موسكو تدعو إلى احترام سيادة دول المنطقة وعدم التفرد بالسياسات إيران: تركيا ستدفع ثمن أي تدخل عسكري أمنياً واقتصادياً وسياسياً
فيما شكك خبراء عراقيون بجدوى غارات التحالف الأمريكي، أكد نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني منصور حقيقت بور أن قرار البرلمان التركي بالتصديق على مذكرة تفوض حكومة حزب العدالة والتنمية إرسال قواتها بعمليات عسكرية خارج الحدود التركية هو “خطأ استراتيجي”.
وقال حقيقت بور في تصريح لقناة روسيا اليوم: إن “هذا القرار التركي سيدخل أنقرة في حقل ألغام، وسوف تدفع ثمن أي تدخل عسكري في العراق وسورية من النواحي الأمنية والاقتصادية والسياسية”.
إلى ذلك، أكد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أهمية التنسيق مع سورية والعراق في مكافحة الإرهاب، وأن معالجة هذه القضايا يجب أن تكون في إطار مجلس الأمن الدولي وعلى أساس مبادئ الأمم المتحدة، داعياً إلى احترام سيادة دول المنطقة وعدم التفرد بالسياسات، وقال في مقابلة مع قناة العالم: “إننا نرى تداعيات التفرد بسياسات وعمليات لم يتم التفكير بها جيداً أو لم يتم التفكير بها أصلاً، والتي تمت خارج إطار القانون الدولي”، موضحاً أن هذه التداعيات الخطيرة نشهدها في العراق وليبيا ويريدون تكرارها في دول أخرى بالمنطقة.
وأضاف بوغدانوف: “إن توجيه ضربات لسورية غير مسموح به، لأنه يجب احترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وسيادة دول المنطقة”، معرباً عن أمله بألا تقوم دول التحالف بتوجيه ضربات لسورية تحت زعم محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي، وأشار إلى أن بلاده تواصل محادثاتها بهذا الخصوص مع الأميركيين والعرب، وقال: “لدينا نقاشاتنا حول هذا الموضوع مع الأتراك في وزارة الخارجية التركية”.
وكان أيغور ايفانوف رئيس المجلس الروسي للشؤون الدولية أكد أنه لا يمكن التخلص من التطرف والإرهاب الذي تدعي الولايات المتحدة محاربته في المنطقة دون مشاركة سورية وإيران وروسيا.
وكان البرلمان التركي أقر قبل أيام مشروع قرار حكومي يجيز للجيش تنفيذ عمليات ضد تنظيم “داعش” الإرهابي في سورية والعراق، وذلك بعد انكشاف حقيقة العلاقة بين التنظيمات الإرهابية والحكومة التركية، التي تقدم دعماً غير محدود لها في سورية وعلى رأسها تنظيم “داعش” الإرهابي.
وفي العراق لا يبدو أن لغارات المقاتلات الأميركية وحلفائها على مواقع “داعش” الإرهابي أي تأثير على تنظيم البغدادي، ويرجع خبراء عراقيون ذلك إلى أن الأوضاع على الأرض تختلف عما تظهره الكاميرا في قمرة الطائرة، وبالتالي لا بد من عناصر استخباراتية في مناطق “داعش”.
وينبه الخبراء من أن ما تقوم به غارات التحالف الأميركي لا يتناسب وقتلى تنظيم “داعش”، لأسباب منها غياب المعلومات الاستخبارية على الأرض، كما أن واشنطن تخفي معلومات الأقمار الصناعية والاستطلاع عن الجانب العراقي.
ويشرح الخبير الاستراتيجي والأمني أمير السعدي أن استراتيجية استخدم القوة الجوية والصواريخ الموجهة لا تعطي أكلها، ولا تحقق نصراً كبيراً على الأرض، لأنه غالباً ما تستهدف الغارات مراكز محددة، للعتاد والتخزين والإدارة والقيادة، لكنها لا تحدث إجهاضاً كبيراً لتوافر العناصر البشرية على الأرض.
