بين قوسين الحد من الاستنزاف
لم يزل تدهور واقع الموارد المائية، وسوء استخدام المياه، وندرتها، من أهم المشكلات التي تعاني منها سورية، وهي بالأساس من الدول شبه الجافة التي تشهد قلّة وشح الموارد المائية، الأمر الذي أدى إلى انحسار مساحات واسعة من الأراضي من دائرة الإنتاج الزراعي، وخروج عدد من السدود المائية من الخدمة.
إذاً، هناك اختلال كبير بين الموارد المائية المتاحة، وحجم الاحتياجات المطلوبة، ما يضع مسألة ترشيد استهلاك المياه، والتوجّه نحو الاستخدام الأمثل لها، والحفاظ على مواردها في سلم أولويات واهتمام الجهات الحكومية والأهلية، في محاولة لتجاوز الثغرات التي أفرزها واقع التعامل اللاواعي مع الثروة المائية، واعتبار قضية حمايتها، والحفاظ عليها مهمة وعملاً وطنياً يعني كل مواطن.
ولو استعرضنا الأرقام المعلنة لنسب الاستخدامات المتعدّدة للمياه في حياتنا العامة، فإننا نجد أن الزراعة تستهلك نحو 88٪ من الموارد المائية، و12٪ الباقية تستخدم لأغراض الشرب، والصناعة والتجارة، وهذا يعني أن المياه المهدورة بعمليات الري التقليدي كبيرة جداً، وهي معضلة حاولت الحكومات المتعاقبة حلّها من خلال اعتماد مشروع التحوّل إلى الري الحديث، هذا المشروع الوطني الذي لم ينل كفايته من الاهتمام على صعيد التطبيق الميداني، حيث لم تزل أرقام المساحات المحولة بموجبه، وعلى مدى سنوات طويلة من الأخذ والرد، والإجراءات التشجيعية العديدة، متدنية، ولم تحقّق الغاية المطلوبة.
أما واقع تنفيذ مراحل المشروع فيصطدم حالياً بصعوبات عديدة، منها ما هو خارج عن السيطرة، فرضته تداعيات الأزمة، ومنها ما هو ناجم عن عمليات تطبيق، وآليات أفقدت واقع العمل الحماسة المطلوبة للمتابعة، وهذا بدوره يفرض علينا نوعاً من الإصرار على ضرورة أن تعمل جميع الجهات المعنية على تجاوز المعوقات، وترسيخ آليات عمل ترفع من أهمية التعاطي مع هذا المشروع بالشكل اللازم، لنصل بمجموعة الإجراءات المتخذة، والالتزام بمراحل المشروع إلى توفير المناخ الملائم للتنفيذ الصحيح لمشروع الإنقاذ لثروتنا المائية من الهدر، والضياع في استخدامات عشوائية وغير مسؤولة، والتوجّه نحو الاستخدام العقلاني، والمرشد للموارد المائية، والحفاظ عليها، والعمل ما أمكن على توفير الحدّ المطلوب من التوازن المائي.
محمد الآغا