مجلة البعث الأسبوعية

منظومة النقل في طرطوس !؟ التعامي والتقاعس يؤججان الفوضى ..!؟

البعث الأسبوعية – مكتب طرطوس

قد نتفهم التزاحم والضغط الهائل على خطوط النقل الداخلي في المدن الكبيرة وأريافها كدمشق مثلاً أو حلب وحمص وحماه واللاذقية، لكن أن “يتكدّس” الركاب في سيارات النقل العام والكراجات وعلى الطرقات ومواقف السرفيس التي تفتقر لمظلات ومقاعد استراحة وشاخصات دلالة وتخطيط طرقي …إلخ في محافظة صغيرة  كطرطوس ومدنها التي لا تعادل حياً دمشقياً ، حينها يكون من الصعب أن تفهم ما يجري ومبرراته , وبطبيعة الحال من غير المقبول تحميله  لـ “قميص”  نقص المحروقات  , ولا التعامي عن التواطؤ المكشوف بين مستثمري الكراجات  والمشرفين عليه ومراقبي الخطوط والسائقين وأصحاب السيارات وتقاعس (الشرطة) لأن الأمر سيكون مدعاة للسخرية والاستهجان سيما إذا علمنا أن أطول الخطوط الداخلية لمدينة المركز  “طرطوس” لا يتعدى خمسة إلى عشرة كيلومترات بما فيها الضواحي…!؟

ومن الطبيعي أن من يركب  “الليكزيس” و”الكامري” والدفع الرباعي وتوابعها مع سائقيها لن يكترث للتفرغ لمشكلة بهذا الحجم , وسندرك ونكتشف حينها لماذا تغيب الحلول والمعالجة وتتأجج عذابات الناس…!؟

الموت المجاني

فبعد أن كانت سيارات النقل العام حتى الأمس القريب تبحث وتفتش عن الراكب “بالفتيلة” تحولت اليوم لما يشبه مشاريع الموت المجاني المؤجل بذرائع عدم كفاية السيارات ونقص المازوت وارتفاع فاتورة الإصلاح والصيانة والإطارات والزيوت…!؟

“البعث الأسبوعية” تفتح ملف النقل في محافظة طرطوس في محاولة  من ِأجل لفت الانتباه إلى حجم وضخامة الكارثة النقلية التي يعيشها المواطن كل يوم وتنتظر الحلول والمعالجة…!!

رغم العدد الهائل “غير الفاعل” لعدد المركبات المسجلة في مديرية نقل طرطوس الذي  يتجاوز عدة آلاف بينها 3931 سيارة سياحية عامة تعمل على الخطوط الداخلية و308 سيارة سياحية عامة على الخط الخارجي بما فيه خط لبنان و752 سرفيس تعمل على الخطوط الداخلية لمدينة طرطوس  و2852 سيرفيس على مستوى المحافظة  و676 “ميكرو باص” على الخطوط الخارجية  إضافة لشركة نقل جماعي واحدة “بولمان” مسجلة لدى مديرية نقل طرطوس وأخرى لدى مديرية نقل حماة , رغم ذلك تعاني المحافظة أزمة نقل خانقة تتعدى نقص مادة المازوت إلى ارتفاع أجور الصيانة وغلاء قطع الغيار وهروب عدد من المركبات من خطوطها والتلاعب بمخصصات المازوت وبيعها في السوق السوداء الأمر الذي فاقم الأزمة وكشف عجز الجهات المعنية  في التحكم وضبط  تداعياتها بسبب التواطؤ أو عدم فاعلية الإجراءات التي يدفع المواطن ضريبتها اليومية  دون وجود بارقة أمل  تخفف من وطأة الفوضى وتضع حداً  للطوابير التي تتحول مع إشراقة كل شمس إلى موج هادر يزحف إلى مركز المدينة للعمل أو المدرسة والجامعة..!؟

لا يوجد نقص

يقول م. نضال بركات مدير نقل طرطوس أنه من خلال لجنة نقل الركاب فإن  العمل يجري بشكل مستمر لضبط مسار المركبات ومعالجة أسباب الأزمة بحسب الإمكانيات المتوفرة، لافتاً إلى  أنه لا يوجد نقص في عدد المركبات  وهي تلبي الخدمة ولكن ربما توجد بعض الصعوبات التي قد تؤثر على استمرار عملها كارتفاع أجور الصيانة وغيرها وهذا خارج عن عمل المديرية..!؟

ليس أفضل !

