محليات

بين قوسين عقلنة دعم المواطن

عقلنة الدعم، تردّي الواقع المعيشي للمواطن، ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار معظم المواد والسلع، وخاصة المحروقات التي ترتبط انعكاساتها السلبية مباشرة بكل مناحي حياة ذوي الدخل المحدود، لوحة أساسية تؤطر حياة المواطن، وترهن معيشته بقرارات وإجراءات المعالجة المنتظرة.
هي معادلة أقل ما يقال عنها أنها غير متوازنة، تراجيدية، بعيدة كل البعد عن الواقع، ضحيّتها المواطن الفقير، الذي يحتار ويعاني الويلات في تدبير أمور معيشته اليومية.
إذاً.. مع التصريحات الحكومية المتكرّرة حول مسألة الدعم، وإعادة هيكلته، لم تزل مقولة “العدالة الاجتماعية” تبتعد على أرض الواقع، شيئاً فشيئاً، عن هدف كل التوجّهات وسط ظروف صعبة، وتحديات تواجه الاقتصاد السوري تتمثل بأبشع أنواع الحصار الجائر المهدّد لكل مقوّماته وبنيته التحتية.
ونحن إذ نقدّر ظروف الواقع، الذي تعمل من خلاله الحكومة لحل مجمل الأزمات المتلاحقة التي تواجهها، لابد من الإشارة إلى أن المواطن لم يعُد يتحمّل عبء التصريحات والمعالجات النظرية، التي أبعدته طوال سنوات الخطط الخمسية الماضية عن سمت تعزيز قدرته الشرائية، وسدّ الفجوة الكبيرة بين دخله المتواضع جداً واحتياجاته المعيشية المتنامية.
ومع احترامنا الكبير لكل الإجراءات الهادفة إلى تحقيق التوجيهات العليا بأن يكون المواطن بوصلة التوجهات الحكومية، خلال المرحلة الحالية والمستقبلية، فإن ضرورة التركيز على تحسين سبل العيش الكريم لهذا المواطن، وتحسين مستوى معيشته، يجب أن تكون أولوية في أي عملية إعادة توزيع الدعم أو هيكلته.
وباختصار، ما يهم المواطن في ظل هذه الأزمات المعيشية المتلاحقة ليس البحث عن تسميات ومعادلات نظرية نؤطّر بها توجهات مرحلة معينة، بل ما ينتظره هو سرعة المعالجة التي توصله إلى حقه في الدعم الموجّه إليه، وتلبية حاجاته الأساسية، ومهما تكن تسميات ذلك “عقلنة الدعم – إعادة توزيع الدعم – هيكلة الدعم – تحقيق العدالة الاجتماعية وغير ذلك”، فإن المسألة الأهم ألا نقع في إطار البحث على سياسات دعم تنسف كل توجّه حقيقي نحو عدالته، وتوقعنا في فشل أكبر من فشل السياسات السابقة التي ذهبت بالدعم إلى غير مستحقيه.
وبالتالي، لابدّ من الوصول إلى آليات جديدة للدعم تستطيع تحديد المستحقين، وتدعمهم بالشكل اللائق، وتكون بحق “عقلنة دعم” تستهدف مصلحة الفقراء ومحدودي الدخل، وخاصة أن الدولة لم ولن تتخلى عن قضية الدعم، وتحقيق العدالة الاجتماعية، التي هي صلب عملها وتوجّهاتها..
لكن المطلوب فعلاً استراتيجية عمل حكومي تعيد الألق إلى موضوع الدعم، وخطط تحدّد أطر توزيع هذا الدعم، ووصوله إلى مستحقيه، أو الانتقال به من الدعم الشامل إلى دعم فئات المجتمع الأكثر حاجة، وبمعنى أدق تقويم مبدأ “العدالة الاجتماعية”.

محمد الآغا