الصفحة الاولىمن الاولى

يوم سوري متألق … الحسم في أروقة السياسة يواكب انتصارات جيشنا في الميدان "فيتو" روسي صيني مزدوج يسقط للمرة الرابعة الحملة العدوانية على سورية

الجعفري:
استمرار لمحاولة بعض الدول فرض نفسها كوصية على الشعب السوري
لا تزال مجموعة من الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا تسعى لاستصدار قرار من مجلس الأمن بخصوص سورية تحت الفصل السابع وبأي صيغة ممكنة ليكون مبرراً لها للتدخل فيها بعد فشل مرتزقتها على الأرض في إسقاط الدولة السورية رغم الدعم الغربي بالتسليح والمعلومات الاستخباراتية وإرسال المرتزقة الإرهابيين من 83 دولة لقتل الشعب السوري وتدمير بناه التحتية.
بالأمس وانطلاقاً من احترامهما لسيادة الدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها بعيداً عن التدخل الخارجي، وجهت روسيا والصين صفعة جديدة لمحاولة غربية بإحالة ملف سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية، وذلك باستخدام حق النقض الفيتو للمرة الرابعة منذ بدء الحرب على سورية ضد مشروع القرار الفرنسي الداعي لإحالة الملف السوري إلى الجنائية الدولية، ليكون هذا الفيتو المزدوج مسماراً آخراً يدق في نعش المؤامرة الكونية التي تشن على سورية، وهذا ما يؤكد بالتالي أنه مهما تكالبت الدول الاستعمارية على سورية يبقى لها أصدقاء يحترمون سيادتها ويدافعون عنها في المحافل الدولية.
لقد حاولت الدول المتآمرة على الشعب السوري من خلال مشروعهم العدواني الجديد التشويش على الانتخابات الرئاسية وخلط الأوراق وتأجيج الأزمة ورفع معنويات مرتزقتهم المنهارة في الميدان أمام ضربات الجيش العربي السوري، ولكن جاءت بعكس ما يشتهون فالفيتو الروسي الصيني أفشل محاولتهم البائسة، تزامناً مع مواصلة بواسل جيشنا توجيه ضربات قاصمة لفلول عصابات الغدر والإجرام التي باتت قاب قوسين أو أدنى من الاندحار عن أرض سورية.
وفي التفاصيل، أحبطت روسيا والصين أمس تمرير مشروع قرار فرنسي في مجلس الأمن الدولي يدعو لإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية بعد أن صوتتا ضده مستخدمتين حق النقض “الفيتو”.
وأكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري في كلمة أمام مجلس الأمن عقب التصويت أن مشروع القرار الذي عرض اليوم هو نص سياسي تمييزي تدخلي بامتياز يهدف إلى التشويش على الانتخابات الرئاسية في سورية وخلط الأوراق وتأجيج الأزمة وتحقيق أهداف دعائية استعراضية وإقحام مجلس الأمن في هستيريا عداء بعض الدول لسورية دولة وشعباً مشيراً إلى أن الأزمة في سورية كشفت عن مدى عمق هيمنة المعايير المزدوجة على آليات الأمم المتحدة واستخدامها لاستهداف مناطق بعينها، لافتاً إلى أن تقديم مشروع القرار يمثل استمراراً لمحاولة بعض الدول فرض نفسها كوصية على الشعب السوري وخياراته الوطنية موضحاً أن في هذا استخفافاً واضحاً بإرادة الشعب السوري وتناقضاً صارخاً مع تأكيد مجلس الأمن مراراً على التزامه القوي بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها ودعوته إلى التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سورية بقيادة سورية مبيناً في الوقت ذاته أن الأسانيد التي حاولت الدول المقدمة لمشروع القرار تقديمها لتبرير طلب الإحالة ما هي إلا ادعاءات مختلقة وأكاذيب مفبركة وشهود زور تضمنتها تقارير مسيسة منحازة تجافي الصواب تماماً قدمتها لجان تجاهلت كل ما قدمته الحكومة السورية من معلومات وشكاوى وقرائن وبراهين وساهمت بشكل فعال في خدمة أجندات الدول المنخرطة في الحملة العدوانية على سورية.
وأشار الجعفري إلى أن بعض الدول التي قدمت المشروع اليوم تحاول القيام بالترويج لمبادئ نبيلة بينما هي تمثل في الواقع شخصية شريرة وتشترك في دعم الإرهاب في سورية وتسهم في استمرار نزيف الدم السوري لا بل تتباكى عليه، موضحاً أن أيادي هذه الدول ملطخة بالدم السوري وإن ادعت زيفاً صداقتها لهذا الشعب.