بالمقابل  فإذا كان وضع  النقل الصعب  وفوضى السرافيس العاملة ضمن المدينة وريفها فإن حال مستخدمي باصات النقل الداخلي ليس أفضل حالاً رغم ما تعمل عليه مدينة طرطوس لامتصاص أزمة النقل الخانقة ضمن مدينة طرطوس من خلال رفد خطوط المدينة بعدد كاف من باصات النقل الداخلي بحسب م. نهلة حداد مدير النقل الداخلي في مجلس المدينة  التي أوضحت أن عدد الباصات العاملة على خطوط المدينة 23 باصاً من أصل  34 أي أن هناك أحد عشر باصاً خارج الخدمة بسبب وجود أعطال..!؟

وتقول : تم تشكيل لجنة من مجلس المدينة لتحديد أعطال الباص وتكاليف إصلاحها التقديري لها وتم تسطير كتاب إلى وزارة الإدارة المحلية والبيئة عن طريق المحافظ , وعند وضع هذه الباصات بالخدمة سيتم رفد كافة الخطوط بباصات إضافية , ورغم  ذلك – بحسب حداد –  فإن العدد غير كاف لتخديم المدينة بالشكل الأمثل، والمدينة الآن بانتظار الإجراءات المتعلقة بالمسابقة المركزية  للسائقين للعمل على ورديتين أو أكثر وتكثيف الباصات على الخطوط الأكثر ازدحاماً.

إعداد دراسة

وحول غياب الجباية الآلية . بينت حداد أنه يتم العمل مع الشركة العامة للنقل الداخلي بدمشق لإعداد دراسة لتطبيقها في شركات النقل الأربعة في المحافظات، إضافة إلى دراسة لتركيب أجهزة التتبع الالكتروني الـ GBS في الباصات مع زيادة مخصصات الوقود ليتم تخديم وتخفيف الازدحام على خطوط  منطقتي الشيخ سعد ودوير الشيخ سعد  وباقي الخطوط .

وإشارات حداد إلى تأخر صدور نتائج المسابقة المركزية بما يتعلق بتعيين عدد من السائقين للعمل على باصات مركّنة أو غير قادرة على العمل  أو مزاجية سائق من هنا واستغلال  آخر لظروف المواطنين.

 

تمرد سائقين !

يعد الوصول إلى مكان العمل والعودة إلى المنزل  رحلة يومية شاقة تبدأ بانتظار مديد يصل لساعة من الزمن ” إن لم نقل أكثر” كما أن الكثير من طلاب الجامعات والمعاهد القاطنين في القرى يخرجون من منازلهم قبل خمسة ساعات من موعد المحاضرة ، عدا حلم الناس المتجمهرة أمام وسيلة النقل للفوز بمقعد ” ولو معاكس”، إذ يعد النقل ضمن مدينة طرطوس إشكالية مزمنة  في أوقات الذروة مع ضغط الركاب ولا سيما في باصات النقل الداخلي التي تغص بالصاعدين وقوفاً، علماً أن الكثير من أرياف مناطق المحافظة ليس لها خط سير منذ أكثر من عشرين عاماً رغم المطالبات العديدة والمتكررة في كل المؤتمرات والاجتماعات دون جدوى..!؟

 

دور المحافظة…

وبين عضو المكتب التنفيذي المختص بمجلس المحافظة م. آصف حسن أن المحافظة تقوم من خلال لجنة نقل الركاب ببذل أقصى الجهود للتخفيف من أزمة النقل من خلال التواصل مع فرع المرور ومدراء المناطق ومركز الانطلاق للتشدد في ضبط حالات التسرب وإلزام السرافيس بالعمل على خطوطها لتأمين نقل المواطنين وتنظيم المخالفات والعقوبات بحق المخالفين ومتابعة واقع النقل بشكل يومي، وفي حال ورود أي شكوى أو مشاهدة حالات ازدحام على أي خط من خطوط المحافظة يتم التدخل لمعالجة تلك الحالات..!!

