محليات

استحقاق وطني

برزت عناوين في الحملات الانتخابية تؤكد عمق أثر المطالبة بها واحتياجها الحقيقي وأثرها الكبير في حركة النمو والتطوير، فالحاضر الأكثر قوة هو ما يتعلق بمفاصل تؤكد الالتصاق بالهم الوطني، (البناء، الإعمار، الموقوفين، الاستملاك، الالتزام بالمسؤولية، الاستفادة من الخبرات الوطنية، التخطيط السليم وووو…!)، والأكثر حضوراً هو تأكيد محاربة الفساد ما يعني عمق تأثير هذا العنوان في الوطن ومواطنيه.
لم تعُد هناك شعارات تأتي من فراغ، فالمواطن والمرشح أصبحا على مستويات وعي مختلفة، فحتماً لا يمكن لأثر ما حدث عبر ثلاث سنوات أن يكون عابراً وهامشياً، وبقدر عمق الجراح ونزيفها تبرز في مرحلة التعافي استحقاقات لا يمكن تجاهلها، فالتوجه اليوم هو نحو مواطنة واعية مدركة لما تريد حريصة على التماسك الداخلي ومشاركة في التطوير والبناء ومتمسكة بدورها الوطني في مرحلة قادمة هي من أصعب المراحل، وتحتاج إلى جهود الجميع استثنائياً للوصول إلى حلم سورية المتطوّرة الحريصة على هويتها بكل ما تعنيه من تفاصيل تتعلق بالإرث الثقافي والبناء المجتمعي، وما تحتويه مؤسساتها من خبرات ذات باع في كل الاختصاصات والمفاصل…
تكرّس لدى السوريين  كثير من  التفاصيل الدخيلة على حياتهم ومجتمعهم، لكنها لم تسلبهم أبداً هويتهم وانتماءهم الوطني الذي لا يضاهيه عمق انتماء في أي بلد آخر، والمطلوب حالياً هو السير في إطار تأكيد هذا الانتماء وتعميق التمسك بالهوية، فجميع الشعوب التي تخلت عن تقاليدها، تراثها، معرفتها، خبرتها، فرادتها، زالت واندثرت وبقيت تلك التي رسّخت الانتماء وأكدت خصوصية التراث وفرادة العمارة وتقاليد الأسرة ومحيطها.
في العمارة نحن متميزون ولنا كل الفرادة والخصوصية، وفي التراث لدينا ما لا يملكه بلد آخر في كل أنحاء العالم، وفي الخبرات والموارد البشرية أيضاً لدينا الكثير الكثير، لكن أيضاً لدينا فوق كل ذلك من يساهم في تخريب كل ذلك، وشطب منازلنا ودورنا الأثرية والتعدّي على الملكيات وعلى الحقوق الفردية، وفي هذا لا يوجد ما هو مقصود أو غير ذلك، وهناك من لا يزال فاعلاً بتكريس استغلال الحقوق العامة بأساليب وطرق مؤطرة ظاهرياً بإطار قانوني شكلي، وهؤلاء رغم قلتهم لكن تأثيرهم ونفوذهم ليس بالقليل!.
نحتاج إلى تأكيد سيادة القوانين وأهمية التزام الجهات العامة بذلك، وهذا ليس من مسؤولية المواطن بل متعلق بأداء الحكومة ومتابعتها.
ومن خلال المطالبة بالتركيز على التفاصيل في صدور القرارات المهمة التي تنعكس على الشأن العام، تبرز حقيقة الفهم المطلوب لوعي القرار الصادر والمواطن المعنيّ بمفرداته وتأثيره مثلما يحتاج إلى توفير آلية معنية بالمتابعة والتدقيق، فللأسف هناك الكثير من القرارات الجيّدة ولكن في إطار التنفيذ يحدث الكثير من الخلل ولا يوجد أبداً من يدقق ويتابع ويقترح حلولاً مبنيّة على أرقام ومعطيات وبرامج زمنية محددة.
الزمن هو الأهم فلنجعل احترامه شعارنا ولتكن الأعمال مقترنة بالأقوال، فالوطن يحتاج إلى الكثير الكثير، ولا مستحيل أمام السوريين للنهوض بوطنهم ليكون فعلاً مركز الإشعاع الحضاري والاقتصادي.
ابتسام المغربي