وقال الجعفري إن الرئيس السابق لما يسمى “الائتلاف” السوري وهو الائتلاف الذي تم تصنيعه ممن يسمون أنفسهم “أصدقاء الشعب السوري” قد وصف هو نفسه قبل أيام في القاهرة هؤلاء “الأصدقاء” أي من يسمون أنفسهم أصدقاء الشعب السوري بأنهم واقتبس “نصفهم كذابون ودجالون ومنافقون وهم من أوصلوا الأوضاع في سورية إلى ما نحن عليه وإن الغرب يسعى لتقسيم سورية”.. هذا ما قاله رئيس الائتلاف السابق “ائتلاف الدوحة” الذي تم تصنيعه وتعليبه وتغليفه في العواصم المعروفة.
وقال الجعفري “وبما أن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم كما سمعنا فإننا نطالب مجلس الأمن اليوم بمساءلة الحكومة الفرنسية عن جرائمها بحق السوريين وشعوب الكثير من الدول التي احتلتها سابقاً ونهبت خيراتها ونطالب الحكومة الفرنسية بالاعتذار العلني عن حقبة الاستعمار وبدفع تعويضات للشعب السوري” مؤكداً أن “الشعب السوري لن ينسى اتفاق سايكس بيكو وما تلاه من سلخ فرنسا للواء اسكندرون السوري والتنازل عنه لتركيا كي لا تدخل الحرب إلى جانب ألمانيا “هكذا قالوا” كما لن يغفل عن حقيقة أن فرنسا هي من أدخل الإرهاب النووي الإسرائيلي إلى المنطقة في الخمسينيات من القرن الماضي”.
وبين الجعفري أن سورية تؤكد أن تحقيق العدالة يقتضي مساءلة حكومات تركيا والسعودية وقطر وفرنسا وإسرائيل وغيرها من الدول التي تقوم بالتحريض علنا على العنف والإرهاب في سورية بما في ذلك تمويل وتسليح ورعاية وتدريب المرتزقة والإرهابيين القادمين بالآلاف من مختلف أنحاء العالم إلى سورية وبغض الطرف عن جرائمهم لا بل وصفهم بأنهم “معارضة معتدلة”.
وشدد الجعفري على أن تحقيق العدالة يقتضي الكف عن محاولات تقويض العدالة والمتمثلة في الحصانات التي خصت بعض الدول الكبرى نفسها بها للإفلات من أي مساءلة عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان والجرائم التي ارتكبتها في دول أعضاء في هذه المنظمة تنفيذاً لأجندات استعمارية ومخططاتها للهيمنة والتسلط لافتاً إلى أن أبوغريب وغوانتانامو وقصف السفارة الصينية في بلغراد وإغراق ليبيا بالدماء والسجون السرية الطائرة وقتل المدنيين الأبرياء بالطائرات من دون طيار وممارسات شركات المرتزقة كـ “بلاك ووتر” في العراق وغيرها أمثلة حية على الازدواجية في المعايير والإفلات الحقيقي من المساءلة والعقاب.
ورأى الجعفري أنه من المثير للسخرية أن تواصل هذه الدول محاولة فرض تشريعاتها الوطنية خارج حدودها وأن تفرض مؤخراً عقوبات على رئيسة لجنة الإغاثة الوطنية في سورية في الوقت الذي تتشدق فيه بدعمها للشعب السوري وقال “تخيلوا أن عقوبات قد فرضت على رئيسة لجنة الإغاثة الوطنية وأحيلت هذه العقوبة إلى السيدة وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية فاليري أموس وهي تعرف رئيسة لجنة الإغاثة السورية حق المعرفة لعلها تفعل شيئاً”.
وأضاف الجعفري “إن هذه الشواهد وغيرها تبرز أن مسألة العدالة تفصل على مقاس الدول المستهدفة فالبعض يتم تفصيل جريمة له لإحالته للمحكمة والبعض الآخر يتم تفصيل ستارة له تحجب الأنظار عن جرائمه وانتهاكاته الموثقة” مؤكداً أن مشروع القرار صيغ بطريقة تحصن مجرمي الحرب الإسرائيليين من أي إمكانية للمساءلة عن جرائم بحق الشعب السوري كما أن نصه يجعل الإرهابيين الأجانب والمرتزقة القادمين من دول أخرى في منأى عن اختصاص المحكمة مشيراً إلى أن هذه العملية بحد ذاتها كفيلة بتقويض أي مصداقية لواضعي مشروع القرار وتفضح نواياهم الخبيثة ودوافعهم العدوانية.
