محليات

بين قوسين مقررات “العمارة”؟!

طالما شكّل الحديث عن ربط الجامعة بالمجتمع شعاراً لم يأخذ من عنوانه العريض نصيباً سوى الخطابات التي كان القائمون على التعليم العالي والجامعات و”المنظمة الحاضنة” لهما يتغنّون بها في مناسبات موسمية من قبيل المعسكرات الإنتاجية السنوية للكليات العلمية وحتى الأدبية والنظرية أو في الاحتفاليات ومن على وسائل الإعلام، لتخرج الفكرة وتطبيقاتها بعد كل هذا الزمن بلا طول عمر حيث الشلل والعرج وقلة الحيلة والعجز وسوء التفعيل هي السمات العامة لملف يتقاطع تماماً مع أجندة لا تزال الجامعات تسجّل عجزاً فيها ألا وهي البحث العلمي؟!.
اليوم ومع ارتفاع حرارة الحديث عن الإعمار في زمنه الأكثر نضوجاً يعود الموضوع إلى التفتق من جديد على إيقاع إسناد الدور الحقيقي للجامعات والكليات المتخصصة وإشراك كيانها من مدرسين وطلاب وباحثين وإمكانات علمية وفنية في خدمة إعادة بناء البلد وإعمار ما خرّب، لتطفو “كلية العمارة” على السطح كأبرز المؤسسات التعليمية القادرة على تقديم شيء مهم بهذا الخصوص، ويسجّل الخرق الأبرز في تاريخ “ربط الجامعة بالمجتمع” بدخول هذه الكلية ومثيلاتها في زحام هذه المعركة في استعداد غير مسبوق ألزم الحكومة بوزاراتها الفاعلة في مضمار البناء والتشييد والتعمير والإسكان بإشراك الجامعات في استحقاق الإعمار الوطني الذي لا يسير بيد وكتف واحدة بل بتضافر كل الجهات وتعاونها والتنسيق فيما بينها على نيّة إعادة ما تهدّم بمشروع محلي لا مكان فيه للغريب؟!.
الخبر الجديد الذي يضع هذه الكلية في صدارة المتصدّين للتعاون ما قامت به العمادة من تحويل مقرراتها النظرية والعلمية في اتجاه إعادة الإعمار، وهذا ما مرّ مرور الكرام على وسائل الإعلام رغم ما قامت به من ورشات عمل حول هذا الموضوع، في وقت لم يشَر فيه إليها بالبنان على أنها هي من أعدّت نماذج عمرانية لمساكن الإيواء ووقعت مذكرة تفاهم مع مؤسسة الإسكان، حيث كانت وزارتا الإسكان والتعمير أكثر لهاثاً على تسويق كل ما يحصل على أنه من إنتاجهما وبطولاتهما فقط؟.
في وقت تكثف فيه هذه الكلية من إظهار استعداداتها لتقديم خبراتها العلمية المتوافرة والمشاركة بأي عمل فني يطلب منها ضمن اختصاصاتها بشكل تطوعي ولاسيما في دمشق وللمنطقتين الجنوبية والوسطى.
ربما من مفارقات القدر أن يكون للأزمة وخرابها فرصة ليكون للجامعات موضع قدم في الحياة العامة غير تخريج الكوادر ومنحهم الشهادات دون استثمار إمكاناتهم وقدراتهم البشرية المتوفرة ولاسيما في مجال العمل الفني ووضع آليات وأفكار لمعالجة العشوائيات ومناطق التأهيل، حيث الاستثناء سانح لإكساب الطلاب مهارات ميدانية في العمل والأهم كما يقول الطلاب أنفسهم وضع العمل الهندسي على سكّته الصحيحة وإنهاء زمن التصغير وركن الآخر على الهوامش غير المجدية؟!.
علي بلال قاسم