اقتصادصحيفة البعث

ذريعة المضاربة وأخلاق التجار!!

حسن النابلسي

شهد سعر صرف الدولار مقابل الليرة استقراراً جزئياً لمدة عامين، إذ كان حوالى  4500 ليرة سورية، في ظل سياسة نقدية جديدة واكبت متطلبات المرحلة للدفاع عن قيمة الليرة، كونها الخط الكفيل بالتعبير عن قوة الدولة اقتصادياً، وترافقت هذه السياسة مع تضييق الخناق على السيولة وكبح جماحها.

تعالت الأصوات ونادت بضرورة إلغاء هذه الإجراءات التي وصفت بالقسرية من حبس السيولة وضرورة إيداع مقابل قيمة البضائع المستوردة بالبنوك وانتظار الدور عن طريق ما يسمى المنصة.

تعاطف الكثيرون مع التجار واعتبرت مطالبهم محقة حينها، وسط جهل الكثيرين، أيضاً، بضرورة هذه الإجراءات ذات الطابع الفني إلى حد ما، وجرت المطالبة مراراً بضرورة “إلغاء هذه الإجراءات” لما لها من أثر سلبي على دورة الحياة الاقتصادية، وقد أعدت ندوات عدة إلى أن تم استثناء الكثير من المواد من هذه الإجراءات كنوع من التجاوب مع التجار، رافقها تحرير سعر الصرف حسب نشرات الصادرة عن المصرف المركزي، وبعض الاستثناءات، وذلك كله بهدف تأمين انسياب المواد الغذائية والأساسية بالأسواق وانخفاض أسعارها بما لا يقل عن 10% كحد أدنى!!

لكن ما الذي حصل؟

ارتفع سعر الصرف طرداً مع كمية الأموال التي كانت محتجزة لدى المنصة ريثما يأتي دورها بالتمويل، وتبعها ارتفاع أكبر بأسعار المواد الغذائية بشكل سبق أسعار الصرف بعدة مرات. وفي غياب أي رادع أخلاقي وقانوني، أصبحت الحجة جاهزة والشماعة موجودة، وهي ارتفاع سعر الصرف!!

وللأسف، لم نشهد للتجار أي دور اجتماعي لافت لا في ذروة الأزمة، ولا حتى لحظة وقوع الزلزال وتعاطف أغلب دول العالم معنا، إذ كان لهم رأي آخر، فاستمروا برفع أسعارهم على ايقاع الكارثة!

ولعلّ المؤسف أكثر تجاهل التجار لدورهم الاجتماعي وتحميل ما تشهده الأسعار من فوضى للمضاربة بسعر الصرف، فمع إقرارنا بأن الأخيرة لها دور بذلك، إلا أنها ليست السبب الوحيد، بدليل أن أثرها اختفى من السوق مدة عامين، وعادت من أشهر قليلة، ومع ذلك لم يتوقف ارتفاع الأسعار!

والمضاربة بالتعريف هي “التلاعب بسعر الصرف بهدف تحقيق أكبر المكاسب بوقت قصير”، لكن هذه المضاربة تحتاج إلى من يساندها فلا يمكن لمضارب أن يبيع ويشتري من مضارب آخر، وبالتالي لمن يبيع المضارب إذاً، وممن يشتري؟ بالطبع هو يشتري من مواطن لديه بضعة دولارات، ليبدأ التجار بطلب كميات من هذا المدعو مضارب وبأسعار مرتفعة، إما لاكتنازها بعد أن أصبحت ربحاً محققاً أو لتمويل بضاعتهم التي سيقومون بشرائها لاحقاً، لتنتهي المضاربة عندما لا يعود هناك طلب على الدولار خارج القنوات الرسمية!

أخيراً.. لا يمكن لأحد أن يكون مع أي إجراء أو ضد أي إجراء، ولكننا جميعنا مع الدفاع عن قوة الليرة بالقوة، وكبح جماح هذا الانفلات عن طريق عودة طلب هذا الدولار عن طريق قنواته الرسمية!

hasanla@yahoo.com