مجلة البعث الأسبوعية

الحصان الأسود مصطلح ميّز بطولات اليورو.. فهل تفعلها الدنمارك أو التشيك؟

“البعث الأسبوعية” ــ سامر الخيّر

انتهى هذا الأسبوع الدور الثاني لثاني أكبر مسابقات كرة القدم، كأس الأمم الأوروبية، أو ما يعرف باليورو؛ وفي أغلب نسخ هذه البطولة تعودنا أن نشاهد ظاهرة “الحصان الأسود”، وهو مصطلح يستخدم للفريق الذي يصنع المفاجآت ويتجاوز التوقعات؛ وجرت العادة أن يقوم المحللون بتوقع المنتخب الذي سيمثل الحصان الأسود للبطولة؛ ومن أبرز منتخبات الحصان الأسود بالسابق منتخب اليونان الذي خطف لقب يورو 2004 وصدم العالم حينها، وكذلك منتخب الدنمارك في بطولة 1992، ويتوقع كثيرون أن تتكرر معجزة الإغريق في النسخة الحالية مع تمكن فريقين من بلوغ الدور الربع النهائي يحملان هذه السمة، هما الدنمارك والتشيك؛ فقبل 17 عاماً توّج اليونانيون باللقب بعد رحلة إعجازية بقيادة المدرب الألماني أوتو ريهاغل الذي قلب كل الموازين رأساً على عقب، ونجح في الفوز بالبطولة بكتيبة لم يكن يتوقع لها أن تعبر دور المجموعات من الأساس؛ كما يعد منتخبا ويلز وآيسلندا الحصان الأسود لآخر نسخ اليورو عام 2016، حيث وصل منتخب ويلز في مشاركته الأولى في البطولة إلى الدور نصف النهائي، كأبرز إنجاز له في مشاركاته في المسابقات الدولية، منذ تأهله لدور الثمانية ببطولة كأس العالم عام 1958 بالسويد، كما سجل المنتخب الأيسلندي مفاجأة من العيار الثقيل بفوزه على منتخب إنكلترا بهدفين لهدف.

واليوم سنتحدث عن حظوظ منتخبي التشيك (يحتل المركز 43 عالمياً) والدنمارك (يحتل المركز 12عالمياً)، والمدى الذي سيصلان إليه في مشوار البطولة، وهل سيكون أحدهما هو الحصان الأسود فعلاً للبطولة، أم أن كبار القارة العجوز سيكون لهم الكلمة العليا؟

والبداية، مع المنتخب الدنماركي الذي ملأت أخباره الدنيا ليس لأدائه بل للحادثة المؤسفة التي تعرض لها في مباراته الافتتاحية أمام المنتخب الفنلندي، حيث أصيب نجمه الأول كريستيان إريكسن بأزمة قلبية أثرت على مجريات المباراة ليخسر بهدف نظيف، وتأهلت الدنمارك كثاني المجموعة الثانية بأداء متوسط، فقد خسرت في مباراتها الثانية أمام بلجيكا بطلة المجموعة لكنها استطاعت استغلال آخر فرصها للتأهل على أحسن وجه عندما هزمت الروس بأربعة أهداف لهدف، ويعتمد المدرب كاسبر هيولماند على الحارس كاسبر شمايكل وكريستنسن نجم تشيلسي في الدفاع، وبريثويت مهاجم برشلونة لاستكمال مهمته.

وقبل انطلاق البطولة، كان منتخب الدنمارك يستمتع بلقب الحصان الأسود بعد سلسلة من العروض القوية ذكرت الجميع ببطولة 1992 التي فاز بها بعد أن حل في اللحظة الأخيرة محل منتخب يوغوسلافيا السابقة؛ ومع عودتها لسكة الانتصارات وسحقها للمنتخب الويلزي برباعية نظيفة هذه المرة تعالت الأصوات التي ترشحها لبلوغ النهائي على الأقل، ولكن ما لم يحسب له حساب هو العقبة التالية التي يتوجب عليها تجاوزها حتى تكمل مشوارها، وهي المنتخب التشيكي مفاجأة البطولة الحقيقية، الذي استطاع بشكل غير متوقع التأهل إلى الربع نهائي بعد التفوق بنتيجة هدفين مقابل لا شيءعلى حساب المنتخب الهولندي، حيث لم يكن أحد ليتوقع الإقصاء لهولندا من هذا الدور وخصوصاً بعد اكتساحها لمجموعتها في الدور الأول.

