دراساتصحيفة البعث

قراءة في كتاب “الملكة.. حياتها”

علي اليوسف

منذ أوائل التسعينيات من القرن الماضي، كان أندرو مورتون هو كاتب السيرة الذاتية للعائلة المالكة في إنكلترا، ولعلّ كتابه في أوائل التسعينيات المعنون “ديانا.. قصتها الحقيقية” كان الأكثر رواجاً، وخاصةً بعد وفاتها.

قبل “ديانا”، كتب مورتون كتباً عن أندرو وسارة، وبعد “ديانا” التفت إلى ويليام وكيت، ثم إلى هاري وميغان، ومؤخراً إلى إليزابيث ومارغريت. كان مورتون متواجداً في أغلب الأوقات بين الطابقين العلوي والسفلي لقصر برمنغهام، وكان دائم التحدث مع رجال الحاشية والمراسلين، وأقام صداقة مع البعض في الدائرة الضيّقة من الملكة إليزابيث الذين يفضّلون عدم الكشف عن هويتهم.

كان من المفترض في الأصل نشر كتاب “الملكة.. حياتها” في الربيع من هذا العام، لكن توفيت صاحبة الجلالة، وهو ما شكّل مناسبة جيدة لتسويق الكتاب، لكن على الرغم من الانتهاء من كتابة السيرة الذاتية الجديدة للملكة الراحلة في آب 2022، إلا أن الكتاب يحتوي الكثير من الاندفاع، ونقصاً في المعلومات.

بغضّ النظر عما يعتقده المرء عن الملكية التي تغيّرت وتفتّت، والتي خضعت كثيراً للاستقصاء، وحتى السخرية، إلا أن المرأة التي باتت ملكة منذ طفولتها، وقيادتها طويلة الأمد، تستحق تحليلاً مدروساً أكثر من اندفاعة سريعة في الأدبيات الموجودة في كتاب أندرو مورتون الذي انغمس في الأحداث الخاصة.

حتى أثناء أداء الأوامر عن ظهر قلب، يمكن أن يكون مورتون ساخراً وجافاً، وخاصةً حين أشار في كتابه إلى أن نشأة البطلة التي كانت “أقل من ديزني، والمزيد من الإخوة غريم”، وأن أفراد العائلة المالكة كانوا يستمتعون ذات مرة على الشاطئ -بأسلوب كينيدي صريح- ويقذفون على بعضهم الحصى، وثم يقذفونها في البحر، بينما الملكة إليزابيث كانت تجلس وتنتابها سعادة غامرة.

على مدى فصول الكتاب، سيخرج جميع القراء، وخاصةً غير المطلعين بقدر كبير من التحليلات للحقائق الأساسية لحياة الملكة، ومن تلك التحليلات ما تمّ إخبارهم به -أربع مرات- أن والد إليزابيث، الملك جورج، كان يعاني من “الصرير” أو نوبات الغضب الناجمة عن الإحباط من تلعثمه. كما تمّ تذكير القراء -ثلاث مرات- بأن الأميرة مارغريت وزوجها، أنتوني أرمسترونغ جونز، كانا رموز العائلة المالكة في الستينيات. حتى الشره المرضي لديانا، الذي كشفته لمورتون في عام 1992، تمت الإشارة إليه بشكل عابر، ولكن بشكل متكرّر!.

يقول الكاتب: كان لدى إليزابيث صندوق أحمر للإرساليات الحكومية يتمّ تسليمها يومياً تقريباً، وهذا الصندوق الأحمر كان بمثابة إخبار لعدد من أفراد العائلة المالكة أن الأوقات ستتغيّر، وقد استخدمت هذه العبارة مرة أخرى كي يُسمح للأمير إدوارد بالعيش مع زوجته المستقبلية صوفي ريس جونز في الغرف المجاورة في قصر باكنغهام.

يعيد الكاتب التذكير بأن “الملكة” ليست قاسية، وأنها تقدم خدمات كثيرة، وفي هذا السياق يضيء الكاتب على التغييرات المتوترة التي استلزمتها وفاتها. يكتب مورتون: “لديها وجه يبدو غاضباً عندما تحاول ألا تبتسم”. وخلال هذا الاستعراض قفز الكاتب بين بعض المفارقات التاريخية الغريبة وغير الضرورية، مثل أن الملكة ماري، حماة إليزابيث، سعت إلى “معالج” للحصول على المشورة بشأن علاقة ابنها إدوارد مع واليس سيمبسون، وأن مربية إليزابيث ومارغريت، كراوفي، اصطحبتهم لتشتيت انتباههم في الرحلات الاستكشافية في “مترو الأنفاق” في لندن.

في هذا الكتاب، قام الكاتب بنشر السيرة الذاتية للملكة اليزابيث بطريقة شخصية غريبة، كما فعل في السابق حين نشر كتابه المعنون: “ديانا.. قصتها الحقيقية”، حيث تمّ الاستشهاد بهذا الكتاب في فصول كتابه الجديد التي تتناول تفكك الزيجات لأطفال الملكة، وكأن مورتون بات جزءاً من السرد.

إذا كنت لا تعرف شيئاً على الإطلاق عن إليزابيث وندسور، فهذا كتاب تمهيدي مُرضٍ تماماً، ولكن إذا كنت من عشاق المسلسلات الملكية، فستشعر وكأنك تقف في حفلة مضطراً إلى الإيماء والابتسام بأدب بينما يروي زوجك، ربما بعد عدد قليل من أكواب القهوة، إحدى حكاياته المفضلة، التي تتكرر أكثر من مرة.