محليات

قرار صادم ومبررات واهية!!

نقرّ ونعترف أن الظروف الحالية التي نعيشها بكل تفاصيلها دفعت لإصدار الكثير من القرارات التي أخذت تأشيرات دخول إجبارية إلى ميادين التنفيذ دون تباطؤ، ليقبلها المواطن متسلحاً بقناعة الرضى والتسليم والظرف الاستثنائي الذي تآكلت معه الموضوعية، وفخخت بتفاصيله المؤلمة فسحات الأمل التي لجأ إليها الناس هرباً من الإرهاب المميت الذي دكّ كل الأحلام وحوّلها إلى تهيؤات وهرطقات لا تقلّ في أذاها النفسي والمعنوي عن أضرارها الاقتصادية المعيشية التي وللأسف يعمل البعض داخل الجسم الحكومي ومن خلالها على تخريب جسور الثقة بأبوية الدولة، خاصة وأن  بعض مفاصلها تتعامل مع أحوال الناس بصيغة الأبن العاق.
لاشك في أن إدخال الحياة المعيشية المتواضعة بهذا الشكل الفج والصادم  في متاهة المعادلات الرياضية والتكاليف وفي بورصة صرف الدولار، يضع انحراف الاستجابة لمطالب الناس بتحسين الوضع المعيشي أو التخفيف بعض الشيء من أعبائهم عن سمتها الواقعي المطلوب في هذه المحنة ولو بحدوده الدنيا في خانة التخلي غير المبرّر عن احتضان أوجاعهم ، ويمكن القول بالاستعانة بقواميس الأزمة التي تفنّن البعض في كتابة شعاراتها: إن إدخالهم  في معادلة تخفيف أعباء الدعم الذي تتحمّله خزينة الدولة عبر قرار رفع سعر ليتر البنزين إلى 120 ليرة بزيادة مقدارها 20% ليس إلا قلّة اكتراث بواقعهم الحياتي وتصريحاً رسمياً بالقطيعة المرفوضة الآن في هذه المرحلة التي يركب فيها الجميع في قوارب النجاة، والتطلع إلى القادمات من الأيام من باب التفاؤل والعودة إلى  الأمن والأمان والاستقرار.
وإذا كان هناك من يرى أن رفع سعر البنزين لن يؤثر على المواطنين أو على الشريحة الواسعة منهم، وإنما على الشريحة المتوسطة وما فوق تحت مبرّر أن من يملك سيارة باستطاعته تحمّل هذا العبء، فليسمح لنا بالقول إن تمرير هذا القرار في هذه الظروف يعدّ تجاهلاً صريحاً لظروف مواطن أرهقته الأزمة، فلطالما كان المواطن مبادراً ومتطوعاً في تحمّل أعباء هذه المرحلة ومواجهتها في مختلف الظروف، وهو على استعداد لدفع مايملك في سبيل تطهير البلد من القتلة والمرتزقة وإعادتها إلى حضن الأمان والاستقرار، في الوقت الذي تعيش فيه الكثير من الطفيليات والعوالق الماصة للخيرات داخل شرانق الأزمة بكل أمان.
فهل هناك من يسمع ويقرأ نداءات الناس بالمقلوب، أم ستعمّم فضيلة الاعتراف والتراجع عن الأخطاء في الأيام القادمة؟!.

بشير فرزان