وتواجد الفريق التشيكي في التصفيات بالمركز الثاني ضمن المجموعة الأولى برصيد 15 نقطة ليرافق المنتخب الإنكليزي متصدر المجموعة، ويطمح الفريق بقيادة ياروسلاف سيلهافي، في تحقيق نتائج جيدة والوصول إلى أبعد مدى، اعتماداً على المستويات الجيدة خلال مشاركاته، سواء في تصفيات كأس الأمم الأوروبية “يورو 2020″، أو حتى في مستهل مشوار الفريق في تصفيات كأس العالم 2022.

تاريخياً، شارك منتخب التشيك في بطولة كأس الأمم الأوروبية في 6 مرات سابقة، كان أولها عام 1996 وهي النسخة الأفضل للفريق التشيكي في المسابقة، حيث تأهل إلى المباراة النهائية والتي خسرها أمام منتخب ألمانيا بهدفين مقابل هدف، وأسوأ مشاركاته هي الأخيرة في النسخة السابقة حيث قدم فيها نتائج ضعيفة للغاية وتذيل المجموعة الرابعة برصيد نقطة واحدة فقط.

ويعد باتريك تشيك، مهاجم فريق روما الإيطالي السابق، وباير ليفركوزن الألماني الحالي، النجم الأبرز في صفوف منتخب أغلب لاعبيه غير معروفين، رغم لعبهم في الدوريين الإنكليزي والإيطالي، ورغم صعوبة مهمته إلا أنه سيقاتل حتى صافرة النهاية وهو ما شاهدناه في مباراته الأخيرة.

وبعيدا عن هذين المنتخبين قبل صافرة المباراة الافتتاحية بين إيطاليا وتركيا، كان هناك العديد من التكهناك التي نسفت فور الانتهاء من الدور الأول حول هوية حصان البطولة الأسود، كترجيح المنتخب التركي مثلاً (يحتل المركز 32 عالمياً)، فهو دخل البطولة آملا بالعودة لمنافسة الكبار، مثلما فعل في “أمم أوروبا 2008″، عندما وصل إلى نصف النهائي، بما يمتلك من المواهب المتميزة، مثل المدافعين ساغلار سويونشو ومريح ديميرال، وصانع ألعاب أي سي ميلان هاكان تشالهانوغلو، والمهاجم الهداف براك يلماز، وعلى رأسهم المدرب المخضرم سينول غونيش، الذي قاد تركيا لإنجازها التاريخي بالحصول على المركز الثالث في “مونديال 2002”.

وهناك أيضاً من رشح المنتخب البولندي (يحتل المركز 19 عالمياً) كونه قام بإنجاز تاريخي في المشاركة الأولى له في اليورو في النسخة الفرنسية عام 2016، فهو يمتلك أفضل لاعب في العالم وفق الإحصاءات التهديفية الحالية، الهداف روبرت ليفاندوفسكي، الذي سيرغب في تحقيق بطولة قوية لبلاده قبل موعد الاعتزال، ويتميز المنتخب البولندي بالصلابة الشديدة، ويعتمد إضافة إلى ليفا على صانع الألعاب زيلينسكي، المتواجد خلفه دائماً.

وكان المنتخب الروسي (يحتل المركز 39 عالمياً) يرغب باستكمال مسيرته القوية، التي قدمها في آخر بطولة خاضها، وهي “مونديال 2018″، عندما وصل إلى ربع النهائي، معتمداً على القوة البدنية والانضباط الكبير للاعبيه.

وأخيراً المنتخب الأوكراني (يحتل المركز 24 عالمياً) الذي يمتلك جيلاً واعداً كون أغلب لاعبي المنتخب الحاليين هم أبطال العالم مع منتخب الشباب، الذي ظفر بلقب مونديال الشباب قبل عامين؛ ويتمتع المنتخب الأوكراني بصلابة دفاعية ويستقبل عدداً قليلاً من الأهداف ويحقق الاستفادة من لاعبين قادمين من فريقين محليين فقط، هما دينامو كييف وشاختار دونيتسك، وأحد مميزات المنتخب عدم معاناته لو تعرض أحد اللاعبين للإصابة لأنه يعتمد على العمل الجماعي كمنظومة واحدة فقط.