اقتصاد

ارتفاع تكاليف الاستيراد وتوقف معظم معامل الإنتاج يحولان دون سدّ الاحتياج أسعار المواد العلفية تحلّق عالياً وتجار “السوداء” يستغلون المربّين والحصيلة تراجع كبير في طرح المنتجات الحيوانية

اللاذقية – مروان حويجة
أدّى تزايد الطلب على المواد العلفية المتعذر حصول المربّين عليها بالكميات التي تسدّ الاحتياجات، إلى حدوث تقلبات سعرية في أسعار المنتجات الحيوانية ومشتقات الألبان والأجبان التي تخضع سوقها إلى هذه المتغيرات على حساب المربي المنتج والمستهلك في آن معاً، ولاسيما أن توريد المواد العلفية من الأسواق الخارجية قد انحسر بشكل واضح خلال الأشهر القليلة الماضية، يضاف إلى ذلك خروج العديد من المعامل من الخدمة والإنتاج وعدم قدرة المعامل الحالية على تلبية الاحتياجات بالحدّ الأدنى المطلوب.
وحول الواقع الراهن للنقص الحاصل في المواد العلفية أوضح المهندس هشام شريقي مدير فرع المؤسسة العامة للأعلاف في اللاذقية لـ”البعث”، أن هناك انخفاضاً ملموساً في كمية المنتجات الحيوانية في الأسواق نتيجة قلة الإنتاج التي تعود أسبابها إلى الظروف الراهنة وتهريب الثروة الحيوانية وانخفاض أعدادها ورفع أسعار الثروة الحيوانية بشكل متعمّد من أصحاب النفوس الضعيفة، وأيضاً هناك زيادة في الطلب على المنتجات الحيوانية تقابلها قلة في العرض.
ولفت شريقي إلى الصعوبة الحاصلة في إيصال وشحن ونقل المواد العلفية بسبب صعوبة النقل وعدم التمكن من استجرارها في ظل الظروف الراهنة على بعض المحاور الطرقية، ويتوازى هذا كله حسب مدير الفرع مع ارتفاع أجور النقل بشكل كبير جداً ما زاد من كلفة المنتجات الحيوانية، وتوقف معظم معامل الأعلاف التابعة للمؤسسة عن العمل بسبب العمليات التخريبية، والاعتماد على تأمين المواد العلفية عن طريق الاستيراد بالعملة الصعبة، ولا يمكن إغفال التوقف عن زراعة بعض المحاصيل العلفية في المناطق الشرقية بسبب الظروف الحالية مثل الشعير والذرة الصفراء، وقيام التجار باستيراد المواد العلفية والتحكم بعملية طرحها في السوق السوداء والتلاعب بأسعارها، وهنا يدخل تأثير ارتفاع سعر الدولار واستغلال هذا الارتفاع للتلاعب بالأسعار، وبيّن المهندس شريقي أن المؤسسة العامة للأعلاف تؤمّن نسبة 20 – 25% من احتياجات الإخوة المربّين من المواد العلفية، وذلك تبعاً للظروف الراهنة التي شكّلت ضغوطاً كبيرة على المؤسسة كغيرها من المؤسسات والقطاعات، حيث كانت البادية توفر في السنوات العادية أكثر من 15% من احتياجات الثروة الحيوانية الغنمية، كما تجد المؤسسة صعوبة في تأمين اليد العاملة بالعدد المناسب وفي الوقت المناسب.
أما دائرة الإنتاج الحيواني في مديرية زراعة اللاذقية فقد كشفت عن حصول تناقص كبير في أعداد الثروة الحيوانية في المحافظة خلال الفترة الماضية حسب تقريرها الإحصائي، ومن البديهي أن ينعكس هذا النقص انخفاضاً في المنتجات الغذائية ذات المنشأ الحيواني، وأن يترافق مع ارتفاع مضاعف في الأسعار، ولا يقف الأمر عند هذا الحدّ بل يمتدّ إلى التداول العشوائي المخالف لأصول وضوابط بيع وتسويق المنتجات على حساب المواصفة والجودة والقواعد الصحية لنقل وتخزين هذه المنتجات وطريقة حفظها.
اللجنة الزراعية الفرعية في اللاذقية أشارت أكثر من مرة خلال اجتماعاتها إلى انتشار ظاهرة الذبح العشوائي للقطيع وخاصة إناث الأبقار وضرورة فرض إجراءات مشدّدة وتطبيق ضوابط دقيقة لمنع ظاهرة الذبح العشوائي لإناث الأبقار.
وفي الإطار نفسه فتح الواقع الراهن للثروة الحيوانية باب التهريب إلى الأسواق المجاورة بدافع الجشع واللهاث للربح غير المشروع، وبالتالي تأجيج لهيب الأسعار في الأسواق المحلية وتعذّر حصول المواطن على احتياجه الطبيعي من هذه المنتجات بما فيها الألبان والأجبان، ناهيك عن اللحوم الحمراء.
وتعزو مديرية الزراعة التراجع الحاصل في القطيع إلى ارتفاع أسعار الأعلاف بشكل كبير وصعوبة نقل المنتجات العلفية بين المحافظات وارتفاع تكاليف النقل وانخفاض الريعية الاقتصادية لعملية التربية وعدم تناسب سعر المنتج مع تكاليف الإنتاج، ما أدى إلى عزوف عدد كبير من المربّين عن عملية التربية وعدم إمكانية إدخال منشآت جديدة للإنتاج الحيواني، وذلك بسبب صعوبة إجراء التراخيص في المحافظة نظراً لطبيعتها وخصوصيتها.
ومن الأسباب التي تؤدّي إلى التراجع الإنتاجي أيضاً خروج عدد كبير من مراكز التربية من الخدمة وتعرّض المربّين إلى خسائر كبيرة بسبب الأضرار التي طالت قطاعات الدواجن والأبقار والأغنام نتيجة الظروف الراهنة، ما أدّى إلى ارتفاع الأسعار، ومن الأسباب التي أثرت سلباً في توفر المنتجات عمليات التهريب بهدف اقتناء الأبقار المحلية ذات النوعية الجيدة، وهناك سبب يتصل بضعف تمويل مربّي الثروة الحيوانية من المصارف المخصصة لهذا الشأن.