اقتصادتتمات الاولى

مشاهدات من طمي وحقول سهل الغاب..

البدء بتنفيذ الخطة الزراعية.. و”الوزارة” تبشّرنا بإنتاج وفير قبل الانتهاء من عمليات الزراعة!؟
بدأ المزارعون بتنفيذ الخطة الزراعية للموسم الشتوي بعد بداية متعثرة لجهة غياب المازوت، ولعل المشاهد التي رأيناها ونحن نخترق سهل الغاب، من جنوبه إلى شماله ومن غربه إلى شرقه، قد تركت كبير الأثر في نفوسنا، حيث بدأت من إصرار المزارعين على حرث أراضيهم وزراعتها مروراً بمربٍّ يسوق أغنامه بحثاً عن الكلأ وانتهاء بعمال المسامك وهم ينتشلون الأسماك من البحيرات المائية.
تنفيذ الخطة الزراعية يحمل في طيّاته العديد من الرسائل التي يأتي في مقدّمتها تأمين مستلزمات المسألة الزراعية والتسهيلات التي قدّمتها الحكومة من تمويل للجمعيات الفلاحية والمزارعين المدينين للمصرف الزراعي شريطة أن يدفعوا بعضاً من مديونيتهم كبادرة حسن نية.
وزارة الزراعة لم تفوّت الفرصة فبدأت –كعادتها دائماً- بالتصريحات في وقت مبكر كقولها: إن محصولي القمح والشعير سيكونان في المقدمة وكذلك المحاصيل العطرية على حساب تراجع وتقليص محصولي القطن والشوندر الشرهين للمياه، وهذه الخطوة تسجّل للوزارة، لكن عليها أن تتريث عن حديث الإنتاج وخاصة أن نسبة تنفيذ الخطة لم تتعدَّ بعد 30%.

مراهنة!
توجّه الزراعة هذا تعتريه الشكوك لجهة تقليص مساحات القطن والشوندر ومدى التقيّد بذلك، ولاسيما في ظل غياب الرغبة لدى العديد من المزارعين في التخلي عن هذين المحصولين، إذ باتت هذه القضية في صلب نقاش محموم بين المزارعين والجمعيات الفلاحية.
وهنا نذكر أن نجاح الخطة الزراعية للموسم الشتوي يتوقف على العديد من النقاط المهمة يأتي في مقدّمتها الهطلات المطرية والموازنة المائية والظروف المناخية، ورغم العلم بذلك بدأت وزارة الزراعة وعلى لسان مدير الإنتاج النباتي فيها بالتأكيد مسبقاً أن الإنتاج هذا العام سيكون وفيراً وذا مردودية عالية، مستندة في رهانها المتوقع إلى البذار الموزع من المؤسسة العامة لإكثار البذار، لكونه معقماً ومغربلاً -كما قال- ويتناسب مع كل مناطق الاستقرار المختلفة البعلية والمروية، دون التعلم من التجارب السابقة.

تساؤلان
تعقيباً على ذلك نسأل وزارة الزراعة: متى كنا نوزع بذار قمح للزراعة غير مغربل وغير معقّم؟!،  فهذا الإجراء متبع منذ إحداث مؤسسة الإكثار حيث تقوم بعد استلام الإنتاج سنوياً من المزارعين بالغربلة والتعقيم وهذا شغلها على مدار الأشهر، وآخر مثال يدحض ذلك ولا يزال حاضراً وماثلاً أمامنا، هو بذار العام الماضي، فلماذا لم يكن وفيراً بل لماذا كان في أدنى مستوى له؟.
هذا أولاً، أما ثانياً فنسأل، وعلى ضوء عدم وجود سوى صنفين من البذار الأكثر زراعة لدينا وهما شام وأكساد، أحدهما للمساحات المروية والآخر للبعلية، ما هذا التخبّط الذي تقدّمه لنا سنوياً وزارة الزراعة؟ فهذه السيمفونية حفظناها عن ظهر قلب لتأتي النتائج عكس كل التصريحات والتأكيدات، ونخشى أو لا نستغرب أن تقدّر وزارة الزراعة منذ الآن إنتاجنا من القمح والشعير والشوندر قبل الانتهاء من تنفيذ الخطة الزراعية.

المهم والأهم
مدير عام هيئة تطوير الغاب المهندس غازي العزي قال: الأهم من كل أن ما يقال عن الخطة الزراعية هو توفير البيئة المناسبة للنشاط الزراعي،  ولاسيما أن الحكومة قد وفرت كل متطلبات الخطة بما فيها تمويل المزارعين المدينين للمصرف الزراعي، لافتاً إلى ما يمكن أن يعتري خطة هذا العام من صعوبات تتمثل في ارتفاع تكاليف الإنتاج وأجور النقل وصعوبة تأمين اليد العاملة.

عند البيدر
الخلاصة في كل الأحوال أن ما شاهدناه في رحلتنا إلى سهل الغاب من أعمال وحركة زراعية يشير إلى عزيمة المزارعين وإصرارهم على زراعة ما يرغبون فيه من محاصيل، ولذا يجب التركيز على زراعة محصولي القمح والشعير، وعلى وزارة الزراعة أن تنتظر شهر آذار حتى تتمكن من تقدير الإنتاج المتوقع وليس من الآن.
حماة – محمد فرحة