وشدد الجعفري على أن وفد سورية يؤكد مجدداً لجميع الدول التي تدعي الحرص على سورية وشعبها أن الطريق لمساعدة الشعب السوري واضح ومعروف ويتمثل في بذل الجهود الصادقة والجدية لمكافحة الإرهاب الذي يستهدف سورية دولة وشعباً موضحاً أن دعم الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي وطني للأزمة في سورية يأخذ بعين الاعتبار عملية جنيف على أساس الحوار بين السوريين أنفسهم من أجل التوافق على نبذ العنف ومكافحة الإرهاب وتشكيل حكومة وحدة وطنية بعيداً عن محاولات فرض الوصاية والأجندات التدخلية التي لا تريد الخير لسورية ولا لشعبها وأن السوريين الذي سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس للجمهورية إنما يقومون بذلك لحماية بلدهم من الإرهاب والفوضى الخلاقة ومن محاولات تغييب مفهوم الدولة والسيادة.
وختم الجعفري بالقول “يبدو أن الحكومة الفرنسية الحالية قد فهمت بشكل مغلوط العبارة المشهورة في الأدب الفرنسي والتي تقول “بأن الآخرين هم الجحيم” من حيث اعتقادها أن الآخرين هم الجحيم دوماً في حين أن ما قصده الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر في مسرحياته المشهورة الأبواب المغلقة هو أن الجحيم هو قد يكون نفسك ونظرتك للآخرين وطريقة تعاملك معهم لذا فإن على الحكومة الفرنسية أن تنظر إلى نفسها أولاً فقد ترى الجحيم في تصرفاتها وليس في الآخرين”.
بدوره أكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين في كلمته عقب الفيتو أن مشروع القرار الفرنسي “محاولة لاستخدام المحكمة الجنائية الدولية لتأجيج المشاعر السياسية وفي نهاية المطاف للتدخل العسكري الخارجي” مشيراً إلى أنه من الصعب فهم الأسباب التي دعت فرنسا إلى تقديم هذا المشروع وطرحه على التصويت وهي تعي مسبقاً بمستقبل هذا النص إذ إن هناك عدداً كبيراً من الشكاوى فيما يتعلق بعدم وحدة الرأي فيما يتعلق بسورية في مجلس الأمن بين الأعضاء الخمسة، لافتاً إلى أن الرهان تحديداً على “تغيير النظام في سورية بالقوة أضحى السبب الرئيسي لإطالة الأزمة وتقويض مفاوضات جنيف” مبيناً أن طرح مشروع أحادي الجانب أمام مجلس الأمن للتصويت يؤثر في وحدة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن.
وأوضح تشوركين أن ما يقترحه زملاؤنا الغربيون وقولهم بأنهم سيقدمون أنواعاً جديدة من الأسلحة “للمعارضة المعتدلة”.. حتى المجموعات التي يعتبرونها معتدلة مثل الجبهة الإسلامية اعترفت بارتكابها أعمالاً إرهابية ومن بينها أعمال في حلب وحصدت أرواح مئات من المدنيين.
بدوره أكد نائب المندوب الصيني الدائم في الأمم المتحدة وانغ مين أن بلاده تعتبر أن أي تدبير لإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية وإحالة انتهاكات حقوق الإنسان ينبغي أن يتم استناداً إلى احترام سيادة الدولة وولايتها القضائية المحلية مبيناً أنه كان للصين عدد كبير من التحفظات على مشروع القرار الفرنسي.
وقال نائب المندوب الصيني “لسنا دولة طرف في نظام روما الأساسي ولطالما كان لدينا تحفظات فيما يتعلق بإحالة الملف للمحكمة الجنائية الدولية وهذا موقف مبدئي” مؤكدا أن ثمة جهوداً سياسية وهي تواجه مصاعب عديدة وينبغي للمجتمع الدولي أن يعزز ثقته ويتحلى بالصبر ويبقى ملتزما بفرض الحل السلمي للأزمة في سورية.
ودعا الحكومة السورية إلى أن تضع حدا للعنف وتبدأ بالجولة الثالثة للمباحثات في جنيف “لتعزيز العملية السياسية والبدء بعملية انتقالية سلمية” مبينا أن بلاده لطالما أكدت أنه ينبغي على كل الأطراف السورية أن تحترم حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي والامتناع عن أذى المدنيين والأبرياء وأدانت كل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
واعتبر نائب المندوب الصيني أنه في ضوء الشروط فإن إحالة الملف السوري للمحكمة الجنائية الدولية لا يمكن أن يعزز الثقة بين الأطراف في سورية ولا يسهم في الاستئناف المبكر للمفاوضات في جنيف لأن هذا الأمر لا يمكن إلا أن يعوق جهود الأسرة الدولية للدفاع عن حل سياسي، مجدداً التأكيد أن موقف الصين حيادي إزاء سورية وهي ملتزمة كعضو مسؤول في الأسرة الدولية للتوصل إلى حل سلمي واتفاق سياسي للأزمة في سورية