وعن دور لجنة نقل الركاب في تحديد خطوط السير وعدد السيارات العاملة ، أفاد “حسن” أن اللجنة تقوم بدراسة واقع الازدحام على الخطوط وإعطاء الموافقات للسرافيس للعمل على الخطوط منعا للنقص والازدحام ، كما تدرس طلبات نقل الخطوط للسيارات المنقولة إلى المحافظة ووضعها على الخطوط الأكثر ازدحاماً.

 

الـGBS   تباعاً…

وحول الخطوط التي ستنفذ  جهاز التتبع الالكتروني  ،أوضح  عضو المكتب التنفيذي أن الخطوط المقترحة حالياً هي طرطوس صافيتا ، طرطوس الدريكيش ، طرطوس الشيخ سعد ودوير الشيخ سعد ، وسيتم تركيب الجهاز لباقي الخطوط تباعاً وخلال فترة زمنية لاحقة ، وتأتي أهمية تقنية الـ GPS وفقا لحسن، من خلال قدرتها على ضبط عمل السرافيس والحد من حالات التسرب الذي من شأنه التخفيف من أزمة النقل ، مبينا أنه يتم العمل حالياً على رفد الخطوط المزدحمة من سيارات الخطوط الأقل ازدحاماً خاصة في أوقات الذروة…

 

ضمن الإمكانيات

 قائد شرطة محافظة طرطوس العميد وفيق أبو دلة  قال : نقوم ضمن الإمكانيات المتاحة ومن خلال الآليات المتوفرة لتأمين نقل الطلاب والموظفين والمواطنين سواء ضمن أحياء المدينة أو من المدينة إلى الريف وبالعكس ، آخذين بعين الاعتبار الكثافة السكانية لبعض المناطق بتخصيصها بوسائط نقل إضافية على الرغم من خروج بعض الآليات من الخدمة بسبب الأعطال تارة أو توقف البطاقة الذكية تارة أخرى بسبب عطل في الشبكة الالكترونية٠

عقوبات للمخالفين

وأكد العميد “أبو دلة” أن قيادة الشرطة تقوم بتطبيق آلية عمل محددة في مراكز الانطلاق بكافة المواقع من خلال إلزام السائقين بوضع ختم في بداية الخط ونهايته وبالعكس ، كذلك الأمر في المدينة حيث تتم مراقبة هذه الآلية من قبل عناصر الشرطة وموظفين مدنيين من البلديات التابعة لها مراكز الانطلاق ، مبينا أنه في حال تلاعب ومخالفة سائقي بعض الباصات يتم فرض العقوبة حسب نوع المخالفة المرتكبة منها حجز المركبة لمدة ٢٤ ساعة ولمدة شهر في حال التكرار ودفع قيمة مخالفة تترواح بين ٢٥ و٧٥ ألف ليرة يعود ريعها لصندوق المحافظة ، إضافة الى حسم نقاط من إجازة السوق للمخالفين ومنعه من استلام كمية الوقود المخصصة في حال عدم وصوله الى نهاية الخط المحدد ، أما في حال زيادة الأجرة يتم تنظيم ضبط عدلي ويقدم المخالف إلى القضاء أصولاً.

وأردف قائد الشرطة : يتم فرز باصات كبيرة تعمل على خطوط دمشق حلب حمص حماه لتخديم المناطق والنواحي خلال فترات الذروة ، ويتم ذلك من خلال مركز الانطلاق في المدينة ومدراء المناطق والنواحي وذلك حسب الحاجة وشدد قائد شرطة المحافظة على السائقين الالتزام الكامل بالخطوط التي يعملون عليها وعدم استغلال قيام الدولة بتقديم المحروقات بالسعر المدعوم لسياراتهم بهدف نقل المواطنين لبيع المادة بالسوق السوداء لتحقيق مكاسب مادية على حساب المواطنين الذين هم بالأساس أقاربهم أو أبناء بلداتهم ، كما طالب المواطنين بالإعلام عن أية حالة تلاعب ليصار لمعالجتها بوقتها…

 

الصيانة و الإصلاحات !

