الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

علامة إبداعية فارقة

سلوى عباس

ضمن سلسلة ملتقى الإبداع الذي يقيمه المعهد العالي للفنون المسرحية، ويستضيف فيه قامات إبداعية سورية وعربية، في خطوة مهمة لاطلاع الطلاب على تاريخ الفن المسرحي عبر تجارب هذه القامات الإبداعية، استضاف الملتقى مؤخراً الفنان أسعد فضة الذي أطل على طلاب المعهد وأساتذته مشرقاً بالحلم والمحبة والسلام، حاملاً في جعبته تاريخه الإبداعي بكل مراحله، فهو كما قدمه الدكتور تامر العربيد قامة فنية وإبداعية أضاف الكثير للفن والثقافة في سورية، وهو أحد المؤسسين للمعهد وأستاذ لأول دفعة من خريجيه، كما يسجل علامة فارقة في المهرجانات المسرحية ومازال رغم سنوات العطاء قدوة المؤسسة المسرحية والمشهد المسرحي السوري، ولعل رأي الكاتب والناقد سعد القاسم الذي يدير حوارات الملتقى تعرّف بالفنان فضة أكثر عندما قال أنه بعين البصر هو قامة واحدة لكن بعين البصيرة يمثل أربع قامات هي: “الممثل والاداري والمخرج والاستاذ”.

ولا يخفى على كل متابع للحركة الفنية السورية أن الفنان أسعد فضة مبدع من نوع خاص جداً قادر على الاستمرار في التألق والنجومية في كل الأوقات، لم يستطع الزمن أن يهزمه ويسلب منه مقدرته الفائقة على التنوع في أداء رسالته الفنية في كل المجالات سواء في التدريس والإدارة والإخراج والتمثيل، معتمداً على مقومات شخصيته في كل مجال يخوض فيه.

في معرض حديثه مع الطلاب أكد الفنان فضة على ضرورة أن يمتلك كل واحد منهم مشروعه الخاص لأنهم دون ذلك لن يهتدوا للطريق الصحيح، وأن من أهم شروط المشروع هو علاقته بالجمهور ومدى ملامسته لمعاناته وقضاياه، إضافة إلى أن مشروع أي فنان يحتاج عدة تجارب ليعمل انعطافة تغيّر في طريقة تفكير الآخرين، وهناك فنانون كبار قدموا بوقت ما تجارب لها أهميتها بتاريخها ووقتها، وهذه الأهمية عملت تغييراً بآلية التعامل مع التجربة الفنية، مشيراً الفنان فضة إلى الصعوبات الكثيرة التي واجهت مسيرته مع الكثير من الفنانين السوريين، هذه الصعوبات التي لم تعد موجودة الآن، وهنا تكمن الفكرة الأساسية في أن ما أسّس له الرواد وتعبوا من أجله يجب على جيل اليوم من الفنانين أن يدركوه ويحافظوا عليه، كما أوصاهم بالوفاء والاحترام لأساتذتهم ولبعضهم بعيداً عن التنمر الذي يعتبره جريمة. وبيّن فضة أنه عمل بعد عودته من القاهرة حيث درس المسرح في معاهدها على التأسيس لمسرح أكاديمي في سورية كان هو والدكتور فواز الساجر المدرسين الوحيدين فيه فوضعا منهاج التدريس وخرجا الدفعة الأولى من طلابه.

ويحسب للفنان فضة إدارته لأول مهرجان مسرحي عربي هو مهرجان دمشق المسرحي والذي استطاع تحويله الى فرصة للقاء المسرحيين العرب حيث أطلق اتحاد المسرحيين العرب، وكذلك المسرح التجريبي في دمشق الذي أداره المبدع المسرحي سعد الله ونوس، حيث وقف الفنان فضة على خشبة هذا المسرح كممثل في أول عروضه عبر مونودراما “يوميات مجنون لـ “غوغول” إعداد سعد الله ونوس وإخراج فواز الساجر الذي آمن فضة بموهبته واختلاف طريقة إخراجه عن باقي المخرجين.

وانطلاقاً من أن الفنان صاحب رسالة ومشروع تنويري، وهو من صناع الثقافة، ومن قادة الرأي، وله تأثيره في المجتمع، فقد شكلت آراء الفنان أسعد فضة في هذه الإطلالة – كما هي مواقفه دائماً – رسالة فنية وإنسانية، عبّر من خلالها عن موقفه ورأيه كفنان ومواطن من حقه وواجبه الدفاع عن الفن والثقافة والكرامة الإنسانية على امتداد العالم.