اقتصاد

نقطة ساخنة في خانة اليك..!

لاشك أن الحديث عن الفساد واجتثاث رموزه بات رتيباً، ولم يعد مادة إعلامية دسمة تُغري الزملاء والقراء في آن معاً، كونه لم يترافق مع خطوات جديّة على أرض الواقع إلا في الحدود الدنيا.
إلا أننا نجزم أن الحديث عن مشروع القانون الجديد لمكافحة الفساد له نكهة خاصة، كون هذا المشروع يحمل في طياته المزيد من الصرامة والحزم، ويبشّر بمرحلة جديدة من المحاسبة، إذ أنه سيمنح الهيئة صلاحيات واسعة في محاسبة ومراقبة من يتورّط في سرقة المال العام أو هدره، بما في ذلك المسؤولون الكبار في الدولة من وزراء وغيرهم، وفق ما رشح من تصريحات لرئيس الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش.
ما سبق يستدعي بالضرورة اقتران القول بالفعل، وإلا سيبقى هذا القانون في حال إقراره مجرد حبر على ورق، ويبقى الفاسدون يصولون ويجولون تحت ترنيمات وعيد الأجهزة الرقابية، خاصة وأنه لا أحد ينكر أو ينفي تفشي الفساد في متن الجهاز الحكومي وعلى عدة مستويات، ويُعْتَقد أن إمكانية القضاء عليه برمته شبه مستحيلة، فأكثر المتفائلين يعتقد أن نسبة الحد منه ربما لا تلامس الـ70% وذلك على مدى سنوات طويلة قد تصل إلى عشرين سنة وما فوق، ما يعني الحاجة إلى عمل دؤوب وإرادة لا تكلّ ولا تملّ، إلى جانب نشر ثقافة جديدة تشدّ من أزر العاملين على هذا الملف، والمواطن هنا ليس بمنأى عن المسؤولية، فهو مدعو للمشاركة في تطهير البلد من الفاسدين عبر تغيير تعامله مع الموظف الحكومي وعدم إفساح المجال لابتزازه.
ترقب حذر يشوبه التشاؤم وعدم الثقة بنتائج تطبيق مشروع القانون في حال إقراره أحياناً، ويعتريه بعض التفاؤل بنتائج قد تكون مفصلية في تاريخ مكافحة الفساد أحياناً أخرى، والكل ينتظر ما سيؤول إليه ملفٌ طالما عرقل مسيرة الإصلاح عبر عدة عقود، إلا أن ما يبعث الأمل في جدية التعاطي مع هذا الملف هو ما أقدمت عليه الهيئة في الفترة الأخيرة من فتح ملفات فساد طالت عدداً من المسؤولين المتورطين بهدر وسرقة المال العام، ومع أن البعض يعتبر أن هذه الخطوات خجولة ولم تطل بعد كبار المسؤولين، إلا أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، ومشروع القانون يعد بمزيد من المحاسبة والصرامة، وقادمات الأيام كفيلة بالحكم على كفاءة الهيئة وقدرتها على تطبيق القانون المرتقب.

حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com