اقتصاد

نقطة ساخنة التهام النيّات

وقعت شائعة رفع الأجور والرواتب التي راجت مؤخراً وأصبحت في حكم “اليقين” على مسامع شريحة التجار ومن لفّ لفّهم “برداً وسلاماً”، حيث بات هؤلاء ينتظرون الزيادة أكثر من الموظف “ذي الدخل المحدود” وقد تحوّلت لديه إلى “رهاب” مزمن.
انتظار هؤلاء ليس فرحاً للطرف الآخر، وابتهاجاً بتحسّن ظروفه المعيشية، وإنما ترقّب لصفقة “مستدامة”،  وهم الذين خبروا شعاب الأسواق وفنون التلاعب بها، حتى أمام عُتاة “الرقابة”.
ومع أن شائعة رفع الرواتب والأجور بدأت منذ أشهر على شكل فقاعة ثم تحوّلت إلى قضية خلافية بين من يؤكدها، ومن ينفيها بحجّة عدم وجود “أموال كافية” مع التحفظ على “كافية”، إلا أنها كرست نفسها كقضاء مبرم بعد زيادة أسعار الخبز والسكر والرز، وباتت “قاب قوسين” أو أدنى.
ومع تحضيرات الناس للعيد على اختلاف “تحضيراتهم”، بدأ التجار بنظم حساباتهم وخططهم على أساس أن الزيادة ستقرّ قبل عيد الفطر، وما يؤخذ باليمين سيتم سلبه من الجيوب باليسار، وهذا الأسلوب لا يحتاج إلى عناء في إطار “لعبة نفسية” نصف وضعية، فالزيادة ستكون في جيب المواطن في غمرة إغراءات الأسواق، والتاجر المتلقّف لهذه الحالة سيضع الأسعار التي يريد، لأن الأول سيدفع هذه المرة دون طول تفكير، لنخرج بعملية سلب منظمة لكن بالتراضي، أي إن الزيادة المتوقعة بنسبة 50% فتحت شهيّة التجار على رفع سقف نسب هوامش الربح التي تجاوزت صفة “الفاحش” قبل أن يتم إقرارها، وحتى عندما كانت في طور النيّات، وأصبح لدى المواطن يقين مسبق بأن أي زيادة في الرواتب مهما بلغت سيتم اهتلاكها من خلال رفع الأسعار، لدرجة أنه بات يخاف منها أكثر من “الكوارث الطبيعية”.
لكن بما أن مقاليد الأرض تشبه مقاليد السماء، فإن هذا الواقع الذي تم استشرافه قبل وقوع القضاء، يمكن “تلطيفه” عبر اتخاذ إجراءات وقائية تمنع استغلال التاجر للزيادة والتهامها على موائد العيد!.

سامية يوسف
samiay@gmail.com