ثقافة

تشريح الأفلام لـ “برنارد ف. ديك” يوفر أساساً متيناً للأمور الجوهرية الخاصة بالأفلام

مزايا تقنية وفنية جديدة ومختلفة في عالم الفن السابع وعلومه، يضيفها “برنارد ف. ديك” أستاذ الاتصالات واللغة الانجليزية قي جامعة “فيرلي ديكنسون تينك” بولاية نيو جيرسي الأمريكية إلى الطبعة السادسة من كتابه ذائع الصيت “تشريح الأفلام”، الصادر عن منشورات وزارة الثقافة، ضمن سلسلة الفن السابع للمؤسسة العامة للسينما، ترجمة د.”محمد منير الأصبحي”. الكتاب الذي طبع لأول مرة عام 1976، ولكنه ما لبث أن طبع عدة مرات متتالية نظرا لكونه كتاب دراسي مختصر غير باهظ التكلفة وخال من التعابير والمصطلحات الخاصة التي يستخدمها أهل المهنة، وهو يقدم أساساً متيناً للأمور الجوهرية الخاصة بالأفلام مع تقديم أمثلة ثرية من الماضي والحاضر. كما أن “تشريح الأفلام” ككتاب مصمم ليستخدم في مقررات “الفيلم باعتباره أدباً” و”مقدمة للفيلم” في أقسام اللغة الإنكليزية والسينما والاتصالات، لذلك يغطي جميع نواحي الفيلم الجوهرية، من الجنس الفيلمي والإضاءة والمونتاج إلى الموسيقى والصوت والسرد. ومدخل تسهيل الدراسة الذي يتبعه كتاب تشريح الأفلام يجعله مثالياً للمستجدين في هذا الحقل الدراسي.
أدرك “ديك” أنه من الضروري والهام جدا، عند إعادة طبع كتاب له جانبه التعليمي والتفسيري بالإضافة لكونه يُعتمد كمادة تدريسية لدى العديد من أساتذة السينما في العديد من الجامعات الأمريكية، أن تعكس تلك الطبعات كل في وقتها، التغييرات المستمرة والمتجددة في دنيا السينما، خصوصا وأنه مع تقادم الأيام وتقلب الأمزجة ،تتغير العديد من التقنيات المستخدمة في السينما، كما أن لكل جيل من عشاقها على اختلاف أنواعهم “مشاهد، طالب سينما، مخرج ،ممثل ،صُناع السينما” مذاقاته المتنافرة وميوله الخاصة به، الأمر الذي اسماه “برنارد”: “التأرجحات في الذوق مع تعاقب الأجيال” لذا كان من الضروري أن يخرج “تشريح الأفلام” على قرائه في طبعته السادسة بمجموعة من الأفكار الجديدة المبنية على نتائج تجارب شخصية لـ “ديك” وتجارب عامة للعديد من المدارس السينمائية التي أرست قواعد فنية ومعطيات مشهدية مختلفة عن السائد في أجواء الإبداع السينمائي، إلا أن تلك التغييرات لم تنل من الهدف الجوهري للكتاب الذي يخبرنا بطبيعته مؤلف الكتاب أنه: “مساعدة الطلاب عن طريق تقديم كتاب دراسي موجز وواضح و”ممتع” عن طريق الفحص أو التحليل النقدي والفني، للعديد من الأفلام الكلاسيكية وشبه الكلاسيكية والمعاصرة من أجل تطوير أساليب الرؤية النقدية للفيلم السينمائي وإعادة إعطائه حقه مرة أخرى من وجهة نظر مختلفة”.
