ثقافة

نحو عمل عالمي لمواجهة الظلم!!

أكرم شريم
نسمع كثيراً كلمة (مظلوم) و(مظلومين) ونسمع أكثر أسباب هذا الظلم وأنواعه، وأبعاد هذا الظلم وتداعياته، ويبدو لي أننا إذا أردنا الإنصاف باستخدام هذه الكلمة، فعلينا أن نأخذ بعين الاعتبار كل ما يمكن أن تحتويه من تصرفات وأعمال تدخل ضمن إطار هذا المفهوم الواسع والكبير والشامل لمفهوم الظلم عموماً!.
وحين يأخذ المخرج نسبة خمسين بالمئة من أجر الممثل لكي يعطيه دوراً في المسلسل، وإلّا فإن هذا الممثل لن يأخذ هذا الدور، وإذا اعترض هذا الممثل أو اشتكى فإنه لن يأخذ دوراً لا عند هذا المخرج ولا عند غيره، أفليس هذا ظلماً!؟.
وكذلك حين يستأجر المخرج صحفياً (والصحفي الحقيقي لا يمكن استئجاره كما نعلم جميعاً) وذلك لكي يمدح مسلسله بعد أن يُعرض، ويكتب أو يذيع أو يشرح على الشاشة أسباب تفوق هذا المسلسل وقوته وكل ذلك بالأجرة، أليس ذلك ظلماً للحقيقة والمشاهدين وقدرتهم على التقييم والحكم؟!.
وإنك إذا سمحت لإنسان أن يدخل إلى المعهد المختص ليصبح ممثلاً دون أن تكون لديه موهبة الممثل، ألا تكون بذلك قد ظلمته وظلمت من توسط له وهو يظن أنه ينفعه وظلمت كذلك كل الأعمال الدرامية والفنية التي سيعمل فيها وكل المشاهدين الذين يحبون ويثقون بأعمالنا المحلية الدرامية والفنية؟!.
انظروا الآن كم كبرت دائرة المظلومين بواسطة هذا الخطأ أو الظلم الذي نرتكب وإلى أي مدى اتسعت وامتدت! ألم يحن الأوان لكي نعلم أن المعهد لا يصنع فناناً دون موهبة وإنما سيتخرج ويبحث عن دور يسيء من خلاله إلى الدور والعمل والمشاهد !؟ وكذلك اتحاد الكتّاب لا يصنع كاتباً حتى لو كان رئيس الاتحاد، وأن اتحاد الصحفيين لا يصنع صحفياً حتى ولو كان صاحب أكبر واسطة ولا نقابة الفنانين تصنع فناناً إذا كان دون موهبة شخصية لأن هذه الموهبة، إنما هي تشفير إلهي عند الإنسان وبالمعنى العلمي هي: استعداد نفسي عند هذا الإنسان!.
فتصوروا كم نظلم الآن من الناس بأنواعهم الظالم والمظلوم وكم يمكن أن تتسع مثل هذه الدوائر حتى تصل إلى حياتنا العامة وما يجري فيها، وخاصة ما يمكن أن أسميه هنا بالظلم القانوني وكمثال: امرأة مطلقة وتعيل أطفالاً ولا يعيلها سوى هذا المبلغ الصغير الذي تأخذه من المحكمة أو بسبب حكم المحكمة العادل لها!.
أكاد أتصور أنه يجب أن تكون لدينا جريدة عن المظلومين في العالم وأنواعهم وأنواع الظلم الذي يحيق بهم وأن تكون مترجمة إلى كل اللغات حتى تشمل بإشرافها العام ونشاطها كل مكان، كل إنسان أو جماعة أو ربما مهنة أو انتماء عرقي أو فكري أو ديني أو طائفي، فما أكثر الظلم إذا فتحنا دفاتره، وكل صفحة في هذه الدفاتر، وخاصة منه هذا الظلم القانوني والموافق عليه باسم العدالة وتوقيعها! وأرمي بسؤالي الكبير هنا وأمري لله: أليس المجرم نفسه أحياناً ضحية؟!. نعم! إنه وبالتأكيد ضحية! أليس من واجب مجتمعه أن يخلّصه من هذه العدوانية بواسطة المعالجة الطبية والاجتماعية وإعطائه كامل حقوقه والفرص التي يستحق!.
فإذا كان المجرم ضحية! حتى المجرم ضحية، فهو إذن مظلوم أيضاً!. وأرجو المساعدة في ذلك الحكم من قبل المتخصصين النفسيين أو الاجتماعيين إذا كان في ذلك أية مبالغة !. وهكذا تكون النصيحة اليوم أن العدل ليس إعطاء الحق وحده، وإنما وقبل كل شيء إزالة أسباب الجريمة أو الجناية أو حتى المخالفة وحين نزيل هذه الأسباب تظهر ومباشرة أسباب العدالة والعدل العام أيضاً!.
والأهم هنا أن يكون في هذا العالم يوم عالمي لمواجهة الظلم! وسيكون هذا اليوم، وإضافة إلى الجريدة العالمية المقترحة حول الظلم والمظلومين أفضل مواجهة وأفضل كاشف لأعدائنا وأعداء الشعوب!.