ثقافة

بعد عودته من أميركا محمد الشماط: عملية القلب المفتوح غيَّبتني عن “باب الحارة”

هو من جيل الرواد الذين أسسوا للدراما السورية، وحين تسأله عن مسيرته الفنية يؤكد أنه عشق الفن الذي كان ومازال يجري مع دمه، وما غيابه عنه إلا بسبب المرض.. من هنا عبَّر الفنان محمد الشماط عن سعادته الكبيرة بالحفاوة التي استُقبِل بها مؤخراً بعد عودته من أميركا التي قضى فيها نحو ثلاث سنوات، مؤكداً في حواره مع “البعث” أنه عاد إلى حضن الوطن سورية التي اشتاق إليها كثيراً، داعياً الناس إلى حب الوطن والدفاع عنه بحيث يكون كل مواطن حارساً لبلده، معتبراً نفسه أحد هؤلاء الناس لمجابهة ما يحدث في سورية.
ويشير الشماط -وهو الذي شارك في الأجزاء الخمسة من مسلسل “باب الحارة”- إلى أنه دعي للمشاركة في الجزء السادس بعد عودته إلى سورية مباشرة، وبعد تصوير نحو 18 مشهداً منه أصيب بعارض صحي اضطره لإجراء عملية القلب المفتوح، وبالتالي فإن عدم القدرة على متابعة تصوير دوره أدى إلى تغيّبه عن العمل وعن أعمال أخرى كان من المقرر المشاركة بها لتقتصر مشاركاته هذا العام على مسلسلي “الغربال ورجال الحارة” بالإضافة إلى تأجيل مشروع مسلسل كُتِب خصيصاً له بعنوان: “أنتيكا” وهو عمل يحكي عن التراث الشاميّ والدعوة للحفاظ عليه وعدم الاستخفاف به.
وعن رأيه بالأعمال الشامية يشير الشماط إلى أن كل عمل شاميّ وقع في عدد من المطبات وكل عمل له خصوصية، مؤكداً أن الكاتب والمخرج في هذه الأعمال يتحملان مسؤولية كبيرة في نجاحها أو فشلها، والمشكلة الأكبر التي تعرضت لها هذه الأعمال برأيه أنها توالدت بشكل كبير لأسباب تجارية بالدرجة الأولى.
أما قلّة أعماله فسببه كما يؤكد ليس متعلقاً بقلة العروض كما يعتقد البعض وإنما لقناعته أن الممثل يجب ألا يشتت جهوده بعدة أعمال.. من هنا يستغرب من الفنانين الذين يشاركون في عدة أعمال في الوقت ذاته، مبيناً أنه في هذا العمر لم يعد لديه هواية جمع الأعمال وهو يعمل اليوم من أجل متعته التي يشعر بها وهو يمثل.

غياب مؤقت
وعن سبب غيابه عن الدراما السورية لفترة من الزمن يبيّن أنه أصيب بجلطة دماغية عام 1995 و1999 أثّرت على نطقه وحركته، كما أصيب على أثرها بفقدان للذاكرة في بعض الأحيان فاضطر للتوجه إلى أميركا بهدف العلاج الذي استمر نحو 4 سنوات وعاد إلى سورية حين دعاه المخرج بسام الملا للمشاركة في مسلسل “الخوالي” الذي تردد كثيراً في المشاركة فيه من خلال شخصية أبو جمعة (العميل) إلا أنه عاد وقبلها ونجح نجاحاً كبيراً في تجسيد هذه الشخصية، في حين أن البعض استاء من قبوله لها من خلال تأنيب الناس له بقبول هذا الدور، ولذلك يبيّن أنه نادم على أدائه هذه الشخصية رغم نجاحه فيها مؤكداً أنه لن يعيد التجربة في مثل هذه الأدوار.

