مجلة البعث الأسبوعية

مع اقتراب الشتاء .. غاباتنا عرضة للتعدّيات

البعث الأسبوعية – مروان حويجة

مع اقتراب الشتاء أخذت  تكبر المخاوف الحقيقية من تعرّض غاباتنا وحراجنا ” الباهظة القيمة والثمن ” لتعدّيات تستنزف مخزونها وتنوّعها وتستهدف غطاءها الأخضر  ، وعندما تأتي هذه الهواجس والتحذيرات من المعنيين بحماية هذه الثروة الوطنية البالغة الأهمية ،فإنما نكون أمام  ناقوس يستبق الخطر المحدق بغطائنا الحراجي الذي تتنازعه أيضاً مخاطر الحرائق التي لا يزال شبحها مخيّماً على الغابات طيلة شهر تشرين الثاني الذي يشهد هبوب رياح شرقية جافة في مثل هذه الفترة من الزمن، أمّا أن يكون نقص مصادر الطاقة كابوساً حقيقياً على غاباتنا من وجهتين مخالفتين فهنا تكمن الخطورة الكبيرة التي تستوجب الحلول السريعة لمنع كل أشكال التعديات ومنها القطع والاحتطاب والحرائق وغيرها .

استنزاف حقيقي

ويؤكد خبراء حراجيون وأكاديميون مختصون ومهتمون بالشأن البيئي أنّ ثروتنا الحراجية لا تزال عرضة للعديد من التحديات والمخاطر التي تحدق بها وتنذر بانحسار رقعتها ،وبرغم كل ما تعرضّت له غابات اللاذقية من حرائق كبيرة خلال الأعوام الماضية وما تتعرض له من تعدّيات تستهدف تنوعها الحيوي ومخزونها الطبيعي والتي من المفترض أن تدفع باتجاه دعم خطط وإجراءات حمايتها للحفاظ عليها إلّا أنّ الاحتياجات اللازمة لهذه الحماية ليست بالشكل المطلوب ، وهذا ما يؤكده رئيس دائرة الحراج والغابات في مديرية زراعة اللاذقية المهندس جابر صقور في لقاء مع ” البعث الأسبوعية ” مبيّناً أنّ الحراج لا تزال تعاني من استنزاف حقيقي كبير نتيجة التعدّيات القائمة الحاصلة برغم كل الجهود المبذولة من كل القائمين على الغطاء الحراجي وما يتم اتخاذه من إجراءات الحماية ومنها الجولات الميدانية  الدائمة وتنظيم الضبوط الحراجية والحماية من الحرائق ورفع الجاهزية بشكل كامل ،إلا أنّ هذه الجهود غير كافية لحماية الغابات في ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة ولاسيما نقص مصادر  الطاقة : المازوت، الغاز، الكهرباء ،حيث أدّى نقص مصادر الطاقة وضغط الحاجة عليها من المجتمع أدّى إلى هجمة شرسة على الغابات والحراج ،وفي وقت ليست هناك كوادر حراجية كافية في دائرة الحراج  لحماية الغابات من التعدّيات عليها في هذه الظروف.

نقص عمال

وأشار م.صقور إلى أنّه في ظل النقص بالإمكانيات في هذه الظروف فإنّ الحاجة ضرورية للتكاتف والتآزر بين مختلف الجهات والفعاليات لحماية الغابات من التعديات في ظلّ هذه الظروف الصعبة ،لافتًا إلى أن عدد عناصر الضابطة الحراجية لايغطّي الحاجة المطلوبة ولايمكنها أن تغطّي مساحة المحافظة وكذلك هناك نقص في عدد عمّال الحراج وأيضاً نقص في الإمكانيات والاحتياجات الضرورية غير كافية بما في ذلك المعدّات وأيضاً هناك قلّة ونقص في المحروقات اللازمة للآليات وهذه المعيقات تؤثّر على الحماية المطلوبة لأنّ حماية الحراج تتطلب التواجد الدائم  للكوادر الحراجية على مدار الساعة ولاسيما أن أغلب المخالفات تحصل ليلاً مع أنّ المخالف ليس لديه

وقت معيّن سواء في الليل والنهار ،وأحياناً يتم استغلال الظروف الجويّة  فيتم القطع تحت الأمطار وبالتالي هذا يتطلب تواجداً مستمراً على مدار الساعة لكوادر الحراج ضمن المواقع الحراجية على مدار الساعة لضبط أية تعدّيات .

