اقتصادتتمات الاولى

رخص سعر الرغيف قياساً بالعالمية يدفع الحكومة لرفع سعر كيلو الخبز بمقدار 6 ليرات ارتفاع معدل الهدر إلى 50% واستخدامه كعلف وزيادة تكاليف التصنيع..أسباب موضوعية لحماية هذه النعمة

تحذيرات بالجملة كانت تُنذر بخطر قيام الحكومة برفع جزئي عن الدعم المقدم لمادة الخبز نتيجة ازدياد حجم الهدر من سلعة تعدّ رئيسية جداً للمواطن. مع إجماع على أن انخفاض سعر الكيلو الواحد منها إلى 9 ليرات –في زمن يكلف الدولة تصنيعه حسب آخر التصريحات الحكومية نحو 135 ليرة– دفع بالمستهلك إلى مرحلة الاستخفاف، وكانت سبباً رئيسياً في الماضي والحاضر لإتلاف المواطنين لهذا الكم الهائل، وزاد خلال الأزمة لتصل نسبة الهدر في الأحياء الراقية إلى 50% وفي الأحياء الأقل رقياً إلى 25%، بيانات كشفت عنها لجنة المخابز الاحتياطية على لسان رئيسها علي إبراهيم علي بناءً على استطلاع عينة عشوائية قامت به اللجنة على منطقتي المزة ومشروع دمر بدمشق.

استخفاف
ونعتقد جازمين أن هذه السلوكيات “المستهترة” كانت وراء إعلان الحكومة أمس الأول، وبموجب قرار رفع سعر الكيلو غرام من مادة الخبز من 9 ليرات إلى 15 ليرة، وبالتالي سعر ربطة الخبز من 15 ليرة إلى 25 ليرة.
في ظل ظروف تعصف بالبلاد لم تشهدها منذ مئات السنين، ظلت سورية على قائمة الدول الأكثر دعماً بالعالم لرغيف الخبز، إلا أنه وللأسف كان ذلك يتناسب طرداً مع كتلة التالف سنوياً، هي معادلة اقتصادية برهن عليها باحثون متخصّصون بالاقتصاد الجزئي من خلال مبدأ العرض والطلب مفادها: “زيادة سعر السلعة يخفض من الطلب عليها، ويرفع من حجم المعروض منها في الأسواق، وبالتالي احتمالات تراجع تسعيرتها مع الزمن يرجح على رفعها”.
ما يؤكد صحة نظرية أهل الاختصاص تضاعف إنفاق الحكومة على رغيف الخبز العام الجاري (2014) بمعدل ثلاثة أضعاف عن العام الماضي من 67 مليار ليرة إلى 178 مليار ليرة -والكلام هنا لوزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك سمير قاضي أمين في تصريح صحفي له– لتجد الحكومة ذاتها “مكرهة” على نقض رؤيتها لمادة كانت تعتبرها الدولة ولمدة أربعة عقود من الزمن “خطاً أحمر” غير هادفة في كل مرة ترفع سعرها تحقيق إيرادات –على اعتبار أن السلعة مازالت مدعومة– بل تسعى إلى خفض نفقات الدعم بشكل نسبي عن حاجز 178 مليار ليرة.

استطلاع
الشارع السوري استقبل أمس خبر زيادة سعر مادة أساسية للمواطن السوري  مع تخوفات مشروعة من زيادات محتملة قادمة قد تطال المادة لاحقاً–كما يقول أحد المواطنين لـ”البعث”- ومن جانب آخر، بدأت تتوارد هواجس في عقول السوريين نتيجة إشاعات “مغرضة” تتحدث عن زيادات قادمة ستقرها الحكومة على أسعار الوقود، دون أن يكون لها أساس من الصحة حتى اللحظة، إلا أن ربة أسرة لأربعة أولاد قالت لـ”البعث”بامتعاض “إن رفع الدعم دائماً يدفع ثمنه المواطن، وتخرج علينا الحكومة وتبرّر ذلك بأنه في صالح الفقراء والطبقة الكادحة بالدولة”.
وبالمحصلة، كنتيجة لما خرجت به “البعث” من استطلاع آراء العشرات من المواطنين، أن غالبيتهم متفقون ضمنياً على أن سببين رئيسيين دفعا بالحكومة لزيادة سعر الكيلو، الأول: ارتفاع تكلفة التصنيع واتساع الفجوة بين الدعم والأسعار السوقية الرائجة، والثاني: زيادة حجم الهدر الناتج عن رداءة تصنيع الرغيف الذي يصعب تخزينه ومن ثم استهلاكه في اليوم التالي من شرائه –حسب تعبير العديد من المستهلكين- وهي حقيقة لا يمكن إنكارها، ونرى أنها سبب جوهري لارتفاع نسب الهدر لتتراوح ما بين 25% إلى 50% كما ذكرنا آنفاً.
وتردّدت في الآونة الأخيرة إشاعات كثيرة عن اتجاه الحكومة لرفع سعر ربطة الخبز، إلا أن الحكومة كانت تنفيها في كل مرة.
رئيس لجنة المخابز الاحتياطية بدوره، أكد أن الإنتاج خلال شهر رمضان الجاري انخفض بالمخابز الاحتياطية 5% حيث إن استهلاك الناس للخبز تراجع قياساً بالأشهر العادية السابقة.

‏تكاليف
وبناء على معلومات من وزارة التجارة الداخلية تبرر فيها الوزارة سبب اتخاذها قرار زيادة سعر كيلو الخبز، بأنه جاء جراء الزيادة في التكاليف، منها التكلفة على كيلو القمح الواحد وصلت إلى 70 ليرة لتحويله إلى خبز، تدخل فيها تكاليف الطحن والخميرة والنقل والوقود وغيرها من مختلف تكاليف الدعم التي تدخل على خط إنتاج رغيف الخبز، في حين كانت تبلغ 30 ليرة في السابق.
رغم ذلك مطلوب من “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” ضبط عملية بيع وتوزيع الخبز للمواطنين على التوازي مع رفع نوعية إنتاج الرغيف، إضافة إلى إصدار قرارات رادعة بحق كل من يقوم من أصحاب الأفران ببيع الطحين أو يخالف بشكل من الأشكال الأنظمة والقوانين.
دمشق– سامر حلاس