أبو رياح
ويوضح أبو رياح -وهي الشخصية الشعبية التي التصقت بالفنان الشماط وظلّت في ذاكرة الناس- أن نجاح هذه الشخصية كان غير متوقع بالنسبة له وقد حققت انتشاراً واسعاً من خلال مسلسل “صحّ النوم” ولا ينكر أنه تعلّق بها وأخلص لها لأنها شخصية قريبة جداً من حياته الشعبية، بالإضافة إلى أنه لا يمكن أن يتخلى عن شعبية هذه الشخصية.
وعلى الرغم من النجاح الذي حققه “صحّ النوم” ونوعية العلاقة التي نعتقد أنها تربطه بالفنان دريد لحام الذي التقى معه أيضاً في “ملح وسكر” و”وادي المسك” من خلال شخصية أبو رياح إلا أن الشماط يشير إلى أنه لم يجتمع بلحام كثيراً حين تصوير هذه الأعمال وأن علاقته كانت وطيدة أكثر مع عبد اللطيف فتحي ونهاد قلعي لانشغاله الكبير بالمسرح العسكري آنذاك ولأن التصوير كان يتم في بيروت فلم يكن هناك متسع من الوقت للاجتماع به، مبيناً أن نجاح هذه الأعمال المستمر سببه أنها قدمت الكوميديا البسيطة البعيدة عن التهريج من خلال شخصيات أحبها الناس وقدمت الكلمة والموقف الكوميديّ.. وردّاً على من يرفض الارتباط بكاركتر واحد من الفنانين كما حدث معه ومع غيره يؤكد أنهم يرفضون ذلك لأنهم عُلِّموا ذلك.

أبو الفنون
كانت بدايات الشماط مع المسرح وهو الذي يعتز بتجربته فيه من خلال المسرح العسكري ومع  فرقة محمود جبر وعبد اللطيف فتحي وهدى شعراوي ومسرح دبابيس للأخوين قنوع، مشيراً إلى أنه مع المسرح الذي يدخل الفرح إلى قلوب الجمهور وهو ضدّ التسميات التي تُطلَق على هذا النوع من المسرح كالمسرح التجاريّ، ويبيّن أنه لم يعمل مع فرقة المسرح القوميّ لأنه كان موظفاً في المسرح العسكري الذي كان مزدهراً في وقت من الأوقات، ويبيّن أنه لم يترك المسرح إلا مريضاً حيث خرج منه إلى المشفى عام 1999.
ووفق مبدأ الحاجة أم الاختراع وبعد مرضه عام 1999 وفترة غياب طويلة لجأ الفنان الشماط إلى الإعلانات لأمرين: العودة إلى الشاشة ثانيةً، وللحاجة المادية، ولا ينكر أنه رفض في بداية الأمر تقديم الإعلانات ولكن عندما شاهد نجوم هوليود يفعلون ذلك وافق مبيناً كذلك أنه وخلال وجوده في أميركا كان يقيم حفلات للمغتربين من خلال فقرات تتحدث عن سورية لتذكير المغتربين ببلده.
ويختم الشماط كلامه مؤكداً أن الفرق كبير بين الماضي والحاضر على صعيد التطور الذي حققته الدراما السورية ولاسيما على صعيد التقنيات المستخدمة بحيث بات العمل فيها أسهل وأسرع إلا أنه أسف لأن هذه التقنيات قد أثرت كثيراً على روح وحميمية هذه الدراما، متوجهاً في حديثه أيضاً للفنانين الشباب مؤكداً لهم أن لا أهمية تُذكَر لكل الشهادات التي يحملونها إذا كانوا بلا أخلاق وإذا لم يحترموا أصول مهنتهم.

بطاقة تعريف
* محمد الشماط من مواليد دمشق – العمارة-1936
*احترف الفن عام 1958 من خلال المسرح العسكري  وقضى فيه نحو35 عاماً
*أول مشاركة تليفزيونية له كانت من خلال مسلسل “حارة القصر” إخراج علاء الدين كوكش
*شارك الفنان الشماط في النصف الأول من الثمانينيات في حلقات عديدة من برنامج “حماة الديار” فكان يزور المقاتلين في جبهات القتال ويساهم في الترفيه عنهم ومحاورتهم .عرف بشخصيات أبو رياح-أبو مرزوق- أبو جمعة.
* أول فنان سوري يعمل في الإعلانات
أمينة عباس