أخبارصحيفة البعث

تنافس أردوغاني ــ “قسدي” بدعم أمريكي لإخضاع القبائل العربية

تأتي زيادة وتيرة التنافس الأردوغاني و”القسدي” – إن صح التعبير – خلال الأشهر الماضية، في عمليات تعطيش وقطع التيار الكهربائي عن أكثر من مليون مواطن سوري في مدينة الحسكة وضواحيها، وبلدة تل تمر وقراها، والتضييق بشكل أكبر على مئات الآلاف منهم في المدن والبلدات والنواحي والقرى من خلال حملات الاعتقال المستمرة، والتجنيد القسري بحق الشبان، وفرض الضرائب، وزيادة حالة الفوضى المنظمة، والمضي في جوانب عمليات “التتريك” في المناطق المحتلة، وتحت أنظار قوات الاحتلال الأمريكي الداعم للطرفين: سواء ميليشيات “قسد” العميلة له وشريكته الأساسية في سرقة الخيرات وثروات الجزيرة من النفط والقمح، أو الاحتلال التركي والفصائل الإرهابية السورية الخاضعة له في الشمال السوري بأهدافها الاستعمارية التوسعية، التي بدت واضحة للمجتمع الدولي منذ اللحظات الأولى للحرب على سورية، بهدف أساسي وهو إخضاع وإذلال أبناء القبائل والعشائر العربية في منطقة الجزيرة السورية.

أبناء القبائل المستمرون في انتفاضتهم الشعبية ضد ممارسات الطرفين غير الإنسانية، وبعد ارتفاع حالة الوعي لدى السواد الأعظم منهم، بدؤوا ينظمون أمورهم بشكل عفوي من خلال الخروج بالمظاهرات الشعبية أو بتخطيط وتنفيذ عمليات تستهدف القوات الغازية، وهو ما حدث ويحدث بشكل يومي في مناطق وأرياف شرق دير الزور والحسكة والرقة ومنبج بريف حلب.

وتأتي هذه الممارسات الأمريكية – التركية – القسدية المشتركة، والتي بدأت في الربع الأول من العام 2019، من خلال الاجتماعات التي رعتها الإدارة الأمريكية السابقة بين الطرفين التركي والقسدي ممثلاً بالميليشيات الانفصالية، والتي انتهت باحتلال تركيا لمدينتين إستراتيجيتين على الحدود التركية – السورية بعد انسحاب “قسد” منهما، وهما رأس العين شمالي الحسكة، وتل أبيض شمالي الرقة، مع بلدة سلوك التي تسكنها القبائل العربية حصراً، وذلك في محاولة لعرقلة المساعي الروسية الحثيثة، بدعم من القيادة السورية، لتهدئة الأوضاع وإعادة الأمن والأمان إلى المنطقة، وإعادة تثبيت مؤسسات الدولة السورية، التي يطالب بها أبناء القبائل العربية من خلال مظاهراتهم واجتماعاتهم وبياناتهم الرسمية لإخراج الاحتلاليين وإسقاط العقوبات وقانون “قيصر” الجائر.

ومن صور محاولة إخضاع أبناء القبائل العربية في المنطقة، وتدفيعهم ثمناً غالياً، خصوصاً مع استمرار الانتفاضة العشائرية ودعمها الكامل للاستحقاق الرئاسي، واختيار كبريات القبائل العربية في المنطقة للسيد الرئيس بشار الأسد مرشحاً وممثلاً لها في الانتخابات، إيقاف العمل في محطة مشروع آبار علوك (التي تعتبر المصدر الوحيد لمياه الشرب لمليون مواطن سوري) بريف مدينة رأس العين المحتلة، شمالي غربي الحسكة، من قبل قوات الاحتلال التركي وميليشياته الإرهابية المسلحة من طرف، وقطع التيار الكهربائي عن المحطة عبر خط الـ “20 ك. ف” القادم من محطة تحويل الدرباسية من قبل ميليشيات “قسد” المسيطرة عليها، من طرف آخر، وفي ظل صمت دولي مطبق وعدم تدخل حقيقي من المنظمات الدولية والإنسانية، ولو عبر بيانات الإدانة أو الاستنكار من مكاتبها المتواجدة أصلاً في مدينة القامشلي، مع استمرار الاحتلال التركي بحبس مياه نهر الفرات للشهر السابع على التوالي، ما ينذر بكارثة إنسانية وبيئة وصحية كبيرة في مناطق شمال وشرق سورية.

لذلك، كل ما يقوم به المحتل التركي وميليشياته من جهة، وميليشيات “قسد” من جهة ثانية، هو تعليمات وتوجيهات أمريكية للضغط بشكل أكبر على أبناء القبائل العربية لإخضاعهم ووقف انتفاضتهم الشعبية وفصلها عن مطالبها الوطنية التي تتلخص بضرورة عودة مؤسسات الدولة السورية إلى مناطقهم وقراهم، وبحماية الجيش العربي السوري وقوى الأمن الداخلي، والضغط على الحليف الروسي للقبول بالمطالب الأمريكية التي تتركز حالياً على استمرار العمل بإدخال ما يوصف بـ “المساعدات”، وغيرها، للمجموعات الإرهابية في إدلب عبر معبر باب الهوى، وافتتاح معبر آخر لدعم ميليشياته وأعوانه في الشرق السوري عبر معبر اليعربية الحدودي بريف الحسكة الشرقي مع العراق، وهو ما ترفضه الدولة السورية والحليفان الروسي والصيني في مجلس الأمن الدولي.

عطية العطية
Ateea95@hotmail.com