبها نحو المنتج التشكيلي معنوياً، وتمنح الصورة واللوحة فضاء من القول والأدب حالها كحال أغلب المندفعين نحو إثبات ذاتهم المبدعة في الوسط التشكيلي الجديد، المهمّ أن لوحة رولا نويلاتي لها ما يميّزها من أناة ودقة في التنفيذ ورصف درجات الألوان المتدرجة ضمن تقاطعات هندسية تؤلف مسرحاً منظوراً من موشور يجزئ السطوح والعناصر إلى قطع مرصوفة تزخرف بلاغة الصورة المجسدة.

وهذا المعرض هو الثاني للسيدة نويلاتي، فالأول أقيم في صالة أدونيا التي يديرها الفنان أيمن الدقر، المدرّب المتابع لتجربة رولا، والذي استبق معرضها بالإشارة إلى أن الفنانة رولا نويلاتي: “تؤكد في معرضها الثاني على قدراتها الفنية العالية التي استمدتها من شعرها الذي حوّلته تلقائياً إلى لوحات لا تنفصل عمَّا تكتب من قصائد ونثريات تحاكي الحسّ الإنساني بالكلمة، محققة الحسّ البصري العالي المستوى بالشكل واللون، لتحقق لوحة تحاكي شعرها ومفرداته الوجدانية بكل براعة وفهم للقيم اللونية ودرجاتها تتآلف الألوان والأشكال في لوحاتها المستمدة من الشعر والبيئة الدمشقية المحيطة بها، ملخصة أشكالها بخطوط بسيطة تنساب باتجاهات مختلفة، وتتداخل مع بعضها لتؤلف الشكل البسيط الذي يضفي سحراً بألوانه، فيُسعد المتلقي ويجعله يحلق بين عوالم سحرية تقوده من نقطة إلى أخرى في اللوحة لتشكّل في النهاية (هارموني لوني) مستمدة ألوانه من الشرق وسحره بشكل عام، ومن دمشق العراقة بشكل خاص، مضيفة قفزة نوعية مختلفة عن معرضها الأول من خلال تطويرها لتقنياتها التي اكتشفتها بتجاربها الجادة”.

إن قدرة رولا نويلاتي على تبسيط الأشكال المراد منها تأليف اللوحة الفنية واختيار المجموعة اللونية بانسيابية رائعة لترافق تلك الأشكال وبكل هذه البراعة، تجعل منها فنانة تحقق مفهوم البلاغة في اللوحة الفنية.. أليس الجمال في البلاغة؟.. في السهل الممتنع؟.

يغلب على لوحة نويلاتي الحسّ الزخرفي وفن الأرابيسك والمشغولات اليدوية، ولا غرابة في ذلك لأن السيدة متعدّدة الاهتمامات الفنية، وربما لا تخرج عن دائرة العناية والصنعة ومعالم الفنون الشرقية التطبيقية. هذه المعالم هي المسيطرة على جملة معرضها وكأن طبق القش أو الزجاج المعشّق والأشياء الصدفية الشرقية هي المجال الحيوي للوحة. لكن في النهاية نحن أمام عمل قضى صاحبه ساعات وأياماً طويلة يطرزه من ألفه إلى يائه بعناية وكرم واستغرق في ذاته الشغوفة بثقافة البيئة المحيطة التي لا تزال تعتبر لوحة “الكنويشة” أو الخرز الملون عملاً تشكيلياً.. وهنا نختتم شكراً رولا نويلاتي لهذا الجهد.

أكسم طلاع