دراساتصحيفة البعث

الدبلوماسية الأمريكية المشكوك بقيمها

ترجمة: عائدة أسعد 

منذ أن تولّى الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه، تقوم إدارته بتنفيذ ما يُسمّى “دبلوماسية القيم” من خلال تصنيف البلدان في ضوء أنظمتها السياسية، وكذلك مواقفها تجاه الهيمنة الأمريكية، وأولئك الذين يشاركونها قيمها، أو أولئك الذين يرغبون في التضحية باستقلالهم من أجلها.

لذلك، من المتوقّع أن تقبل جميع الدول التي تدعوها واشنطن لحضور القمم التي تعقدها بعض المقترحات الأمريكية، وهذا في الواقع ما يخلق مزيداً من المتاعب لتلك البلدان التي تمّت دعوتها لحضور مؤتمرات القمة أكثر من تلك التي لم تتمّ دعوتها، والغرض دائماً هو عزل تلك البلدان التي وصفتها واشنطن بأنها تنتهك “حقوق الإنسان”، أو غير ديمقراطية، أو استبدادية بغضّ النظر عن العلاقات التي قد تكون لهذه البلدان مع أولئك المدعوين.

ولهذا السبب، رفضت بعض الدول الكبرى في أمريكا اللاتينية قبول دعوة الولايات المتحدة للمشاركة في القمة التاسعة للأمريكيتين التي تستضيفها في لوس أنجلوس، كاليفورنيا، في الفترة من 6 إلى 10 حزيران.

وعلى الرغم من أن موضوع القمة هو “بناء مستقبل مستدام ومرن ومنصف في نصف الكرة الغربي”، إلا أن ميل واشنطن إلى تصنيف الدول على أنها أصدقاء أو أعداء اعتماداً على ما إذا كانوا يتشدّقون بقيمها أم لا، يعني مشاركة البعض من القادة المدعوين الذين لا يزالون موضع شك!.

في وقت سابق من الشهر الماضي، قال الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور إنه لن يتمّ تأكيد مشاركته حتى تدعو الولايات المتحدة كلّ دولة في نصف الكرة الأرضية بحجة أنه لا ينبغي استبعاد أي دولة من القمة، بينما قال مسؤولون أمريكيون مراراً وتكراراً إن حكومات كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا لن تُدعى لحضور القمة بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان.

إن مثل هذه الحالة المحرجة للولايات المتحدة بشأن قمة الأمريكيتين نادرة منذ أن عقد الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون أول قمة للأمريكيتين في ميامي بفلوريدا عام 1994. ولا عجب أن إدارة جو بايدن كانت تحاول إقناع الرئيس المكسيكي بالمشاركة في الحدث، وإقناع الأرجنتين وتشيلي وهندوراس بعدم معارضة الاجتماع.

يمكن للولايات المتحدة أن تقيس الدول بمعيارها الخاص، لكنها لا تستطيع ولا ينبغي أن تجبر الدول الأخرى على قبول قياسها، وإذا أرسلت إدارة بايدن مجموعة ثانية من الدعوات إلى كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا لضمان عقد القمة في الموعد المقرّر، فسيكون ذلك دليلاً إضافياً على إذلال الإدارة الأمريكية.