زواياصحيفة البعث

لماذا هذه التصريحات؟

علي اليوسف

في هذا التوقيت بالذات الذي يشهد تطورات إقليمية ودولية متسارعة، من الطبيعي أن يعود الجميع الى سورية لما لها من دور مهم ومؤثر في مجرى الأحداث المستقبلية التي بدأت ترتسم بعض من ملامحها، لكن لا يظنن أحد، وتحديداً المحتل التركي، أن أي تطور لن يتم حتى إزالة الخلافات المتعلقة بمحاربة الإرهاب، وأن يبنى الأساس على احترام سيادة واستقلال سورية.

صحيح أنه تكثر التكهنات لجهة الرعاية الروسية ومستوى اللقاءات بين الجانبين، وإن كانت لا تزال في بداياتها، إلا أن الطرف التركي لا يزال يعيش أوهام الماضي، إذ من المستغرب أن تخرج تصريحات باسم الرئاسة التركية بأن “عملية عسكرية برية” (أي عملية عزو) في سورية ممكنة في أي وقت، وكأن الأراضي السورية حديقة خلفية ليس لها من يدافع عنها، أو يحميها، ويصد عها أطماع الاحتلال، ويعيدها الى حضن الوطن كباقي المناطق التي حررها الجيش العربي السوري من يد الإرهابيين وداعميهم بغض النظر عن تسمياتهم.

لذلك، فهذه التصريحات لن تكون ورقة ابتزاز على الإطلاق، لأن منطق الأشياء يقول أن النظام التركي بات بحاجة الى سورية أكثر من أي وقت مضى، خاصةً في هذا الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد التركي أسوأ ركود منذ تطور الأحلام العثمانية والحلم بالماضي البائد، بل إنها تصريحات لا تخدم الغرض المنشود بعد سنوات من القطيعة..

يبدو أن السلطات التركية لا تريد التعلم من دروس الماضي، ودروس ارتداد الإرهاب عليها، ولا تريد الاعتراف بأن تواجد القوات التركية على الأراضي السورية، ودعم أنقرة للجماعات الإرهابية، يعوقان أي جهود لأي تقارب ولو كان جزئياً، لكن ما دامت هذه العقلية هي السائدة لدى النظام التركي، فليس بوسع سورية إلا أن تعيد التذكير ببدهياتها في المحادثات مع أي قوة محتلة، وفي المقددمة الانسحاب من الأراضي السورية التي احتلتها، ووقف دعم التنظيمات الإرهابية.