الصفحة الاولى

الإدارة الأمريكية تُراهن على "الخرافات" و"الفنتازيا".. وتتجاهل حقائق الأرض طهران: قرار واشنطن تسليح ودعم التنظيمات الإرهابية في سورية خطأ استراتيجي

“نحن بحاجة لأن نفعل كلّ ما في وسعنا لمعرفة من هي “المعارضة” غير “الداعشية”، لأننا، بصراحة، لا نملك أيّ فكرة عنها!”، بهذه الكلمات اختصر السفير الأميركي السابق في العراق وسورية رايان كروكر مخاوف كثيرة عبّر عنها صحافيون ومحللون، من مختلف التوجهات السياسية، في الأيام الأخيرة.
فمنذ أن أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما “استراتيجيته” للحرب على “داعش” “أينما كانت”، طرح المراقبون سؤالاً أساسياً: مَن هي “المعارضة المعتدلة” التي ستدرّبها واشنطن لكي تحارب “داعش”؟. وكان على أوباما ومسؤولي فريقه أن يجيبوا عن السؤال الأول، وهذا ما لم ولن يفعلوه، ويضيفون: “المعارضة المسلحة المعتدلة” غير موجودة في سورية، ولا يمكن التعويل عليها، لأنها عبارة عن مجموعات متناحرة، وأفضل مقاتليها هم من “الإسلاميين المتشددين”!، ويتابعون: “الفكرة القائلة: إن “الجيش الحرّ” هو قوة موحّدة تتمتّع بتركيبة قيادية فاعلة ليست إلّا خرافة”.
لكن الإدارة الأمريكية، ورغم هذه المعطيات، تواصل دعمها الصريح والمعلن للإرهاب في سورية تحت مسميات وذرائع مختلفة، في الوقت الذي تدّعي فيه وضع استراتيجيات وخطط لمكافحته من خلال تشكيل تحالف مزعوم مع الداعمين الأساسيين له، ما يعبّر عن نفاق واشنطن الواضح.
وفي هذا الإطار، حصلت خطة أوباما لتسليح ما سماها “المعارضة المعتدلة” في سورية على موافقة مجلس النواب الأميركي، بانتظار تصديق مجلس الشيوخ عليها، حيث وافق 273 عضواً على تقديم أسلحة ومساعدات لوجستية بقيمة 500 مليون دولار أميركي لهذه المعارضة، والتي تتطابق فكراً ورؤية مع “داعش”، مقابل رفض 156 آخرين لطلب أوباما.
واعترف رئيس المجلس جون بونر في تصريحات له بأن الجهود التي تبذلها واشنطن لتسليح هذه التنظيمات الإرهابية، التي تسفك دماء السوريين، تصب في مصلحة الولايات المتحدة، مؤكداً بذلك الغاية والدافع الذي يحرّك ويوجّه سياسة بلاده تجاه الأوضاع في سورية.
واعتبر أوباما في كلمة ألقاها في مقر القيادة الوسطى للشرق الأوسط وآسيا الوسطى في تامبا بولاية فلوريدا تصويت مجلس النواب بالموافقة على طلبه “خطوة مهمة إلى الأمام” للتصدي للتهديد الذي يمثله التنظيم الإرهابي داعش، ولفت إلى أن النظام السعودي وافق على استقبال عناصر من التنظيمات الإرهابية في سورية لتدريبها وتجهيزها، متجاهلاً بذلك حقيقة أن الفوضى والإرهاب اللذين دعمتها إدارته والأنظمة الموالية لها بالإقليم والغرب عبر إقامة المعسكرات لتدريب الإرهابيين والمرتزقة لإرسالهم فيما بعد إلى سورية لتخريب الأوضاع فيها والعبث بأمنها واستقرارها تشكل السبب الرئيس لتمدد التنظيم الإرهابي المذكور وبقية التنظيمات الإرهابية المهددة للعالم برمته، وليس فقط سورية والمنطقة.
ووفقاً لمراقبين ومتابعين فإن هذه الخطوات الأميركية تكشف وبشكل لا يدع مجالاً للشك زيف الادعاءات الأميركية بخصوص السعي لمكافحة الإرهاب، واستمرار السياسة التي لطالما انتهجتها الإدارات الأميركية المتعاقبة، وخاصة الحالية، في تفريخ ودعم التنظيمات الإرهابية واستخدامها كأدوات لتنفيذ أجندتها ومشاريعها في العالم.
في الأثناء، جدد الرئيس الإيراني حسن روحاني وقوف ودعم بلاده لسورية والعراق في مواجهتهما للتنظيمات الإرهابية وتصديهما لها، معرباً عن شكوكه إزاء مزاعم أمريكا في محاربتها للإرهاب، وطالب في لقاء مع محطة إن بي سي نيوز الأمريكية  بضرورة الحصول على موافقة شعوب وحكومات الدول التي ستُستخدم أجواؤها لتنفيذ الغارات الجوية في الحرب على تنظيم “داعش”.
ووصف روحاني التحالف الدولي الذي أنشأته أمريكا لمحاربة التنظيم الإرهابي بأنه مضحك، وأضاف: إن مكافحة الإرهاب بحاجة إلى دراسة ومعرفة جذوره، وإذا وجدت مشكلة في منطقتنا فإن شعوب وحكومات المنطقة يشعرون بالمشكلة أكثر من سائر الدول الأخرى، الذين يبعدون عن المنطقة آلاف الكيلومترات، مشدداً على أن الآخرين ينبغي ألّا يفكروا أنه باستطاعتهم قيادة حل مشاكل المنطقة، لأن التجربة أثبتت خلال هذه السنوات عدم نجاحهم في محاربة الإرهاب، وأكد أنه إذا كان ينبغي محاربة الإرهاب في المنطقة، فمن الضروري أن تتخذ شعوب دول المنطقة إلى جانب حكوماتها القرار بهذا الصدد، وإذا كان الآخرون يرغبون في تقديم المساعدة، فبإمكانهم المساعدة في هذا المجال.
كما أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في كلمة له أمام مركز الأبحاث الأمريكي في نيويورك أن أغلب المشاركين في اجتماع باريس الأخير حول مكافحة الإرهاب ساهموا بطريقة أو بأخرى في تعزيز قوة تنظيم “داعش” الإرهابي، مشدداً على أنه لا يمكن القضاء على هذا التنظيم عبر الضربات الجوية ولا بد من إيجاد آليات جديدة للتعامل مع الحقائق والأوضاع الجديدة.
وأكد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية حسين أمير عبد اللهيان أن قرار الإدارة الأمريكية تسليح ودعم التنظيمات الإرهابية في سورية خطأ استراتيجي، وقال: “إن مصادقة مجلس النواب الأميركي على قرار حول تدريب التنظيمات الإرهابية في سورية يأتي استمراراً لسياسة الازدواجية وتفاقم زعزعة الأمن والاستقرار وتنامي الإرهاب في سورية والمنطقة”.
وأكد عبد اللهيان أن سياسة أميركا العملية تجاه تنظيم داعش الإرهابي تتسم بالازدواجية، حيث يريد الأمريكيون اللعب مع التنظيم في العراق، بينما يسعون إلى منح هذا التنظيم الإرهابي في سورية فرصة للانتشار والتوسع، مشدداً على أن بلاده ليس لها ثقة بأمريكا لقيادة محاربة الإرهاب في المنطقة.