دراساتصحيفة البعث

داعش يتغلغل في القارة السمراء

محمد نادر العمري

بالرغم من وجود بقايا تنظيم “داعش” الإرهابي في البادية السورية والصحراء العراقية، برعاية أمريكية, إلا إن هذا التنظيم – على ما يبدو – بات يركز تواجده في المناطق التي تشهد صراعات أو تتوفر له بيئة خصبة في المجتمعات التي تعاني الفقر والتهميش والجهل وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بعنوانيهما العام والخاصة.

وهذه المجتمعات أضحت اليوم تتوزع بين أفغانستان التي ما زال الغموض يكتنف مستقبلها، رغم وجود مؤشرات على أن تكون أبرز البقع العالمية نمواً للمتطرفين، على عكس ما يذكره مسؤولو طالبان، وبين القارة السمراء “أفريقيا” التي تشهد العديد من الصراعات الداخلية وتعاني من مخلفات الاستعمار والتبعية للدول الكبرى, وما زالت تنتهج عقلية القبيلة والعشيرة وغيرها الكثير من العادات التي رسخها الغرب لاستمرار هذه الصراعات.

ولكن المتابع لنشاط تنظيم “داعش” في أفريقيا يجدها مختلفة من حيث الأسلوب والطرق والنهج عما كان عليه سابقا – أي عندما بدأ بإعلان ما سمي بخلافته في العراق بداية ثم سورية والعراق منذ عام 2014- حيث كان يسعى لإعلان دولة وإيجاد أركان لها وفرضها تحت الأمر الواقع مستنداً لتمويلات هائلة وقوة السلاح والإرهاب الممنهج، في حين إن تحركاته وتمركزه ونشاطه في أفريقيا يتمثل في أسلوب التجمعات الصغيرة لكي تكون تحركاته سريعة وعملية اختفائه سهلة وناجحة, وليوقع ما يتمكن من القتل والإرهاب دون ملاحقة، إذ بات تكتيك التنظيم يقوم على الحركة السريعة والإرهاب الموجع وهو ما تستند إليه نظرية “حرب العصابات”, مع الإشارة إلى إن تحركاته ومركز اهتمامه لم تختلف عن السابق, حيث تستهدف المناطق الغنية بالثروات الباطنية من نفط وغاز ومناجم ذهب وألماس, وهو ما دفعه لشن هجومه المباغت من خلال 100 عنصر من عناصره فقط على عاصمة موزامبيق الغازية  “بالما”، في 24 آذار الماضي، تمكن من خلالها، وفي وقت لم يتجاوز 4 أيام، بأن يسقط دفاعات المدينة، قبل أن يتمكن الجيش الموزامبيقي وبمساعدة دول أوربية لإخراج التنظيم من المنطقة بعد شهر.

فضلاً عن ذلك، يهدف “داعش” جذب المزيد من المتطوعين له, مستفيداً من وجود مبايعين له في أكثر من جزئية داخل الخارطة الكاملة للقارة السمراء ومن أبرز هؤلاء المبايعين الذين يتسمون بخبرة قتالية وانتشار متجذر قديم:-

  • أنصار بيت المقدس: تتمركز في صحراء سيناء المصرية, أعلنت مبايعتها للتنظيم مع نهاية عام 2014.
  • بوكو حرام: من أكبر وأخطر وأهم التنظيمات في أفريقيا وأشدها فتكاً للدماء, يتمركز نشاطها في نيجيريا، بالإضافة لعملياتها في الكاميرون وتشاد, أعلنت بداية 2021 مبايعتها لتنظيم “داعش”.
  • حركة الشباب: تعود جذورها لجماعة صومالية تتبع للقاعدة أعلنت في نهاية عام 2020 ولائها ومبايعتها لتنظيم “داعش” واختارت “عبد القادر منعم” وهو من أبرز مقاتلي “داعش” في العراق زعيماً لها.
  • حركة أجناد الخلافة في أرض الجزائر: تنشط في منطقة القبائل الجزائرية، ويعود جذورها لتنظيم “القاعدة” في المغرب، لتعلن ولاءها لـ “داعش” 2021 بهدف إقامة “ولاية الجزائر الإسلامية” وفق زعمها.
  • جماعة المرابطون : وتتمركز في منطقة الساحل الإفريقي، وبصفة خاصة في مالي، شهدت انقساماً بعد إعلان جناح من داخلها الانضمام لت “داعش” 2021.
  • حركة الأنصار: تنشط في تونس منذ 2012 على شكل خلايا نائمة البعض منهم مما نظم ترحيل لمقاتلين ونقلهم لسورية لها علاقات مع النظام التركي, وأصدرت بياناً في 2015 بايعت التنظيم وحثته على الجهاد لنشر الدعوى عبر إقامة الخلافة.
  • تكتل القوى الديمقراطية: وتنشط في شرقي الكونغو الديمقراطية، وتتمركز في سلسلة جبال “روينزوري” (سلسلة جبال صغيرة في وسط أفريقيا، على الحدود بين أوغندا والكونغو الديمقراطية(, وهي تضم مجموعة من الحركات الصغيرة التي رفعت شعارات معارضة سياسية 2015 وسرعان ما تحولت لتنظيمات بايعت “القاعدة” ومن ثم تنظيم “داعش” أواخر 2020.

نلاحظ مما سبق إن البيئة الخصبة من عوامل موضوعية وذاتية وهشاشة العلاقات الأفريقية واستمرار تواجد مخلفات الاستعمار وتوافر الثروات غنية ووجود مبايعين لـ “داعش” كلها تشكل أسباباً محفزة لنمو التنظيم في القارة السمراء.