أما المزايا الجديدة التي تمت إضافتها لـ “تشريح الأفلام” أو التعديل الذي طرأ على العديد من فقرات الكتاب بطبعاته السابقة، فهي كما يعددها “ف. ديك” بدءا من تسليطه الضوء على المصطلحات الأساسية في الكتاب وإضافة العديد من الملخصات الجديدة ذات المضمون الشرحي التكثيفي لمجموعة من الأفكار الهامة التي وردت في الكتاب، والتوسع في الملاحق التي ستجعل من هذه الطبعة، الأسهل تناولا من قبل الطلاب، كما تم إضافة جزء جديد كليا للكتاب في طبعته الأخيرة وهو “حول الكتابة عن الأفلام ،الجزء الذي يقدم فيه “ديك”، زبدة خبرته في عالم الفن السابع، عن طريق النصائح التي يسديها لطلابه والإرشادات العملية التي من الضروري إتباعها عند القيام بعملية الكتابة بأنواعها، من المشاهدة إلى التنقيح، ويستخدم هذا القسم من الكتاب الفيلم الشهير “سايكو” للمخرج والمنتج السينمائي العالمي “ألفريد هتشكوك”، كمادة تعليمية لتبيان المداخل المختلفة للفيلم الآنف الذكر ،أما ما يميز هذه الطبعة عما سبقها فهي المساهمات والملاحظات والنتائج التي توصل طلاب “برنار.ف ديك” إليها خلال أبحاثهم التي أغنت الكتاب وأعطت له طابعا متحررا من اللغة التعليمية الصرفة ،ومنفتحا على خيارات وشروط فنية جديدة ومختلفة، كما تم التركيز ببعض مفاصل الكتاب على دراسة أحدث نزعات المشاهدة والتقنيات المتطورة التي حققت مشاهدة أفضل وأوسع انتشارا للأفلام، كأسلوب العرض الرقمي، وأقراص الفيديو الرقمية، وبروز اليوتيوب وغيره من الموارد الفيلمية على الشبكة الالكترونية. وللمساعدة في توضيح مجال الكتابة السينمائية وآفاقها فقد تم تضمين الكتاب الكثير من الأفلام الجديدة من أجل دراستها ومناقشتها والإفادة من النجاح الجماهيري الذي حققته عند عرضها، بمعرفة أسرار هذا النجاح، ومنها (ليس بلدا لكبار السن-2007، والنادلة- 2007، وكبرياء وتحامل بنسختيه- 1940- 2005) وغيرها من الأفلام الكلاسيكية مثل (الراكب، عام 1975، والمغامرة- 1960- لأنتونيوني، وأليس مارتان، 1998).
ينقسم “تشريح الأفلام إلى عشرة فصول رئيسية، تضم  العديد من العناوين العريضة، التي تتفرع عنها الكثير من الدراسات والأبحاث النقدية والعملية، والفصول جاءت على الشكل التالي: “فهم الوسيلة- التصاميم المكتوبة والمصورة، والصوت- المكان وترتيب المشهد-  تجميل الصورة- الأجناس الفيلمية- النص التحتي للفيلم- مخرج الأفلام- الفيلم والأدب (وهو فصل ممتع وثري بإطلالته على الروائع الأدبية، التي اتخذتها العديد من الأفلام قصصا لها)- تحليل الفيلم-  نظرية الأفلام ونقدها”. بالإضافة إلى ثلاثة ملاحق مكملة للكتاب ومتممة لمهمته وهي: قائمة بالأفلام الواردة في النص ومخرجيها، والكتابة عن الفيلم من منظور الطالب والمصادر على شبكة الانترنت وتوثيقها.
كثيرة هي الآراء الإيجابية التي لاقاها كتاب “تشريح الأفلام” لصاحبه “برنارد ف. ديك” وتحديداً في طبعته الأخيرة، وربما أكثر تلك الآراء تعبيرا عن طبيعة الكتاب وباختصار شديد، هو ما أوردته الأستاذة في جامعة سامفورد، “جولي غوستافسون” في رؤيتها له، عندما وصفته بما يلي: أحب كتاب تشريح الأفلام، فهو يوفر استكشافا شاملا لدراسة الفيلم كجنس أو نوع، وهو واضح وموجز بحيث لا يغرق الطالب في بحر من المعلومات، لكن في الوقت نفسه، يقدم الكتاب الأرضية الضرورية لما يحتاج الطلاب معرفته كي يصبحوا أكفاء في تحليل السينما.
تمام علي بركات