ثقافة

الدراما السورية … تراجع مخيف يجب الوقوف على أسبابه

بدا واضحا في الموسم الدرامي المنصرم كما في المواسم القليلة الماضية أن الدراما السورية لم تحقق التفوق الذي اعتدناه بشكل عام والانتشار المتوقع رغم وجود عدد من الأعمال الجيدة مثل “بواب الريح” للكاتب خلدون قتلان والمخرج المثنى صبح و” ضبو الشناتي” للكاتب ممدوح حمادة والمخرج الليث حجو وبصورة أقل “القربان” للكاتب رامي كوسا الذي يعتبر جيداً من ناحية النص إلا أن الإخراج أعاق ظهور العمل بالشكل المطلوب وفيما تبقى من أعمال فإن أي جديد لم يطرأ على الدراما السورية بل ظهرت العديد من الأعمال الرديئة والمتوسطة المستوى وظهر جليا ابتعاد الكثير من الأعمال الدرامية عن واقعيتها وخصوصيتها السورية التي أكسبتها التفوق والنجاح واتجاهها للتشويق المفتعل والتركيز الصارخ على الجنس في العديد من الأعمال ومنها صرخة روح وخواتم في تناول لا فائدة منه سوى التشويق المفتعل والضجيج الفارغ من المضمون.
ولا يخفى على احد المستوى الهزيل الذي ظهرت به العديد من الأعمال الدرامية التي سمت نفسها كوميدية مثل “رجال الحارة” و”سن الغزال” وما لف لفها فغابت أدنى قواعد المهنية في صناعة هذه الأعمال وابتعدت بشكلها عن أدنى مقومات العمل الدرامي وبدا واضحا الاستسهال الذي صنعت به مثل هذه الأعمال فكانت مسيئة لصناعة الدراما السورية ومستواها العام فيما لم ينجح مسلسل “حمام شامي” باستعادة أمجاد كوميديا البيئة الشامية فوقع في فخ التقليد لمسلسلات الزمن الجميل وبالتحديد “حمام الهنا” فظهر العمل فارغا ورتيبا ولم يستطع رسم البسمة على شفاه الجمهور، بينما نجح مسلسلا “ضبو الشناتي” و”بقعة ضوء” في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من مستوى الكوميديا السورية حيث استطاع العمل الأول تسليط الضوء على حياة الناس اليومية في ظل الأزمة بأسلوب الكوميديا السوداء أما بقعة ضوء فاستطاع تحقيق التميز هذا العام بنسبة جيدة رغم هبوط مستوى عدد من اللوحات واعتماد المباشرة في الطرح الذي لا يناسب شكل وطريقة بقعة ضوء.
ولم تحقق دراما الفانتازيا الشامية أي جديد فتابعت اجترار الحكايات والقصص الفارغة نفسها وصراع الزعامة والعكادة المعروف النتائج سلفاً عدا عن مجافاتها للتاريخ الحقيقي فيما استطاع مسلسل “بواب الريح” تسليط الضوء على حقبة تاريخية هامة بنص درامي ذي بناء متين وإخراج متميز رغم بعض الملاحظات البسيطة على العمل.
إذا تراجع ملحوظ ومحسوس في مستوى الدراما السورية هذا العام يمكن القول انه كاف لدق ناقوس الخطر بقوة للتوقف عنده والعمل على علاج أسبابه ولعل في مقدمتها كما أسلفنا غياب الواقعية و الاستسهال في انجاز الأعمال ولعل الأهم من ذلك هو منح الأعمال الرديئة فرص العرض وهو ما يشجع على الاستمرار بهذا النمط … فهل يشهد الموسم الدرامي تحولا هاماً على صعيد تقديم الأفضل والبحث عن التميز الحقيقي في ظل صحوة كبيرة ومستمرة للدراما المصرية أم أن الحال سيبقى على ما هو عليه ويستمر التراجع.
خلدون عليا