جزر المحيط الهادئ لن تكون بيادق جيوسياسية
عائدة أسعد
تولي الولايات المتحدة اهتماماً أكبر بدول جزر المحيط الهادئ كجزء من إستراتيجيتها لمواجهة نفوذ الصين المتزايد في المنطقة، ومن بين التحركات لتعميق العلاقات مع دول المنطقة كانت اتفاقية دفاع مع بابوا غينيا الجديدة التي تمّ توقيعها قبل يومين، حيث تتيح الاتفاقية للقوات الأمريكية الوصول إلى موانئ ومطارات الدولة الواقعة في المحيط الهادئ. كما تمّ توقيع اتفاقيات استراتيجية جديدة مع بالاو، وميكرونيزيا، وتخطّط الولايات المتحدة أيضاً لتوقيع اتفاقية مماثلة مع جزر مارشال في الأسابيع المقبلة.
ومن المقرّر أن يجري وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين محادثات منفصلة مع قادة دول جزر المحيط الهادئ الـ14 الذين اجتمعوا في عاصمة بابوا غينيا الجديدة، بورت مورسبي، لحضور قمة.
وأما الصين التي عمقت في السنوات الأخيرة تبادلاتها وتعاونها مع دول جزر المحيط الهادئ في مجالات مثل الخدمات العامة، والتعليم، وصناعة صيد الأسماك، فقد أوضحت أنها غير مهتمة بالانخراط في منافسة جيوسياسية مع الولايات المتحدة في منطقة جزر المحيط الهادئ، أو في أي مكان آخر.
وبالتالي، من المثير للقلق رؤية الولايات المتحدة تدفع باستمرار إلى الأمام في الجهود المبذولة لمواجهة ما تعتبره تحدياً من علاقات التعاون الصينية مع دول المنطقة، والتي لا تبشّر بالخير بالنسبة للسلام والاستقرار في المنطقة وخارجها.
وقد جاءت خطة فتح جبهة جيوسياسية جديدة ضد الصين بين دول جزر المحيط الهادئ بعد أن أعلنت الولايات المتحدة استراتيجية شراكة المحيط الهادئ في أيلول عام 2022، والتي أكدت فيها ما تدّعي أنه ضغط وإكراه اقتصادي من الصين يهدّد بتقويض السلام والازدهار وأمن المنطقة.
ومع ذلك، على الرغم من الاتفاقيات الأخيرة، فإن دول جزر المحيط الهادئ، التي انضمت إلى الجوقة المناهضة للصين التي تنظمها الولايات المتحدة، إلا أن تلك الدول لن تكون بيادق جيوسياسية للولايات المتحدة، ويرجع ذلك أساساً إلى أن جميع الدول تقريباً ترى أن تغيّر المناخ هو التهديد الرئيسي وليس الصين.
إن طبيعة الهجوم الساحر الذي تشنّه الولايات المتحدة بين الدول الجزرية -وهو احتواء نفوذ الصين بدلاً من تلبية احتياجاتها التنموية– تحدّد أن إستراتيجيتها في المحيط الهادئ لن تذهب بعيداً، ولاسيما بالنظر إلى أن قادة جزر المحيط الهادئ لا يريدون أن يجبروا على الاختيار بين الصين والولايات المتحدة. على سبيل المثال، نفى رئيس وزراء بابوا غينيا الجديدة جيمس ماراب أن توقيع الاتفاق مع الولايات المتحدة سيمنع بلاده من العمل مع الصين كونها الشريك التجاري المهمّ.
من هنا يجب على الولايات المتحدة أن تساهم أكثر في تنمية دول جزر المحيط الهادئ ، بدلاً من محاولة إقناعها بركوب عربتها المعادية للصين.