ثقافة

استعداداً لعرضها على مسرح الحمراء ســــهيل عقـلــة: “الطوفان”تجربة مسرحية قريبة من الواقع

يوشك المخرج المسرحي سهيل عقلة على الانتهاء من بروفات عمله المسرحي الجديد “الطوفان” والذي سيُقدَّم اعتباراً من 28 الجاري على خشبة مسرح الحمراء وهي تجربة التعاون الثانية بين مديرية المسارح والموسيقا وفرقة المسرح العمالي وأمانة الثقافة والإعلام في اتحاد عمال دمشق، ويشير عقلة في حواره مع البعث إلى أن “الطوفان” نص مسرحيّ مكتوب منذ أكثر من عشر سنوات للكاتب المسرحيّ جوان جان، وقد قام بقراءته أكثر من مرة منذ خمس سنوات إلا أن الأحداث التي اخترقت الجسد السوريّ وما رافقها من تداعيات وتناقضات مشابهة للأحداث التي في نصّ مسرحية “الطوفان” جعلته يعيد قراءتها بتمعّن أكثر، معترفاً أن الرؤية اختلفت لديه عن قراءته السابقة للنصّ، وشعر بأن النص كُتِب بعد الأحداث وليس قبلها، ولدى مقارنة شخصيات المسرحية بالواقع الحالي، أي عند إسقاط شخصيات النصّ على الواقع المعاش أثناء الأحداث ظهرت واقعيتها وأهميتها، مع تسليط الضوء على آلام الجميع بما فيهم الممثلين والجمهور، مبيناً أن النص هو اختزال لما يقع من أحداث في المجتمع السوريّ تحت وطأة الظروف المعاشة والأبعاد التي اتخذتها هذه الظروف والمستجدات على ساحة الواقع الحالي، فتمّ التركيز فنياً من خلاله كمخرج على شخصية الشيخ الذي يمثل السلطة الدينية واعتُبِر نقطة الارتكاز في هذا العمل المسرحيّ، فمن خلالها تمّ تسليط الضوء على الأفكار الدينية الجديدة والدخيلة على المجتمع المحلي، موضحاً كذلك أن اختيار الممثلين والذين هم جزء من هذا النسيج الاجتماعي جسّد الواقعية الدقيقة لهذا العمل لأن الممثل في هذه المسرحية هو من أبناء هذا البلد وليس مستورداً أو يعيش خارج أسواره، فهو من خلال دوره ينقل بإحساسه الحقيقيّ معاناته شخصياً قبل نقله لصورة هذا الواقع لأنه الأقدر على نقل الصورة الحقيقية لآلام الناس وهمومهم، وبما أنه جزء من هذا المجتمع فلا بدّ أنه مرّ بظروف أبنائه من خوف وقلق وما إلى هنالك، ولا يخفي عقلة الصعوبات التي واجهت العاملين في المسرحية إلا أن ذلك لم يمنعهم من الاستمرار حيث بقي فريق العمل مصمماً على انجاز العرض.
وأما عن دوافع العمل في المسرح اليوم فيعتقد عقلة أن هذه الظروف هي مسرح بحد ذاتها للأحداث ولا بدّ لأي فنان ملتزم أن يخوض فيها بحكم معايشته للواقع، وبما أن الفنان هو جزء من نسيج المجتمع فمن واجبه تصوير سلبياته وإضاءة الجوانب الإيجابية في هذه الظروف.

المسرح والأزمة
ويوضح عقلة أن أهمية العمل المسرحيّ في هذه الظروف تكمن في أن الأحداث الراهنة أفرزت فئتين متباينتين من الفنانين، الأولى صمدت في وجه الظروف والتصقت بجذورها وراحت تبحث عن مكامن الخلل ومواضع الألم وتظهرها للجمهور بقالب كوميدي أو تراجيديّ وهم الفنانون الذين تُرفَع لهم القبعات، وفئة ثانية تخلّت عن جذورها وجمهورها منذ بداية الأحداث وهربت خارج البلد، لا بل قلبت ظهر المجنّ لمن احتضنها، ويرى عقلة أن علاقة المسرح بالأزمة علاقة وثيقة تسير مع أزمات المجتمع بشكل مطّرد، فالمسرح أبو الفنون وأولها وأهمها وأصدقها، وهو عين الكاميرا التي تصور مجريات الأحداث وتظهر سلبياتها وإيجابياتها .
ويختم عقلة كلامه منوهاً إلى أهمية التعاون بين مديرية المسارح والموسيقا من جهة وفرقة المسرح العمالي وأمانة الثقافة والإعلام في اتحاد عمال دمشق من جهة أخرى من خلال هذا العمل مشيراً إلى أن “الطوفان” هو العمل الثاني له الذي أُنجِز بالتعاون بين المديرية وفرقة المسرح العمالي بعد مسرحية “نور العيون”.. و”الطوفان” –كما يراها- تجربة مهمة كونها قريبة من الواقع، مؤكداً أن التعامل مع مديرية المسارح فرصة رائعة يستطيع المخرج والفنان الجادّ من خلالها الوصول إلى الجمهور، ويكفي المديرية حسب عقلة أنها الأب الروحي للمسرح الهادف وأن ما يقوم به اتحاد عمال دمشق بتعاون مثمر مع مديرية المسارح هو جهد مشكور وجدير بالتقدير والتشجيع.
الجدير بالذكر أن “الطوفان” ستقدم عروضها على مدى خمسة أيام على مسرح الحمراء بدمشق اعتباراً من الأحد القادم الساعة الخامسة مساءً وهي من تمثيل: أميل حنا-ياسر البردان- سمير اللوجي- ديالا العلي- بلال الطيان- فهد السكري- مؤيد الأحمد- غسان مارديني- أنور النصار- لين حديد.
أمينة عباس