مجلة البعث الأسبوعية

سناء قولي: إذا امتلك الطفل تذوق الفن سيساهم في رفع مستوى الحضارة في الوطن

جمان بركات

فن الرسم للأطفال يشبه الشهد الخام المستخرج من خلايا النحل بشمعه اللامع وفوائده العظيمة لخلايا الجسد، وكذلك الرسم للأطفال يغذي الذائقة ويبعث في نفوسهم مكامن من الجمال والالق، وسناء قولي أتقنت فن صناعة العسل من ألوانها وقصاقيصها الورقية الملونة لتشكل بطريقة الكولاج لوحات تشبه الفسيفساء التاريخية الجميلة التي تذخر بها أرض سورية وحضارتها، وللوقوف على أهم مزايا فنها ومحطات رحلاتها في هذا العالم البهي كان لمجلة البعث الأسبوعية هذا الحوار معها.

*كيف بدأت موهبة سناء قولي تتفتق؟

**في البداية أحب أن أشكر مجلة “البعث الأسبوعية” لإتاحة المجال للحديث حول موضوع الرسوم الموجهة للطفل وأهميته، لأن الطفل إذا كان لديه التذوق للفن سيساهم في رفع مستوى الحضارة في الوطن، البدايات لا أذكر تاريخاً لبداية الفن عندي، لأني منذ صار لدي الوعي كنت أحمل القلم وأرسم، أما في مرحلة الدراسة كان جميع تلاميذ المدرسة يعرفوني لأنني كنت “الرسامة”.

في المرحلة الإعدادية في السبعينات كنت أصنع بطاقات المعايدة بطريقة الكولاج استعمل الورق الملون والأقمشة ومواد مختلفة، أرسم للكبار والصغار.

في الثمانينات رسمت في مجلة “أسامة” وفي مجلة “الطليعي” ورسمت في صحيفة البعث أفكار تربوية للأطفال بالإضافة لبعض أبيات الشعر الموزون.

حصلت على الشهادة الثانوية عام ١٩٧٣ وكنت مصممة على دخول كلية الفنون الجميلة، ولكن الفن حينها لم يكن له قيمة، الجميع كانوا في دهشة، كيف ادخل كلية الفنون وكان متاح لي دخول عدد من كليات الجامعة، المهم دخلت -كما يريدون- واخترت كلية العلوم وحصلت على إجازة في العلوم الطبيعية الحيوية الكيميائية عام ١٩٧٨وأوكلت لي مهمة مدرسة للعلوم في وزارة التربية، ولكني بعد عام صار معي ظرف صحي أحلت على التقاعد صحياً بسببه.

وبقي الفن في ذهني.. رسمت ورسمت واشتركت في المعارض الرسمية وبالمعارض السنوية وأثبتت وجودي، وأصبحت عضو نقابة الفنون عام ١٩٩٣، وعملت عدد من المعارض الفردية وأولها معرضي الفردي للأطفال بطريقة كولاج الأقمشة في صالة نصير شورى عام ١٩٩٧، وبعدها عملت عدداً من المعارض الفردية أذكر منها في المركز الثقافي أبو رمانة، وآخرها في مركز الفن المعاصر التابع لوزارة التربية عند الأستاذ موفق مخول، حيث اقترن مني السيد وزير التربية الدكتور دارم الطباع عدد من اللوحات وأهدى منها السيد وزير التربية الإيراني.

والجدير بالذكر أنه في منهاج الصف الثالث الابتدائي في كتاب التربية الفنية البصرية والجمالية صفحات خاصة لي، ويخصصون حصة دراسية كاملة للحديث عن فن سناء قولي ويقوم التلاميذ فيها بتقليد رسومي.

*ماهي أهم المحطات الفنية التي أطلقت موهبة سناء قولي في فن الرسم للأطفال؟

**منذ وجود الأنترنت وظهور الفيسبوك ومحطات التواصل الاجتماعي تبلورت موهبتي أكثر وصارت تصل إلى الجمهور دون عناء، وأصبحت أشاهد تجارب الفنانين الأجانب أكثر وأطور من رسومي ومداركي.

وأهم محطة جعلتني أمتهن رسوم الأطفال جدياً هي الحرب في سورية حيث اتجهت إلى الاتصال بدور النشر وقررت رسم كتب الأطفال، ووجدت متعة فيها بالإضافة إلى المردود المادي لكي نعيش حيث أننا أنا وزوجي كنا مهجرين واستأجرنا بيوتاً عديدة.

رسمت حوالي ٦٠ كتاباً للطفل ورسمت في مجلات عديدة في البلدان العربية وغير العربية: سورية، الكويت، السعودية، الإمارات، الأردن، العراق، لبنان، تركيا، أوروبا.

وطبعاً كلما رسمت أكثر أصبحت تجربتي أكبر وتطورت رسومي، ومن المفروض أن يتطور الفنان بشكل دائم ومستحيل أن يصل إلى نهاية، وإذا أعتقد ذلك فقد انتهى، ورسومي في تطور دائم، وهذا العام يختلف عن الذي مضى.

*من هم القدوة والمعلمين الأوائل وأصحاب اليد البيضاء في إيصال صوت سنا قولي الفني عالياً؟

**القدوة.. والدتي “رحمها الله” كانت ترسم جيداً بالوراثة عملت عملها معي أنا وأخواتي، حيث أن أختي وزوجها خريجي كلية الفنون الجميلة بدمشق وأتموا دراسة الدكتوراه في فرنسا وما زال زوج أختي أستاذ دكتور في كلية الفنون وشغل منصب عميد الكلية لفترة، وكذلك أختي كانت تدرس في معهد أعداد المدرسين وهذه البيئة الفنية من حولي ساعدتني كثيراً في تطوير نفسي.

*ما هي أهم الدوريات والأعمال التي لازالت لديها ذكريات محفزة في خلدك ووجدانك؟

ذكرياتي المحفزة لم أصل لها بعد، أريد عمل معرض على مستوى رفيع بكل إمكانياتي الفنية والمادية، ولا يقتصر على اللوحات بل يتعدى إلى الأبعاد الثلاثية، لكن رسوم الكتب لا تدع لي مجال لذلك فالوقت قليل والمشروع كبير.

*كيف ترى سناء قولي ثقافة وفن الأطفال في سورية في هذه الأيام، وهل من آفاق للتطوير؟

**لكي تصبح لدى الأطفال ثقافة فنية بذوق رفيع نحتاج إلى معلمين أكفاء، وللأسف فإن من يعلم الأطفال حالياً يحتاج إلى تعليم، فأنك ترى من يعمل دورة في مركز أدهم إسماعيل ينصب نفسه لتعليم دورات للأطفال ويعلمهم أشياء خاطئة، وطبعاً في هذه الأحوال الرديئة من الحروب وما نعانيه فالوقت غير مناسب.

*في الختام لابد من كلمات للمواهب الجديدة الوافدة، هل من نصائح وتطلعات ورؤى تتمناها لهم وبهم سناء قولي؟

**نصيحتي للمواهب الجديدة إياكم والتقليد، من الممكن أن يأخذ الفنان فكرة جميلة ويطورها بأسلوبه، ولكن التقليد الأعمى لا يناسب بيئتنا ولا يمت لها بصلة.

فمثلاً الحركات العنيفة والعيون الكبيرة للرسوم اليابانية التي يكررها بعض رسامي الطفل غير مقبولة وبعيدة عن مجتمعنا، ويجب على رسام الأطفال أن يرسم داخله.