أمام مأساة المواطنين ومعاناتهم المستمرة في النقل وتأمين وسائله على كافة الخطوط والتفرعات تبدو هواجس السائقين وأحوالهم ليست بأفضل حالاً وينقل وائل حسين رئيس نقابة عمال النقل البري تفاصيل عمل أولئك السائقين المقدر عددهم في المحافظة بأربعة آلاف سائق ويتم متابعتهم بشكل مستمر من قبل النقابة حيث تم إحداث هيئه إدارية مؤلفة من عدد من السائقين على كل خط تكون مسؤوله عن انتظام السير وإدارة شؤونه ، وتقوم النقابة بتنظيم العمل على خطوط النقل في مراكز الانطلاق.

وبين “حسين”  هواجس جراء بدء تطبيق الـ جهاز التتبع  تتعلق بجودة الجهاز وفاعليته ودقة تسجيل المسافة المقطوعة وهل سيسجل المسافة عند غياب وانقطاع النت والشبكة أم لا، وكيف سيكون التعامل مع السائقين الذين يقطنون في الأرياف والمناطق ويقطعون مسافة للوصول إلى خطوط سيرهم ، وهل يحتاج الجهاز لصيانة دورية ، وما هو عمره الزمني ، ويرى رئيس النقابة لهذه الهواجس على أنها محقة ومشروعة وبحاجة لتوضيحات وشرح.

وأضاف : هناك اليوم صعوبات ومشكلات كثيرة تعرقل عمل السائقين وتخديمهم للخطوط أبرزها قدم أسطول النقل العامل في مجال نقل الركاب بالمحافظة واهتلاكه ، وحاجته للصيانة الدورية وأحيانا اليومية كما أن غلاء القطع التبديلية وفقدان بعضها من المناطق الصناعية يجعل المعاناة في ازدياد ويجد معظم السائقين أنفسهم أمام ارتفاع جنوني في أسعار الزيوت والإطارات واليد العاملة في مجال صيانة السيارات وتفاوتها بين ورشة وأخرى ومحل وآخر ومن منطقه لأخرى ويختم أن بعض السائقين يشعرون اليوم بعدم وجود جدوى اقتصادية من عمل السيارة لان نفقات التشغيل باهظة وأكثر من الإنتاج.

تعديل ضروري…

ويشير رئيس نقابة النقل البري إلى ضرورة تعديل أسعار وأجور النقل لسيارات النقل العامة بما ينعكس إيجاباً على توفر تلك الوسائل ، علماً أن النقابة أعدت مؤخراً دراسة لكلفة التشغيل لكل واحد كم في ميكروباصات نقل الركاب من حيث استهلاك الوقود والزيوت والإطارات وقطع التبديل والصيانة وبدل الخدمات والرسوم من أجل بيان كلفة التشغيل المرتفعة ، وإصدار تسعيرة مناسبة للنقل تتناسب مع الارتفاع الجنوني لأسعار القطع التبديلية وكلف التشغيل ، مشيراً في الوقت نفسه أن النقابة توجه السائقين للالتزام بالتسعيرة المحددة من قبل مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك كي لا يتعرضوا للمخالفة والغرامة المالية الباهظة.

وقدم رئيس النقابة   مجموعة مقترحات من شأنها تحسين واقع النقل منها إمكانية استبدال السيارات المستعملة والمتهالكة بسيارات حديثة مع وجود بعض الإعفاءات وإيجاد آلية لضبط أسواق بيع القطع التبديلية المستعملة في صيانة السيارات في المناطق الصناعية عن طريق لجنه مؤلفة من مندوب من التموين والمحافظة واتحادي الحرفيين والعمال مهمتها مراقبة أسعار القطع التبديلية والطلب من جمعية إصلاح السيارات إصدار تسعيرة لأجور اليد العاملة في الصيانة والإصلاح أسوة بباقي المهن…