أخبارصحيفة البعث

بدء السباق إلى ترشيحات الرئاسة الأمريكية.. وجوه قديمة جديدة!!

تقرير إخباري   

بينما يزداد تخبّط الإدارة الأمريكية على صعيد سياساتها الخارجية، وفشلها في إدارة الملفّات التي أسندت لنفسها مهمّة حراستها بالوكالة والنيابة عن الشعوب، يعود الشارع الأمريكي إلى المعاناة مع الانقسامات الداخلية التي تتجسّد في انتخابات الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وسط توقّعات بظهور شخصيات جديدة إلى الواجهة. فقد شهد الحزب الديمقراطي، الذي اشتكى أعضاؤه من عجز بايدن وشكّكوا بقدراته العقلية، وصول شخصيات جديدة إلى جادة الترشّح، لكن شعبيتها لم تتبلور بالشكل المطلوب، وربما لا تفلح كثيراً في الخروج من البعد التقليدي للسياسات الأمريكية، بل حتى رغبة الشارع الأمريكي في وصول مرشحين دون سن الـ65 لم تتحقّق، والأغلبية منهم كانت في أعمار كبيرة تتجاوز العقد السادس وصولاً إلى بداية العقد الثامن.

وبالنظر إلى أبرز المرشحين الديمقراطيين، ترك المرشح روبرت كينيدي بصمة واضحة منذ زمن بعيد في انتقاد سياسات الولايات المتحدة، فهو يرى أن حزبه يسير بشكل خاطئ كنظيره الجمهوري نحو مزيد من الحروب، كما سبق أن أدان الحصار على كوبا وسلّط الضوء على أنه يفقد الثقة ببلاده حتى ضمن أوروبا، واعداً بالسعي لإنهاء سياسة الحصارات، كما أدان سياسات الإدارة الأمريكية الخاطئة في دعم نظام كييف واستفزازاته، معتبراً إياها السبب في دفع روسيا للقيام بعمليتها الخاصة في أوكرانيا، وأنها تأتي خدمة لأرباح لوبي الصناعات العسكرية في أمريكا، وإرضاءً لبعض الشخصيات المزاجية المتطرّفة، بل ذهب أبعد من ذلك للتعهّد بعقد معاهدات نزع سلاح دولية تدريجية. أما على الصعيد الداخلي فكان من أشدّ المؤيدين لنظرية المؤامرة إبان جائحة “كوفيد” وربط بشكلٍ لافت بين أضرارها ومضاعفة الأرباح لمنظمة اللقاحات “غير الربحية”، وهذا ما يعكس تجديداً في النظرة الأمريكية إلى العقيدة الليبرالية التي حوّلت الحياة الإنسانية إلى أرقام وأرباح فارغة المحتوى. كذلك طرح كيندي نفسه على أنه قادر على إنهاء حالة الانقسام الذي أرجعه لرفض الإدارة الأمريكية مصارحة شعوبها واستمرارها في الكذب عليها، كما ركّز على إلغاء مسألة تفرّد الأحزاب في تعيين المرشحين مطالباً بإعطاء هذا الامتياز للشعب وحده.

وقد تميّز المرشح بيرني ساندرز بمواقف حادة وغير مسبوقة وعميقة تجاه ثوابت السياسة الخارجية الأمريكية، وهو يقود اتجاهاً لتقييد الدعم إلى الكيان الصهيوني، بل يدعو إلى قطع الصلات مع حكومة بنيامين نتنياهو، كما يدعو إلى أخذ حل الدولتين بعين الاعتبار رغم أنه من أصول يهودية.

المرشحة ماريان ويليامز تركّز على اللعب على الوتر الاجتماعي من خلال الوعود بتحسين الخدمات والرعاية الصحية، كما تحاول كسب قضايا بعض الفئات المضطهدة كالملوّنين والسود، حيث وعدت بدفع تعويضاتٍ قدرها واحد تريليون دولار عن العبودية، وركّزت أيضاً على قضايا تقليدية باتت معروفة للجميع واعدة بتغييرها مثل الحدّ من سلطة الشركات التي تسيطر على السياسة الأمريكية. وما يمكن ملاحظته هو محاولتها الابتعاد عن الجانب السياسي المظلم لأمريكا أو إبداء الموقف الحازم تجاهه، ما يعني أن مشروعها ينصبّ على الصعيد الداخلي فقط، ولا يزال مجهولاً إن كان مخططها الخارجي سيرتكز على الحياد أم الغوص بعيداً في الأزمات الدولية.

إن العالم يراقب وصول حاكم إلى البيت الأبيض قد يغيّر من نهج الولايات المتحدة الساعي نحو مزيد من خلق الجبهات الساخنة واستعباد الشعوب بما فيها الشعوب الغربية ذاتها، لمصلحة تحقيق منافع جماعات الضغط والكيانات الرأسمالية، فهل سيتحقق ذلك الجديد عبر وصول مرشحين يملكون رؤية جديدة أو على الأقل يلبسون قناعاً يحمل التغيير والتحسّن ولو مؤقتاً لسياسة بلادهم؟.

بشار محي الدين المحمد