الفنانة الشابة سوزان سلمان .. قطف الحقد قلبها
تمام بركات
وكأنه يختارهم، يشم رائحة قلوبهم الطيبة، يتبعهم لأيام وليال طويلة محاولاً أن يجعل للخوف عليهم سلطاناً، إلا أنه يعجز عن ذلك، يفشل بأن يجعلهم يمرون قرب الحياة وليس فيها ومنها ولها، يخسر رهانه بمسح ابتسامة الشغف عن وجوههم. يجرب كل حيله القديمة معهم وعندما يفشل في إرباك حياتهم، يظهر لهم أخيراً بهيئته الحقيقية، بوجهه الشاحب جداً، مرتدياً بنطالاً بحمالتين متهرئتين، وقميص كاحت مكوي جيداً عند ياقته المتهرئة، قبل أن يتحول إلى وحش ضار بإغماضة العين.
ينتظر عودتهم من تصاريف الحياة ونبضها إلى غرف أحلامهم العالية، ثم يقدم لهم باقة من فل ذابل، يأخذ ضحكتهم ثمناً باهظاً لوروده الذابلة، ويضع أرواحهم الأليفة في صندوق مطعم بأصدافٍ مقفلة على أصوات من سبقوهم.
سوزان سلمان، صبية سورية بلون الصبح، أينما أدارت وجهها تلفت الياسمين، ممثلة يانعة كدراقة ، واعدة كمطر، تكاد الورود لعذوبتها ورقة أنسامها، ترتبك عندما تطل ضحكتها الطيبة. إلا أن هذا الصباح سيكون مختلفاً على شوارع باب شرقي وأرصفتها وروادها، فالصبية الشقراء التي ترتدي ألوان الفرح، لن ترمي عليهم بسلام ضحكتها، لن تداعب الشبابيك وتومئ للأطفال الذين عرفوها فوق خشبة المسرح بعد أن أفرحت قلوبهم بحكاياتها، وصاروا يلوحون لها كلما شاهدوها، فقذيفة هاون من قذائف ” الحرية ” الدامية، وضعت حداً لكل تلك الحياة الضاجة بالحياة.
“يارب سترك كنت أذكر الله منذ قليل لا أدري لماذا..نزلت قذيفة قدام بيتي يارب سترك”. هذا آخر ما كتبته “سوزان “على أحد مواقع التواصل الاجتماعي قبل استشهادها بدقائق، يقولون إن قلب المؤمن دليله، وقلبها المؤمن بالمحبة أخبرها: أن يا فتاة قومي وطوحي بجدائلك الضاحكة في عالم أقل بؤساً، أن يا فتاة قومي لتركضي في سهول أحلام واسعة وطيري طيبتك في سماوات زرقتها صافية كماء العين، أن يا فتاة: ليرتح قلبك من كل هذا الحقد ولترقدي بسلام تحت ظلال الليمون.