31حريقاً

واعتبرم.صقور أنّ خطورة الحرائق لم يتم تجاوز ذروتها  هذا الموسم، وأنّ احتمالية حدوث الحرائق لاتزال واردة خلال شهر تشرين الثاني في حال هبوب رياح شرقية جافة وانحباس الأمطار فتبقى احتمالية حدوث الحرائق الحراجية واردة .

وعن حصيلة حرائق هذا العام بيّن صقّور أنّه تمّ لغاية تاريخه اخماد ٣١ حريقاً حراجياً بمساحة ٣٥٨ دونماً حراجياً يقابلها ٤٨٢ حريقاً زراعياً بمساحة ١٠٧٢ دونماً ، وأكّد أن هناك تحريجاً وترميماً للمواقع الحراجية المحروقة وتبلغ خطة العام الجاري تبلغ ٧٥٠ هكتار على مستوى المحافظة وقد تمّ البدء بتنفيذ الخطة اعتباراً من  أول شهر تشرين الأول ولايزال العمل مستمراً في التحريج ، وأشار إلى استبدال بعض الأنواع الحراجية بأنواع اقتصادية تنعكس على المجتمع المحلي كالصنوبر الثمري والغار والخرنوب مع تخفيض المساحات المحرّجة بالصنوبريات مقارنة بالأنواع الأخرى المقاومة للحرائق  كالخرنوب ،وهناك  الغار الذي يعود بالفائدة على المجتمع المحلي والتركيز على الأنواع الرحيقية

لأجل استفادة مربّي النحل منها ومن هذه الأنواع الروبينيا.

 العدو الأخطر

وأوضح الدكتور نبيل أبو كف نائب عميد كلية الزراعة في جامعة تشرين أنّ الحرائق تشكّل  العدوّ الأخطر على الحراج بالمقارنة مع  أي عدو آخر ، وتسبّب الحرائق أضراراً كبيرة بمساحات واسعة من الأراضي الزراعية والغابات، مما يلحق الأذى بآلاف الناس.

ومن أهم أسباب الحرائق الحاصلة خلال الفترة الماضية كان التحريق الزراعي، والتنزّه، والإهمال، والتفحيم، والصواعق، مبيناً أنّ  الإجراءات التي تخفّف من أسباب الحرائق تكمن في  تجهيز فرق وكوادر الإطفاء، ووضعها  بأعلى جاهزية، وتأمين الكشف السريع عن الحريق، وسرعة الوصول إليه، وتكثيف برامج التوعية والإرشاد الحراجي، وفصل الأراضي الزراعية عن الحراجية، وتحديد مواقع السياحة البيئية في الغابات، وتفعيل النهج التشاركي مع المجتمع المحلي، وزيادة الدوريات والحراسة لمنع الحرائق المقصودة، وتطبيق خطة استراتيجية متكاملة، والعمل على إيجاد بدائل للسكان المحليين لمنع التفحيم، وتطبيق نهج تشاركي يهدف إلى حماية الغابات، وترميم الطرق الحراجية، وخطوط النار، وتزويد فرق الإطفاء بكل المستلزمات الضرورية، مشدداً  على ضرورة التركيز  على بناء شراكة مع كل الجهات للقيام بأعمال الوقاية من الحرائق ومكافحتها، وإشراك السكان بذلك.

لذلك فأن حماية الحراج من التعديات والحرائق ومخلفات التنزّه، يحتاج للمزيد من تكثيف التوعية، وتعزيز إمكانيات وزارة الزراعة والبلديات والأجهزة المعنية بمراقبتها وحمايتها.

تكثيف الحملات

وركّز أبو كفّ على  أهمية تكثيف الحملات التوعوية وزيادة أعداد عمّال الحماية، والتوسّع بإنشاء الأبراج والطرق في الغابات، لحمايتها من التعديات والحرائق، و للحدّ من أثر الحرائق السلبي على الغابات والبيئة والاشجار المعمرة والغطاء النباتي للنباتات النادرة او المهددة بالانقراض.

ويؤكد د.أبو كف أنّ  الحفاظ على الثروة الحراجية والحدّ من الحرائق مسؤولية الجميع، ما يستدعي ضرورة الإبلاغ عن المتسببين بقصد أو غير قصد ، مشدداً  على دور البلديات والجمعيات البيئية، ومؤسسات المجتمع المدني والمحلي وأندية حماية البيئة المدرسية والمنظمات الشعبية، في تنفيذ الانشطة والبرامج التوعوية والايام التطوعية، للحفاظ على البيئة والثروة الحراجية من أي اعتداءات كالتقطيع أو إشعال الحرائق ورمي النفايات عشوائياً .