ويشدد الخبراء على أن بناء الجيش العراقي وأجهزته الأمنية أساسي، بقدر أهمية مواجهة “داعش”، وإلّا فإن الضربات الجوية ستبقى ضعيفة وغير مؤثرة، ويضيف الخبراء الاعتراف الأميركي بسوء تقدير المخابرات المركزية لخطورة “داعش” لم يكن متأتياً من فراغ، فالولايات المتحدة لا تملك أكثر مما يملك العراقيون من معلومات، وأن الوضع قد يتغيّر إذا قدّم بعض حلفاء أميركا الداعمون سابقاً لهذه التنظيمات المعلومات الكافية.
ويرى عضو التحالف الوطني محمد المياحي أنه “لم نحسم المعركة ولم نحدد عناصر القوة الرئيسية للمجاميع الإرهابية، لذلك اليوم القوات العراقية عازمة على القضاء على “داعش” واستثمار الدعم الدولي بهذا الاتجاه”، ويضيف: “على القيادة العراقية أن تعمل على وضع استراتيجية أمنية”.
من جهة أخرى أكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن هدف التحالف الدولي بقيادة أمريكا لمحاربة الإرهاب “ليس محاربة إرهابيي داعش كما يزعمون وإنما سلب ونهب خيرات المنطقة ولا سيما أموال دول الخليج”، مشيراً إلى أن “من يحاول كسر دمشق لتغيير موازين المنطقة واهم، لأن قواعد اللعبة تغيّرت، وما تفعله واشنطن بخصوص محاربة إرهابيي داعش أكذوبة”.
وأشار المفتي قبلان في خطبة عيد الأضحى أمس إلى “أطماع واشنطن بدول مجلس التعاون الخليجي وأمواله، لأن واشنطن ليس لها سياسة سوى التضحية بعملائها، وهي تقرأ الشرق الأوسط بعين السيطرة ووضع اليد والمصالح العليا”، وحذّر من لعبة التشظي والنفخ بالنار المذهبية، وتكريس سياسات من شأنها تفجير لبنان من الداخل، وبخاصة أننا في منطقة تتعرض لزلزال عالمي وسياسات دولية إقليمية مصرة على دخول حرب أكبر من إقليمية، داعياً جميع أصحاب القرارات السياسية والأمنية للعمل على كسر المربعات الإرهابية وليس الاكتفاء بالتحذير من سطوتها أو التحذير من وجود كثافة الوجوه الغريبة، وأكد أن “السياسات الغربية والتركية والفواتير العربية لن تغيّر حقيقة لبنان وموقعه وخيارات أبنائه، فهو مقاوم وسيبقى كذلك، وسندافع عن هذا الخيار بكل ما أوتينا من قوة وإمكانات، ولن يكون لبنان ملعباً للأمم كما كان في قديم الزمان وغابر الأيام، بل سيكون لاعباً قوياً في تحديد وجهة المنطقة ومصير البلد”.
ودعا قبلان جميع القوى السياسية في لبنان لانتخاب رئيس للجمهورية للمرحلة الجديدة، داعياً إلى “ضرورة تأمين سلامة الجنود اللبنانيين المخطوفين وفك أسرهم بمقدار التأكيد على محاربة الإرهاب واستئصاله”.
من جانبه قال العلامة اللبناني الشيخ عفيف النابلسي: “لا يوجد عيد في ظل إرهاب متوحش يزحف من مكان إلى آخر، فيغرق المنطقة دماً وكرهاً وقسوة وغزواً استعمارياً جديداً، والاحتلال الإسرائيلي يمارس تهويده وطغيانه بحق الفلسطينيين والعرب متفرقون”، ودعا في خطبة عيد الأضحى إلى دعم الجيش اللبناني وتعزيز قواه لمواجهة الإرهابيين وإقفال طرق الإمداد عليهم في منطقة عرسال وجرودها.