ثقافةصحيفة البعث

رسائل جمالية وتجسيد للبيئة البحرية في ملتقى النحت السوري الأول

طرطوس – رشا سليمان

انطلقت أعمال ملتقى النحت السوري الأول في منتجع جونادا على شاطئ البحر في طرطوس، والفكرة هي الأولى من نوعها في بلادنا لتجسيد البيئة البحرية على جدار صخري بالقرب من المنتجع، إضافة لعدد من الأعمال المنفردة وسط الناس بجانب المنتجع على كورنيش مدينة طرطوس، تحت رعاية وزارة الثقافة وبمشاركة ١٥ فناناً من كافة المحافظات السورية، ويستمر الملتقى  على مدى خمسة عشر يوماً منذ بداية الشهر الجاري.

يقول النحات العالمي أكثم عبد الحميد مدير الملتقى إن فكرة الملتقى أتت من ايطاليا، وهي حالة مشابهه للجدار الصخري في داخل منتجع جونادا، حيث تمكن فنانون عالميون من تشكيل جدار صخري بطول ٣كم إلى منحوتات جمالية، من هنا أتت فكرة تحويل الجدار داخل المنتجع إلى رولييف صخري منحوت بأيادي فناني سورية، تجسيداً للبيئة البحرية وماتحويه من خيرات وحضارات قديمة.

وبين عبد الحميد أن العمل النحتي قسم إلى جزأين منه داخل المنتجع على الجدار الداخلي بمشاركة عدة فنانين من مختلف المحافظات، إضافة إلى أعمال منفردة خارج المنتجع وسط الناس ليتفاعلوا مع هذه الأعمال وتكون صدى للداخل، وأشار عبد الحميد إلى أن التوجه أن تكون الأعمال من البيئة البحرية، و أساطير البحر ورموزه، وأن تكون الأعمال تحمل المضمون والجمال بنفس الوقت.

وتحدث النحات أكثم عبد الحميد عن العمل النحتي الذي يقوم بإنجازه، ويمثل أمواج سورية والتي تعبّر عن أرواد المرأة الجاثمة في البحر وهي الحضارة الفينيقية القديمة وثقافة سورية الحديثة، ورمز وتعبير عن البيئة البحرية، والتي كانت من العواصم الفينيقية سابقاً.

وتحدث الفنان علاء محمد ابن مدينة طرطوس عن عمله المشارك به ضمن الملتقى وهو عبارة عن امرأة ينتثر شعرها كأنها تخرج من مياه البحر، وهناك عدد من الرموز البحرية من سمك وطيور النورس وهي من صلب المكان، ولفت محمد إلى أن منحوتته تعبّر عن جمال الأنثى في الساحل السوري وخصوبتها، ولفت إلى أن الفنان ينشر الجمال في الساحات أو في البيوت أو في المنابر الثقافية ويترك للمتلقي حرية تفسير المنحوتة ويأخذ ما يراه جميلاً فيها، واعتبر أن الفنان صاحب رسالة فكرية وجمالية وبصرية يترك لدى المتلقي أثراً، خاصة وأن المنحوتة في الأساس هي صخرة جامدة صقلها الفنان وترك عليها لمساته وأفكاره الإبداعية، ومن ثم شاهدها المتلقي، هذا الحوار يلامس جزءاً من مشاعره، وهذه هي الناحية الإيجابية الأهم، وبالرغم من كثافة العمل والجهد المبذول لإنهاء الأعمال النحتية ضمن المدة المحددة، أكد محمد أن المتعة الحقيقية هي إنجاز العمل النحتي الكفيل بالتغطية على كثافة الجهود.

في حين فضّل النحات والرسام أكثم سلوم عدم التحدث عن منحوتته أو تسميتها تاركاً للمتلقى ذلك، أن يفسر الرموز والنواحي الجمالية في المنحوتة كما يراها، واعتبر سلوم أن النحت هو شغف النحات لممارسة هذه المهنة، معتبراً أنه يجب أن يكون في رصيده يومياً عمل فني جديد ليستمر، واعتبر أن الفن بشكل عام يبعث رسائل للإنسان لها علاقة بالجمال والحس، وهو يهذب نفس الإنسان ويرتقي به نحو الجمال، ولفت النحات أكثم سلوم إلى أنه من الضروري جداً أن يعمل النحات وسط الناس، لينشأ حوار مع المحيط مباشرة، خاصة وأن من لديهم ثقافة فنية في مجتمعاتنا قلة، فالعمل في الشارع يزرع شيئاً جميلاً لدى الناس وربما يحفز الموهوبين، كما يمكن تحريض حواس الأطفال وجذبها اتجاه الفن.

وتعمل النحاتة أمل زيات ضمن مشاركتها في الملتقى في رولييف الجدار بحسب قولها، ومكوناته تتلخص بالبيئة البحرية، حيث يعمل كل نحات بأسلوبه ضمن نفس الموضوع، وتشارك في الجزء الخاص برمز السمكة الموجودة في كافة الحضارات السورية القديمة، مع كتابة اسم سورية بالأحرف الآرامية تذكيراً بالخيرات والحضارات القديمة التي كانت موجودة سابقاً، ولفتت زيات إلى أنه في الملتقى هناك لقاءات وتبادل للخبرات، خاصة وأن كل فنان يعمل بمنطق وفكر مختلف عن النحات الآخر بأسلوب مغاير، والاحتكاك المباشر مع الفنانين هي فرصة لتزويد الفنان بثقافات مختلفة، وتنمية القدرات والمهارات.